هوكشتاين ومآل الترسيم الحدودي البحري بين لبنان وإسرائيل
حسين عطايا
تبلغ لبنان من مصادر أمريكية وعبر السفيرة دورثي شيا، بأن الوسيط الأمريكي آموس هوكشتاين سيعود إلى بيروت في أواخر الأسبوع القادم، والذي يُصادف أيضاً نهاية شهر تموز – يوليو .
لمجرد عودة هوكشتاين، ذلك يعني أنه يحمل رسالة إيجابية، خصوصاً أن هوكشتاين كان من عِداد الوفد المرافق للرئيس الأمريكي في زيارته الأخيرة لمنطقة الشرق الأوسط وإسرائيل، وكان هوكشتاين التقى على هامش الزيارة، وزيرة البنى التحتية والطاقة والمياه الإسرائيلية كارين حرار، وأبلغته عن ايجابيات الرد الإسرائيلي. وذلك يعني أن الوفدين اللبناني والإسرائيلي سيعودان قريباً إلى اللقاء مجدداً في الناقورة، في إطار المفاوضات غير مباشرة، والتي تجري في مقر الأمم المتحدة في الناقورة وبرعايتها أمريكياً لوضع اللمسات الأخيرة التقنية على الاتفاق، ليُصار فيما بعد التوقيع على الترسيم الحدودي البحري، وهذا الأمر ليس بالسهل حيث تحقق، بل نتيجة ظروف ومتغيرات إقليمية ودولية ساعدت في تسريع العجلة، من ناحية الضغوط التي أتت لكي تتمكن إسرائيل من البدء بعمليات الإنتاج مع بداية شهر أيلول – سبتمبر القادم، كونه يُشكل أهمية بالغة بالنسبة لأوروبا، حيث يُعتبر بداية فصل الشتاء، وما أدراكم الشتاء الأوروبي، والذي تحتاج فيه دول الاتحاد الأوروبي إلى الطاقة والغاز، بشكل خاص للتدفئة والكهرباء، والتي بغالبيتها تعتمد على الغاز الروسي الذي تعمل على إيجاد البدائل عنه، بالنظر لعامل الخوف من أن تقوم روسيا بلحظة ما بقطع إمدادات الغاز للمساومة على رفع العقوبات، لما للأمر من تأثير سلبي على دول الاتحاد الاوروبي من مختلف الجوانب .
يإضافة إلى هذا، خوف إسرائيل من دخول روسي على خط تصدير الغاز الإسرائيلي عبر حزب الله، من ناحية ما جرى في الأسابيع الماضية، بدءاً من المُسيّرتين اللتين أرسلهما حزب الله باتجاه حقل كاريش، يُضاف عليهما الخطاب الناري الذي صدر عن الأمين العام لحزب الله حسن نصرالله، في أنه ممنوع على إسرائيل استخراج نفطها وغازها ولبنان لا يستطيع، قد يكون هذا أحد الأسباب التي أدت إلى تسريع الأمور أن تنحو باتجاه تخلي إسرائيل عن بعض شروطها واتجاهها نحو تسريع أعمال الترسيم ما قبل شهر ايلول – سبتمبر .
كل هذا قد يكون مصدراً إيجابياً للبنان، خصوصاً ما تناقلته وسائل الإعلام والتواصل عن تصريح صادر عن شركة توتال الفرنسية، بأنها على استعداد للبدء بالحفر في حقل قانا والبلوك رقم ٩، في حال سارت الأمور بهدوء وسلاسة من خلال الاتفاق اللبناني الاسرائيلي على ترسيم الحدود البحرية فيما بينهما، وبالتالي هذا الأمر يُعطي بوادر إيجابية لشركة توتال وباقي الشركات الغربية التي قد تأتي إلى لبنان للمشاركة في التنقيب عن النفط والغاز بالمنطقة الاقتصادية البحرية الخالصة للبنان، وهذا قد ينعكس إيجابياً حتى على المفاوضات مع صندوق النقد، وقد تُفتح الأبواب مجدداً لعودة النهوض الاقتصادي للبنان بعد سنوات العهد العِجاف الست، التي مضت بعهد ميشال عون، والتي كانت مليئة بالهدم والدمار الاقتصادي، وعلى مستوى الإدارات والمؤسسات في الدولة اللبنانية وعمليات النهب المنظمة للمال العام في وزارة الطاقة، التي تعاقب عليها وزراء تيار الرئيس ميشال عون وصهره جبران باسيل منذ العام ٢٠٠٩، خصوصاً في مؤسسة كهرباء لبنان، ورفض وزرائهم المتعاقبين القيام بالخطوات الإصلاحية في هذا الصدد، لاسيما في موضوع تعيين الهيئة الناظمة لقطاع الكهرباء، كما في إقامة السدود والتي فشلت بمجملها عن أن تكون محطات توفير المياه وقد ذهبت مئات الملايين من الدولارات والناتجة عن قروض وهبات إقليمية ودولية تم هدرها في غير مكانها الصحيح. وسد بلعة والمسيلحة من أهم الأدلة والبراهين على فشل وزراء تيار العهد وصهره في القيام بإنجازات فعلية على أرض الواقع، بل إن ما حصل كان عبارة عن نهب مُنظم للمال العام عبر التلزيمات للسماسرة والأزلام والمحاسيب الوحيدين المستفيدين.
وهنا قد يكون هذا هو الإنجاز الوحيد واليتيم الذي تم في عهد ميشال عون هو ترسيم الحدود البحرية مع إسرائيل، وذلك نتيحة لظروف خارجية أحاطت بالمسألة وفرضت الوصول إلى هذه النتيجة، ليفاخر العهد القوي بكونه حقق إنجازاً في السنوات الست العِجاف من عهده في حُكم لبنان.