مجلس الأمن يتبنى الحكم الذاتي أساسا للتفاوض في الصحراء الغربية

مجلس الأمن يتبنى الحكم الذاتي أساسا للتفاوض في الصحراء الغربية

نيويورك – 31 أكتوبر 2025

أصدر مجلس الأمن الدولي اليوم قراراً حاسماً بشأن النزاع في الصحراء الغربية، اعتمد بموجبه بشكل واضح المبادرة المغربية للحكم الذاتي كإطار أساسي ومرجعي للمفاوضات الرامية إلى تحقيق حل سياسي دائم ومقبول للطرفين.

تم اعتماد القرار، الذي صاغته الولايات المتحدة، بأغلبية الأعضاء (11 صوتاً مؤيداً)، بينما اختارت كل من روسيا والصين ودول أخرى الامتناع عن التصويت. وقد رفضت الجزائر المشاركة في الجلسة.

يمكن تلخيص جوهر القرار وتداعياته باعتباره ترسيخا لمبادرة الحكم الذاتي، حيث أكد القرار الأممي أن خطة منح الصحراء الغربية حكماً ذاتياً تحت السيادة المغربية قد تشكل الحل الأكثر جدوى وعملية” لإنهاء الصراع الإقليمي. وبناءً عليه، دعا القرار جميع الأطراف إلى الانخراط في محادثات سياسية “تأخذ أساسها من المقترح المغربي للحكم الذاتي“.

 نص القرار على تمديد ولاية بعثة الأمم المتحدة للاستفتاء في الصحراء الغربية (مينورسو) لمدة عام إضافي، لتستمر في مهامها حتى 31 أكتوبر 2026.

ويُنظر إلى اعتماد هذه اللغة في القرار على أنه تثبيت لموقف الرباط في المحافل الدولية. هذا التكريس لمسار الحل الذي يركز على الحكم الذاتي يقلل عملياً من احتمالية العودة إلى خيارات أخرى مثل تنظيم استفتاء على تقرير المصير بمعناه التقليدي، وإن كان القرار لا يزال يدعو إلى حل يوفر تقرير المصير.

وقد رحّب المغرب بالقرار باعتباره انتصاراً دبلوماسياً تاريخياً يرسخ نهجه كحل وحيد “جدي وواقعي” للنزاع. وفي رد فعل سريع، بادر الملك بإلقاء خطاب إلى الشعب المغربي، كما دعا الرئيس الجزائري إلى الحوار وإحياء الاتحاد المغاربي لما فيه خير شعوب المنطقة.

في المقابل، من المرجح أن يصدر عن جبهة البوليساريو والجزائر إدانة ورفض قويان للقرار، باعتباره انحيازاً صريحاً للموقف المغربي وتجاهلاً لحق الشعب الصحراوي في تقرير مصيره.

يضع القرار الأطراف الفاعلة تحت ضغط متزايد للعودة إلى المفاوضات، لكنه يحدد سقفاً واضحاً لهذه المفاوضات يتمحور حول خطة الحكم الذاتي.

 النص الكامل لخطاب ملك المغرب محمد السادس

“الحمد لله، والصلاة والسلام على مولانا رسول الله وآله وصحبه.

قال تعالى “إنا فتحنا لك فتحا مبينا”. صدق الله العظيم .

شعبي العزيز، بعد خمسين سنة من التضحيات، ها نحن نبدأ، بعون الله وتوفيقه، فتحا جديدا، في مسار ترسيخ مغربية الصحراء، والطي النهائي لهذا النزاع المفتعل، في إطار حل توافقي، على أساس مبادرة الحكم الذاتي.

وإنه من دواعي الاعتزاز، أن يتزامن هذا التحول التاريخي، مع تخليد الذكرى الخمسين للمسيرة الخضراء، والذكرى السبعين لاستقلال المغرب.

وبهذه المناسبة، يسعدني أن أتقاسم معك اليوم، مشاعر الارتياح، لمضمون القرار الأخير لمجلس الأمن.

إننا نعيش مرحلة فاصلة، ومنعطفا حاسما، في تاريخ المغرب الحديث. فهناك ما قبل 31 أكتوبر 2025، وهناك ما بعده.

لقد حان وقت المغرب الموحد، من طنجة إلى لكويرة، الذي لن يتطاول أحد على حقوقه، وعلى حدوده التاريخية.

شعبي العزيز، لقد قلت في خطاب سابق، أننا انتقلنا في قضية وحدتنا الترابية، من مرحلة التدبير إلى مرحلة التغيير. فالدينامية التي أطلقناها، في السنوات الأخيرة، بدأت تعطي ثمارها على جميع الأصعدة. ذلك أن ثلثي الدول بالأمم المتحدة، أصبحت تعتبر مبادرة الحكم الذاتي، هي الإطار الوحيد لحل هذا النزاع.

كما أن الاعتراف بالسيادة الاقتصادية للمملكة، على الأقاليم الجنوبية عرف تزايدا كبيرا، بعد قرارات القوى الاقتصادية الكبرى، كالولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا وبريطانيا، وروسيا وإسبانيا والاتحاد الأوروبي، بتشجيع الاستثمارات والمبادلات التجارية مع هذه الأقاليم. وهو ما يؤهلها لتصبح قطبا للتنمية والاستقرار، ومحورا اقتصاديا بمحيطها الجهوي، بما في ذلك منطقة الساحل والصحراء.

واليوم ندخل، والحمد لله، مرحلة الحسم على المستوى الأممي، حيث حدد قرار مجلس الأمن المبادئ والمرتكزات، الكفيلة بإيجاد حل سياسي نهائي لهذا النزاع، في إطار حقوق المغرب المشروعة.

وفي سياق هذا القرار الأممي، سيقوم المغرب بتحيين وتفصيل مبادرة الحكم الذاتي، وسيقدمها للأمم المتحدة، لتشكل الأساس الوحيد للتفاوض، باعتبارها الحل الواقعي والقابل للتطبيق.

ولا يفوتنا هنا، أن نتقدم بعبارات الشكر والتقدير لجميع الدول، التي ساهمت في هذا التغيير، بمواقفها البناءة، ومساعيها الدؤوبة، في سبيل نصرة الحق والشرعية.

وأخص بالذكر الولايات المتحدة الأمريكية، بقيادة صديقنا فخامة الرئيس دونالد ترامب، الذي مكنت جهوده من فتح الطريق للوصول إلى حل نهائي لهذا النزاع. كما نشكر أصدقاءنا في بريطانيا وإسبانيا، وخاصة فرنسا، على جهودهم من أجل نجاح هذا المسار السلمي. ونتوجه أيضا بجزيل الشكر لكل الدول العربية والإفريقية الشقيقة، التي ما فتئت تعبر عن دعمها، الدائم واللامشروط، لمغربية الصحراء، وكذا مختلف الدول عبر العالم، التي تدعم مبادرة الحكم الذاتي.

ورغم التطورات الإيجابية، التي تعرفها قضية وحدتنا الترابية، يبقى المغرب حريصا على إيجاد حل لا غالب فيه ولا مغلوب، يحفظ ماء وجه جميع الأطراف. فالمغرب لا يعتبر هذه التحولات انتصارا، ولا يستغلها لتأجيج الصراع والخلافات.

وفي هذا السياق، نوجه نداء صادقا، لإخواننا في مخيمات تندوف، لاغتنام هذه الفرصة التاريخية، لجمع الشمل مع أهلهم، وما يتيحه الحكم الذاتي، للمساهمة في تدبير شؤونهم المحلية، وفي تنمية وطنهم، وبناء مستقبلهم، في إطار المغرب الموحد.

وبصفتي ملك البلاد، الضامن لحقوق وحريات المواطنين، أؤكد أن جميع المغاربة سواسية، لا فرق بين العائدين من مخيمات تندوف، وبين إخوانهم داخل أرض الوطن.

ومن جهة أخرى، أدعو أخي فخامة الرئيس عبد المجيد تبون، لحوار أخوي صادق، بين المغرب والجزائر، من أجل تجاوز الخلافات، وبناء علاقات جديدة، تقوم على الثقة، وروابط الأخوة وحسن الجوار.

كما نجدد التزامنا بمواصلة العمل، من أجل إحياء الاتحاد المغاربي، على أساس الاحترام المتبادل، والتعاون والتكامل، بين دوله الخمس.

شعبي العزيز، إن ما تعرفه أقاليمنا الجنوبية من تنمية شاملة وأمن واستقرار، هو بفضل تضحيات جميع المغاربة. ولا يسعنا هنا، إلا أن نعبر عن اعتزازنا وتقديرنا، لكل رعايانا الأوفياء، لاسيما سكان أقاليمنا الجنوبية، الذين أكدوا على الدوام، تشبثهم بمقدسات الأمة، وبالوحدة الوطنية والترابية للبلاد.

كما نشيد بالجهود الدؤوبة، التي تبذلها الدبلوماسية الرسمية والحزبية والبرلمانية، ومختلف المؤسسات الوطنية، من أجل الطي النهائي لملف وحدتنا الترابية.

ونغتنم ذكرى المسيرة الخضراء الخالدة، لنستحضر بكل إجلال وتقدير، التضحيات الجسيمة، التي قدمتها القوات المسلحة الملكية، والقوات الأمنية، بكل مكوناتها، وعائلاتهم بمختلف مناطق البلاد، طيلة خمسين سنة الماضية، في سبيل الدفاع عن وحدة الوطن، والحفاظ على أمنه واستقراره.

كما نترحم على الأرواح الطاهرة لمبدعها، والدنا المنعم جلالة الملك الحسن الثاني، أكرم الله مثواه، وكل شهداء الوطن الأبرار. والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته “.

شارك هذا الموضوع

السؤال الآن

منصة إلكترونية مستقلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: المحتوى محمي !!