سفير فرنسا القادم والمشي على البيض
باريس- المعطي قبال
ليست مهمة السفراء التنقل بين المآدب والحفلات لاحتساء كؤوس الشامبانيا وتناول النقانق، بل مهمتهم الدعاية لدولتهم بغية تعزيز نفوذها، لغويا، اقتصاديا وسياسيا في البلدان المعتمدين لديها. ولا تحتمل مهامهم الزلات ولا الانزلاقات بل وحتى فلتات اللسان. أما إذا قام السفير أو السفيرة بأفعال شنيعة فسيوقع “موته” بيده. وفي هذا الباب تألق دفيد غوفرين، رئيس البعثة الدبلوماسية الإسرائيلية بالرباط الذي تضاربت في شأنه اتهامات تتعلق بالفساد والتحرش الجنسي.
على أي السفراء مرآة لبلدانهم والمطلوب منهم تمثيلها أحسن تمثيل. وأفضل سلوك ينتهجه السفراء المحترفون هو العمل في الخفاء، أي عدم الظهور والاستظهار والاحتراس من فلتات اللسان وإطلاق الكلام على عواهنه كما حصل للسفيرة الفرنسية بالمغرب هيلين لوغال، في قضية مغني الراب طوطو. في ظرف 3 سنوات على رأس سفارة فرنسا بالمغرب راكمت هيلين لوغال أصعب الملفات الديبلوماسية من دون أن تجد لها حلا مثل ملف التأشيرات والموقف الفرنسي من قضية الصحراء المغربية وما عقبها من شطط تونسي ثم قضية الإمام المخفي، حسن إقويسين، وقضية الهاكرز راولت،
يذكر أن هيلين لوغال عينت سفيرة للمغرب مباشرة بعد انتهاء مهمتها بإسرائيل التي مثلت خلالها فرنسا لمدة 3 سنوات. في الوقت الذي تستعد السفيرة مغادرة المغرب، لمهمة أكثر تقنية بقسم إفريقيا الشمالية والشرق الأوسط، تترقب وزارة أوروبا والشؤون الخارجية قرار الرئيس ماكرون واختياره للسفير الجديد الذي سيخلف هيلين لوغال التي ستصبح مديرة إفريقيا الشمالية والشرق الأوسط للمصلحة الأوروبية للنشاط الخارجي. ومن المنتظر أن يعلن عن الاسم الجديد في منتصف سبتمبر.
ينظر الخبراء إلى هذا التعيين كمهمة مستحيلة، بل هدية مسمومة للشخص الذي سيقع عليه اختيار الرئيس، وذلك بالنظر إلى العلاقات المتوترة بين الطرفين. في حالة زيارة ماكرون للمغرب كما أشيع، هل سيعهد ماكرون لكاترين كولونا، وزيرة أوروبا والشؤون الخارجية بمهمة زيارة المغرب تمهيدا لإزالة العقبات السيكولوجية لضمان حوار بناء بين الطرفين؟
على أي تتضمن قائمة المرشحين لمنصب سفير فرنسا بالمغرب 5 أسماء أربعة رجال وامرأة، سيحسم الاختيار فيها الرئيس ماكرون. على رأس القائمة تأتي ماريون باراداس، نائبة الرئيس للعلاقات الدولية لمؤسسة تاليس منذ 2018. وتجمع بين عدة خبرات منها الاستخباراتي بالسكرتارية العامة للدفاع والأمن الوطني، الطاقة النووية والدبلوماسي بالأمم المتحدة.
برينو فوشي هو المرشح الثاني الذي عمل سفيرا بالتشاد، طهران، بيروت وقد عهدت له اليوم مهمة الإشراف على الانتقال السياسي بالتشاد.
ثالث مرشح هو كريستوف غيلو عمل بالكاميرون، دجيبوتي، وسبق أن عمل مستشارا أولا بالإمارات العربية المتحدة ثم بسوريا. ورد اسم كريستوف فارنو الذي مثل فرنسا بإفريقيا الجنوبية وكان مديرا لإدارة إفريقيا الشمالية والشرق الأوسط بوزارة الخارجية.
آخر الأسماء المقترحة هو أوليفييه بوافر دارفور السفير السابق لفرنسا بتونس من 2016 إلى 2020 .
امرأة وأربعة رجال لمنصب واحد، لا يكفي لوحده لتحديد، من جديد، آفاق العلاقات الثنائية الاستثنائية بين البلدين، تذويب الجليد وإعادة الثقة إلى الأنفس. بما أن الرئيس ماكرون شغوف بالتاريخ وبالذاكرة، فما عليه سوى مراجعة تاريخ المغرب للتأكد من أنه لا يطالبه بالغفران أو التكفير عن ذنوب الماضي، كما هو حال الجزائر ، بل يطالبه بالتعرف على ثرائه، شعبه، وحدته في تنوعه وانفتاحه في وجه المستقبل والجيران. وعلى السفير الجديد أن يكون بدوره على إلمام جيد بهذه المعطيات.