العراق: تكرار السيناريو السيريلانكي ومواجهات بين الحشد وانصار الصدر
السؤال الآن ــــ وكالات وتقارير
تكرر مشهد سيريلانكا في العراق اليوم باقتحام مؤيدي زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر القصر الجمهوري، بعد إعلانه اعتزاله نهائياً العمل السياسي على وقع الأزمة السياسية الحادة التي يشهدها العراق، إذ توجّه أنصاره إلى المنطقة الخضراء المحصنة في العاصمة بغداد، واقتحموا القصر الرئاسي، ما دفع الأمن إلى إطلاق الغاز المسيل للدموع لتفريقهم، والسيطرة مجدداً على المقر.
وحاول أنصار التيار الصدري الغاضبون التوجه نحو مقر البرلمان أيضاً، إلا أن القوات الأمنية أغلقت بوابات المنطقة الخضراء، لمنع دخول مزيد من المحتجين.
كما أعلنت القوى الأمنية حظر تجول شامل في بغداد، إلا أن ذلك لم يوقف تدفق مؤيدي الصدر. في الوقت الذي أكد فيه عدد من المحتجين المجتمعين داخل المنطقة الخضراء أن خطوات تصعيدية ستنفذ في الساعات القادمة.
وافاد مراسلون صحفيون من بغداد عن اصابة عدد من المتظاهرين، بسبب إطلاق النار والرصاص الحي في الهواء من قبل عناصر في الحشد الشعبي، فيما اشتبك بعض مؤيدي الصدر مع مجموعات مدعومة من إيران، بحسب ما أفادت وكالة رويترز.
وعمدت عناصر مجهولة إلى الاعتداء على مراسلي وسائل الإعلام في الموقع.
وأعلن النفير العام في مدينة الصدر تضامناً مع الزعيم الصدري، وسط توقعات بأن تشهد مناطق أخرى أيضاً خروج عدد من التظاهرات أيضا، لاسيما في المحافظات الجنوبية، كواسط وميسان وذي قار والبصرة وغيرها، حيث يحظى بتأييد واسع. علماً أن محتجين خرجوا في البصرة، وأغلقوا عدداً من الطرقات بالإطارات المشتعلة. كما دخل مؤيدو الصدر مبنى محافظة ذي قار، وسيطروا عليه. كذلك سيطروا على مبنى المحكمة في ميسان.
ورجح بعض المراقبين أن تشهد البلاد نوعاً من العصيان المدني.
وجاءت تلك التطورات بعدما أوضح الصدر في تغريدة على حسابه في تويتر، اليوم الاثنين، أنه قرر الاعتزال نهائياً، وغلق كل المؤسسات الخاصة بتياره عدا المرقد والمتحف وهيئة التراث. كما لمح إلى أن حياته قد تكون مهددة بسبب مشروعه الإصلاحي، مطالباً أنصاره بالدعاء له في حال مات أو قُتل”. فيما أعلنت اللجنة التنفيذية لاعتصامات التيار الصدري انتهاء سيطرتها على تظاهرات الشارع، ما يفتح المشهد العراقي على كافة الاحتمالات. كما منع مكتب الصدر أنصاره من رفع الأعلام والشعارات والهتافات السياسية أو الحديث باسم التيار في وسائل الإعلام ومنصات التواصل، مغلقا جميع الحسابات.
يشار إلى أن خطوة الاعتزال هذه تأتي في وقت حساس في البلاد، لاسيما أن الأزمة السياسية المستمرة منذ الانتخابات النيابية الماضية التي جرت في العاشر من أكتوبر (2021)، تفاقمت في يوليو الماضي (2022) مع احتدام الخلاف بين التيار الصدري والإطار الذي يضم نوري المالكي، وتحالف الفتح، وفصائل وأحزاباً موالية لإيران.
وقال مراسل الجزيرة سامر يوسف في بغداد إن قوات الأمن أطلقت النار بشكل كثيف داخل المنطقة الخضراء في بغداد، وأستطاعت السيطرة على القصر بعد طرد المتظاهرين منه. وأضاف يوسف أن قوات الأمن أوقفت طاقم الجزيرة لعدة دقائق وهشمت الكاميرا الخاصة بهم قبل أن تقوم بطردهم من محيط القصر الحكومي.
وقبل ذلك بساعة، فرقت القوات العراقية بقنابل الغاز المدمع وخراطيم المياه، أنصار التيار الصدري الذين حاولوا اقتحام مقر الإقامة الرئاسي. وأغلقت القوات الأمنية العراقية جسري الجمهورية والسنك وسط بغداد والطريق المؤدي إلى مبنى التلفزيون الحكومي. ودعت قيادة العمليات المشتركة العراقية المواطنين للتعاون التام مع الأجهزة الأمنية كافة والالتزام بحظر التجوال والابتعاد عن الشائعات المغرضة. وأضافت في بيان أن القوات الأمنية تؤكد مسؤوليتها عن حماية المؤسسات الحكومية والبعثات الدولية، وأضافت أنها تقوم بواجبها في حماية الأمن والاستقرار. وأِشارت إلى أن القوات الأمنية التزمت أعلى درجات ضبط النفس لمنع التصادم أو إراقة الدم العراقي.
وأفادت وكالة الأنباء العراقية أن قائد عمليات بغداد أصدر توجيها بتعزيز الحماية للدوائر الحكومية والمصارف.
وقرر رئيس الحكومة العراقية مصطفى الكاظمي تعليق جلسات مجلس الوزراء إلى إشعار آخر بسبب دخول متظاهرين لمقر المجلس، وأعلن حالة الانذار القصوى في بغداد لكل القوات الأمنية. ودعا الكاظمي في بيان المتظاهرين للانسحاب الفوري من المنطقة الخضراء والالتزام بتعليمات القوات الأمنية، كما طالب مقتدى الصدر للمساعدة في دعوة المتظاهرين للانسحاب من المؤسسات الحكومية.
وقال رئيس الوزراء العراقي إن تجاوز المتظاهرين على مؤسسات الدولة يعد عملا مدانا وخارجا عن السياقات القانونية، منتقدا ما أسماه تمادي الخلاف السياسي ليصل إلى لحظة الإضرار بكل مؤسسات الدولة.
من جانبه دعا حيدر العبادي رئيس الوزراء السابق ورئيس ائتلاف النصر العراقي إلى التهدئة وضبط النفس وعدم الانجرار خلف الفتن التي أقبلت. وطالب العبادي العراقيين إلى التكاتف ومنع التجاوزات على الحقوق الخاصة والعامة.
وذكر بيان لرئاسة الجمهورية أن الرئيس العراقي برهم صالح عقد اجتماعا اليوم، بحضور الكاظمي ورئيس البرلمان محمد الحلبوسي ورئيس مجلس القضاء الأعلى القاضي فائق زيدان، لبحث المستجدات على الساحة الوطنية.
وأكد المجتمعون أن “الحفاظ على الأمن والاستقرار والمسار الديمقراطي والدستوري في العراق واجب جميع العراقيين، كما هو واجب مؤسسات الدولة والقوى السياسية الوطنية، وأن الحوار البنّاء هو الطريق السليم لإنهاء كل الخلافات الحالية، حفاظا على مقدرات البلاد”.
كما شددوا على التقدير العالي لمبادرات الإصلاح على كل المستويات وتطوير عمل المؤسسات المختلفة ومحاربة الفساد، وضرورة أن يأخذ الحوار الوطني مداه لمناقشة كل ما من شأنه ترجمة تطلعات الشعب إلى واقع فعلي.
وكان زعيم التيار الصدري اقترح -السبت الماضي- أن تتخلى “جميع الأحزاب” عن المناصب الحكومية التي تشغلها، للسماح بحل الأزمة السياسية في العراق.