تدقيق: التنميةُ أرقامٌ… والتخلفُ أرقامٌ!
د. محمد الشرقاوي، واشنطن
أبدأ بسلسلة حقائق تسير على قدميها، ولها بطاقاتها الوطنية وأختام التوثيق الرسمي محليًا ودوليًا:
* غيابُ جامعات المغرب عن مؤشّري شنغهاي و”كيو إس” QS وغيرهما من تصنيفات أفضل الجامعات في العالم.. حقيقةٌ أولَى!
*ضعفُ ميزانية البحث العلمي من عبد المالك السعدي في تطوان إلى الجامعة الدولية في العيون.. حقيقةٌ ثانيةٌ!
* تهافتُ أصحاب النفوذ على “وزيعة” الميزانية العامة بين الوزارات والهيئات والجامعات الرياضية كل عام.. حقيقةٌ ثالثةٌ!
* طباخُ الدّار يراعي مصلحة أهل الدار في ضمان أولوية الأولويات، وهو أَوْلَى بالملايين لجامعته القَدَمِية وفروعها بين الرباط والعيون.. حقيقة رابعةٌ أيضا!
*لو تساوت مؤسسات البحث العلمي المغمورة في جامعات شحيحة الإمكانيات مع جامعة كرة القدم في مخصصاتها ومستويات إنفاقها السخي لوضع المغرب رجله خارج دائرة التخلف: خلاصةٌ واقعيةٌ وعلميةٌ تؤكدها نتائج تجارب سابقة في سنغافورة وكوريا الجنوبية وتايوان واليابان ودول أخرى كانت في مثل أوضاعنا وقلة مواردنا قبل خمسين عاما. بيد أنّها آمنت بجدوى إنتاج المعرفة وفعالية البحث العلمي، وأمّنت مواردَه وحمتْ صرامتَه، فأصبحت في مصاف الدول المتقدمة في بداية القرن الجديد.. حقيقةٌ خامسةٌ بتأكيدات دولية!
* قبل عام في الولايات المتحدة، عندما أعدّت حكومة بايدن مشروع الميزانية بمجموع 6 تريليونات دولار لعام 2022، طلبت من أعضاء الكونغرس زيادة ميزانية الإنفاق الفيدرالي على البحث والتطوير بنسبة 9 بالمئة إلى 13.5 مليار دولار، وأيضا رفع الإنفاق على الأبحاث الأساسية بنسبة 10 في المئة إلى 47.4 مليار دولار، فيما تزيد ميزانية الأبحاث التطبيقية بنسبة 14٪ (6.3 مليار دولار) إلى 51.1 مليار دولار. حقيقة سادسة لمن يعتمد منطق المقارنة.
* تتمسكُ أبحاثي بتقصّي المعطيات من مصادر أولية وثانوية، وتتعقبها في منشورات متفرقة أيضا، واعتماد منهجيتيْ التحليل النوعي والكمي. اطلعتُ من جديد على منشور رسمي لوزارة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار بعنوان “التعليم العالي في أرقام 2021-2022”. وتظهر الأرقام أنّ ميزانية دعم البحث العلمي في المغرب بلغت 104,303 مليون درهم، أي بنسبة 0.92 بالمئة، من ميزانية عام 2011. وزادت إلى 114,70 مليون درهم، أي بنسبة 0.92 بالمئة، من ميزانية 2022. هذه أرقام ونسب واضحة من فم الأسد، ولا يزايد أحد على مسؤولي الوزارة.. حقيقة سابعة أخرى..!
* انتقلتُ إلى موقع الجامعة المغربية لكرة القدم https://site.frmf.ma/category/communiques-media. وخلال اطلاع متريث على العناوين والعناوين الفرعية، كثرت الصفحات والمعطيات وتنوعت بين “المكتب المديري وأعضاء اللجان الدائمة والخاصة”، و”المنتخبات الوطنية”، و”المسابقات”، و”الادارة الوطنية التقنية”، و”التحكيم”، و”إعلام”، و”روابط”، و”وظائف”، و”وسطاء”، و”دليل المسؤولية الرياضية”، “إتصل بنا”، والأرشيف”.
* حضر كل شيء، وغابت صفحة الميزانية وأوجه الإنفاق. جامعة الجامعات لا تعلن ميزانيتها.. حقيقة ثامنة أخرى يستعرضها الموقع الرسمي ويتفادى الشفافية.
* جدلٌ محتدمٌ بشأن ميزانية صاحب “الهزائم المبررة” و”البطولات المؤجلة” تناولته عشرات المقالات بالعربية والفرنسية والانجليزية والإسبانية خاصة منذ هزيمة الفريق الوطني باكرا في منافسات “كأس العرب” قبل عام. ويبقى سجل الإنفاق على حركة الأقدام في الملاعب ضبابيا كضباب الدّخان المنبعث من أنف صاحب “الشفطة” النهمة من سيجارة التحدي لأعراف الرياضة وسط حرمة الملاعب.. حقيقة تاسعة أخرى تسأل: هل من شفافية بين تحضير الميزانية.. وإنفاقها… وتبرير إنفاقها… وتنقيح السجلات والأرقام؟
* مصادر أجنبية محايدة وبعيدة عن الرباط لا تتوقف عند غياب الأرقام الرسمية، وتقول بالحرف الواحد: “كان هناك العديد من الانتقادات والخلافات من قبل ملايين المغاربة ضد الجامعة الملكية لكرة القدم ورئيسها فوزي لقجع، وتبلغ ميزانية هذه الجامعة في موسم رياضي واحد نحو 880 مليون درهم (100 مليون دولار)”.. حقيقة عاشرة لا ينازعها الحانقون على أي انتقاد لقائد مظلل بظلال إسم “الجامعة الملكية..”
* الحقيقة الحادية عشرة وهي اقتباس من مقولة للشاعر البولندي الأمريكي تشيسلاو ميتوش:
“في غرفة يحافظ فيها الناس بالإجماع على مؤامرة الصمت، تبدو كلمة الحقيقة وكأنها رصاصة مسدس.”
<
p style=”text-align: left;”>“In a room where people unanimously maintain a conspiracy of silence, one word of truth sounds like a pistol shot.”― Czesław Miłosz