“حرب” المخيمات الصيفية “تندلع” مجددا بعد غياب لسنتين

“حرب” المخيمات الصيفية “تندلع” مجددا بعد غياب لسنتين

عبد المغيث المحافظ

بإعطاء وزير الشباب والثقافة والاتصال إشارة الانطلاق الرسمي لبرنامج التخييم لصيف 2022، تكون “حرب” المخيمات، ليست بالطبع الفلسطينية، ولكن المخيمات الصيفية، قد اندلعت من جديد على الرغم من كون هذا النشاط التربوي ساهم في تنشئة أجيال متعاقبة.

 المهم أن العرض التخيميي لهذا الموسم، تضمن عدة الاجراءات قررت وزارة “حكومة الدولة الاجتماعية” اتخذها في مقدمتها تحديد عدد المخيمين في 250 ألف مستفيد في أفق الوصول الى مليون مستفيد خلال السنوات المقبلة كما تعهدت. كما تقرر رفع منحة التغذية  إلى 50 درهم، لكن مع تقليص مدة التخييم إلى 10 أيام فقط.

وشددت الوزارة على ضرورة “مراعاة التنوع والجودة وتسهيل الولوج للخدمة التربوية في وجه الطفولة في المناطق القروية، وتقوية المقاربة التشاركية في تدبير البرنامج.

ومن أجل تحقيق ذلك أعلنت عن برمجة مخيمات قارة وأنشطة القرب للأطفال (من7-15سنة) وملتقيات لليافعين (من 15- أقل من 18 سنة)، وجامعات للشباب (من 18-25 سنة) والتداريب التكوينية واللقاءات الدراسية المرتبطة بنشاط التخييم من 18 سنة فما فوق. أما على مستوى البنية التحتية فإن الوزارة ستتكلف بخدمات التأمين لفائدة المستفيدين، وإنشاء مخيمات صيفية من الجيل الجديد، وتوسيع شبكة المخيمات والرفع من جودة المطعمة.

ف”رؤية” الوزارة لتنظيم هذه المخيمات يتمثل في استثمار الوقت داخل المخيم بعيدا عن جو الاسرة والمدرسة والاستفادة من الانشطة الجماعية ذات البعد التربوي التكويني والفني واكتشاف رحابة المحيط واحترام البيئة.

ومن المقرر أن يشارك في هذا البرنامج 65 % من الجمعيات الوطنية والجهوية و25% من الجمعيات المحلية ونسبة 10% جرى تخصيصها لفائدة المؤسسات الاجتماعية.

وإذا كانت هذه أهم محاور العرض الخاص بالمخيمات صيف 2022 المقدمة من طرف قطاع الشباب التابع للوزارة، فإنه في إطار النقاش العمومي لهذا النشاط التربوي الحيوي، يمكن تسجيل عدد من الملاحظات في مقدمتها بالخصوص، أن هذا العرض جاء بعض توقف المخيمات التربوية والدورات التكوينية الخاصة بأطر هذه المخيمات لسنتين  2020 و2021، مما أثر على العمل التربوي بصفة عامة رغم ما كان من مجهودات بذلتها بعض المنظمات و الجمعيات التربوية في مجال التكوين من خلال اللقاءات عن بعد، بسبب جائحة كوفيد 19 التي أقبرت اللقاءات والتجمعات الحضورية ، مما نتج عنه نقصا  واضحا في عدد المؤطرين الذين سيتولون الاشراف على 250 الف مستفيد الحكولة التي قررتها الوزارة، مما يطرح كيفية التعامل معه في ظل توقف التداريب التكوينية التي كان يستفيد منها قبل الجائحة المئات من الشباب سنويا من مؤطري المخيمات.

بيد أن أبرز ملاحظة على قرار الوزارة هو تقليص مدة التخييم الى 10 أيام مع العلم أن المدة كانت في وقت سابق 21 يوما لتتراجع في ما بعد الى 15 يوما. هذه الايام العشرة يحسبها الممارسون في مجال التخييم بثمانية أيام اذا استثنينا يوم الوصول ويوم المغادرة .

فهذا التقليص الكبير والمدة القصيرة من الصعب أن تستجيب لأهداف المخيم والبرنامج التكويني الذي يستفيد من الاطر في التداريب الخاصة بالمخيمات التربوية. غير أن الوزارة عللت تقليص المدة يرتبط بظروف السنة المدرسية الممتدة الى يوليوز و كذلك تزامنها مع لأعياد. إلا أن السؤال المطروح هو هل سيرسم عدد الأيام التخييمية للسنوات المقبلة، أم لا يعدو أن يكون مجرد قرار  ظرفي حسب الوزارة؟

وإذا كان رفع منحة التغذية 50 درهما في اليوم لكل طفل يعد قرارا ايجابيا لصالح الأطفال ونتيجة ناضل الجمعيات التربوية الجادة من أجل الرفع منها لعدة عقود، فإنه سيساهم بالمقابل في توفير تغدية ملائمة للأطفال خلال فترة التخييم خصوصا بعد الارتفاع الصاروخي الذي شهدته أسعار المواد الغذائية.

وتظل رغم ذلك ملاحظات، سجلت في هذا الصدد، بعد اعتماد الممولين الذين تعرض بعضهم للانتقادات بسبب هزالة وجبات التغذية مما يفرض تفعيل لجن التفتيش للتأكد من مطابقة دفتر التحملات والصفقات لتوفير وجبات كافية ضمانا لتغذية صحية وسليمة، خصوصا وأن عدة منابر اعلامية تحدثت عن تهافت كبير بين لوبيات للفوز بصفقات تموين المخيمات.

اما عن اعلان مخيمات هذه السنة  فكان في أبريل  وجاء متأخرا وكان عادة ما يتم الاعلان عنه مع بداية السنة لضمان القيام بالاستعدادات اللازمة والكفيلة بإنجاح مراحل التخييم والتهييء اللوجستيكي ماديا وبشريا، خصوصا وأن قطاع الشباب يعرف نقصا كبيرا في الأطر البشرية المنخرطة في تدبير المخيمات التربوية، مما يطرح تساؤلات حول قدرة الوزارة توفير الأطر القادرة على تدبير الخمس مراحل التخييمية، ام سيكون هناك انفتاح على الجمعيات والاطر الموازية في قطاعات حكومية اخرى؟ مع العلم ان خمسة مراحل بحمولة 250 الف مستفيد، تحتاج في واقع الامر لعدد مهم من الاطر المسيرة لإنجاح المخيمات المنتشرة في مختلف ربوع الوطن.

ويطرح المتتبعون لشأن المخيمات، تساؤلات  حول الإحاطة التي عممها المكتب الجامعي الجامعة الوطنية للتخييم الشريك الأساسي للوزارة في إعداد وتنفيذ برنامج العطلة للجميع، والتي وصف فيها العرض الوطني للتخييم بأنه “تحكم أحادي الجانب”، وذلك بعد إعطاء الانطلاقة الرسمية لبرنامج التخييم والتي سبقها توقيع اتفاقية تعاون وشراكة ما بين الوزارة وهذه الجامعة في فاتح أبريل 2022 .

وانتقد المكتب الجامعي في هذه الإحاطة، قطاع الشباب بالوزارة الذي اتهمه آنذاك بأنه “أهدر الزمن منذ بداية السنة، ولم يوظفه في تأهيل  الفضاءات وفتحها واطلاق الصفقات”، مسجلا “عدم تجاوب الوزارة مع مطلب الجامعة برفع الدعم للجمعيات.

 وبعدما طالبت الجامعة الوزارة بـ”إعادة النظر في منهجية تنزيل العرض الوطني للتخييم والاستئناس بنمودج سنة 2019 على اعتباره متقدما ويوفر كل الضمانات”، دعت الى اطلاق الصفقات وفتح الفضاءات وتأهيلها للشروع في برمجة أنشطة التكوين واستصدار قانون انشطة التكوين ودليل إحداث الفضاءات بمواصفات السلامة والصحة والتغذية والبيئة.

فالمتتبع لنشاط المخيمات بالمغرب، يلاحظ وجود فتور واضح ما بين الوزارة والجامعة الوطنية للتخييم، خاصة أن بدأت الوزارة التحضير لهذا الموسم بخلق لجن ولقاءات تكوينية لأطرها التربوية والادارية استعدادا لموسم التخييم، في تغييب يكاد يكون تام لدور الجامعة واشاراكها في الاعداد وتنفيذ العرض الوطني للتخييم في هذه السنة.

ومما يزيد من طرح الاسئلة هو عدم خروج الجامعة بأي توضيحات بعد احاطة خامس ابريل لتنوير الرأي العام الجمعوي المهتم بالمخيمات حول التحضيرات القبلية، ونحن على أبواب المرحلة الاولى التي ستبدأ مباشرة بعد عيد الأضحى في  15 يوليوز وينتهى موسم التخييم في بداية شتنبر.

أكيد ان هناك لجنة مشتركة بين الوزارة والجامعة، لكن لم يصدر عنها لحد الأن أية توضيحات عن الترتيبات الاخيرة المتبعة لإنجاح مراحل التخييم سواء بالنسبة للفضاءات ومدى استعدادها لاستقبال الاطفال والفضاءات التي أغلقت هذه السنة اضافة الى مساهمة قطاعات النقل والصحة … الخ.

إن المخيمات التربوية اصبحت تحظى باهتمام كبير لما لها من دور تربوي ايجابي مؤثر على الطفولة على المدى الطويل، رغم أن الأساليب والمناهج لم تعرف تغيرات كبيرة خاصة مجال التكوين والتأطير أو توسيع لفضاءات التخييم.

لقد ظلت الجمعيات، تطالب بإصلاح منظومة المخيمات من جوانبها المتعددة سواء مناهجها أو بنياتها والرفع من اعداد المستفيدين منذ المناظرة الوطنية الأولى للتخييم في دجنبر 1974 .

 وكانت هذه المناظرة قد أسفرت في الجانب التنظيمي عن احداث اللجنة الوطنية للتخييم برئاسة المرحوم الأستاذ النقيب محمد السملالى الكاتب العام للجمعية المغربية لتربية الشبيبة (لاميج)، وضمت أبرز الجمعيات الوطنية التربوية، وجرى بعدها احداث اتحاد المنظمات المغربية التربوية، وبعدها احدثت الجامعة الوطنية للتخييم.

ويظل استفادة الطفولة والشباب من التخييم وللقاءات، جد هزيل مقارنة بالبنية السكانية الشابة إد أن أزيد من 26% من سكان المغرب لم يتعد عمرهم  14 سنة، و43% دون سن 25 سنة.يظهر هنا الخصاص الكبير قياسا لعدد المستفيدين سنويا.

Visited 49 times, 1 visit(s) today
شارك الموضوع

السؤال الآن

منصة إلكترونية مستقلة