قيس ملوح الجزائر وفرنسا يطعن ظهر المغرب

قيس ملوح الجزائر وفرنسا يطعن ظهر المغرب

إسماعيل طاهري

الرئيس التونسي “المحترم” قيس سعيد يطعن المغرب دولة وشعبا وراء الظهر وفي غفلة من الجميع، عندما استقبل زعيم مرتزقة البوليزاريو الانفصالية استقبال الرؤساء على البساط الاحمر في المطار وفي أرائك القصر الرئاسي(قرطاج)، بل طعن تاريخيا مشرفا للحكومات التونسية المتعاقبة منذ استقلالها والتي كانت تدافع عن الوحدة الترابية للمغرب وتعمل حسب المتاح على تعزيز التقارب بين الدول المغاربية, وكانت تتطلع للعب دور سويسرا العربية، وكانت تناصر بقوة فكرة اتحاد المغرب العربي وجعلته مادة دستورية.

تحول رئيس تونس المفاجئ جاء مقابل إغراءات جزائرية بدعم المالية العمومية التونسية عبر فتح الحدود وعقد صفقات تجارية وإذكاء غروره بالسيطرة وشرعنة حكمه، وهو الذي وصف بقذافي تونس الجديد.

الرئيس قيس سعيد الذي يدفع بتونس نحو المزيد من القلاقل بعد انقلابه على الثورة الأولى التي أطلقت شرارة الربيع العربي، واطاحت بأنظمة دكتاتورية في عدة دول عربية وابرزها تونس نفسها. ودفعت بالاصلاحات الديمقراطية في أخرى. كما انقلب على البرلمان ومن خلاله على الدستور الذي صاغه مجلس تاسيسي هو الاول من نوعه في البلاد العربية منذ استقلالها.

بل وفرض بشكل غير ديمقراطي دستورا ممنوحا صوتت عليه أقلية من الناخبين فيما قاطعته مختلف القوى الحية في المجتمع التونسي من ليبراليين ويساريين.

ورغم المشاكل الداخلية التي يتخبط فيها نظام قيس سعيد الذي يكرر تجارب حكم  الدكتاتوربين.

فإن هذا الرئيس الملوح بالجزائر وفرنسا الفصيح، فصاحة تثير التقزز، انبرى ليفتح جبهة على مستوى السياسة الخارجية بالاعتداء على وحدة المغرب وحرمة سيادته للتقرب من نظام عسكر الجزائر غير الديمقراطي الذي جعل معاداة المغرب من مقومات وثوابت، بل ومقدسات الدولة التي تطمح أن تتحول الى أمة بطرق غير مشروعة وغير شرعية. بل حولت هذه المعاداة لكل ما هو مغربي الى عقيدة سياسية وربع سياسي لادامة السيطرة على الحكم. 

كما تحولت هذه المعاداة الى عقدة نفسية ووجها آخر شبيها بحرب الذاكرة التي قال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بشأنها إنها تحولت الى ربع سياسي لاستمرار النظام الحاكم في الجزائر. 

لكن علاقات تونس والمغرب ظلت مستقرة لعقود، وكانت قرطاج تساند الوحدة الترابية للمغرب علانية، كما أنها تشبه المغرب من حيث وجود هامش ديمقراطي في عهد بورقيبة لكنه تقلص بعد انقلاب زين العابدين بن علي عليه في السابع من نونبر 1987 ليتحول النظام الى نظام بوليسي يجتث معارضيه بالقوة من إسلاميين ويساريين ونشطاء حقوق الإنسان، لكن رافق عهد بن علي انتعاش اقتصادي وتوسع دائرة التعليم وتوسع حجم الطبقة الوسطى مما جعل تونس في مناى عن التبعية في سياستها الخارجية لاي محور إقليمي. لكن التدهور الاقتصادي والإضطراب السياسي الذي عاشته منذ قيام ثورة الياسمين في 2011 بالإضافة إلى مخلفات جائحة كورونا أثر سلبا على الوضع الاقتصادي والاجتماعي وبالتبعية أثر على سيادة القرار مع صعود الرئيس المثقف القانوني اللاعضوي الى الرئاسة الذي لا يسنده أي تيار فكري أو حزب سياسي داخل المجتمع، فهو لقيط سياسيا لذلك دخل في مواجهة مع نقابة اتحاد الشغل والطبقة السياسية ومجمل الأحزاب الوطنية والديمقراطية تعارضه، كما تورط في عدة أخطاء تدبيرية في ملف القضاء مما خلق اضطرابا سياسيا يصعب التنبؤ بمال إيجابي له في الأمد المنظور.

على مستوى السياسة الخارجية فالديكتاتوريات تتحالف في أيديولوجية الانتهازية والوصولية وتبرير كل شيء للبقاء في السلطة ولو على حساب مصالح شعوبها وتطلعاتها المشروعة الى التنمية والديمقراطية.. وقيس سعيد ارتكب خطأ سياسيا كبيرا لم يسبق لتونس أن سقطت فيه وهو تدمير أسس اتحاد المغرب العربي الذي لم يؤمن به حقا الا المغرب وتونس، أما الجزائر فظلت تحاربه عبر اختلاق ملف الصحراء الغربية لكي لا يطالب المغرب باسترجاع الصحراء الشرقية التي تحتلها الجزائر بالنيابة عن فرنسا. وتونس كانت واعية بان مفتاح الحل بالنسبة لكل مشاكل المنطقة السياسية والاقتصادية هو ملف الصحراء. وظلت تلعب دور الناصح والوسيط النزيه.

فكيف تتورط الرئاسة التونسية في هكذا أجندة ضد المغرب الذي كان دائما الى جانبها؟

فلم يسجل علي المغرب الرسمي أو غير الرسمي أن أساء اليها اقتصاديا وسياسيا وثقافيا. وكأن يعتبر منافستها له في الاسواق الأوروبية مدعاة لتطوير جودة منتوجاته الفلاحية والصناعية والسياحية. لكون اقتصادهما يتشابهان من حيث التنوع خلافا لاقتصادي الجزائر وليبيا المعتمدين على البترول والربع النفطي.

وهذه مناسبة للتذكير بكون زعيم التحرير التونسي الحبيب بورقيبة سبق له أن طالب باستعادة الأراضي التونسية المحتلة من طرف فرنسا سنة 1959 وتبلغ مساحتها 13الف كلمتر مربع على الحدود الغربية لتونس، وهذه الاراضي لازالت لحد الآن تحت سلطة الإدارة الجزائرية.

ولو كان لدى قيس سعيد حسن وطني لطالب بهذه الأراضي التي لازالت الأنتلجينسية التونسية تطالب بها. ولكن الذي يفرط في سيادة بلاده وحرمة دستورها وقيم ثورتها، لا ينتظر منه احترام سيادة غيره.

Visited 8 times, 1 visit(s) today
شارك الموضوع

اسماعيل طاهري

كاتب وباحث من المغرب