لبنان في زمن الاستحقاقات

لبنان في زمن الاستحقاقات

حسين عطايا

يعيش العالم مجموعة أزمات ناتجة عن الحرب الروسية الأوكرانية وتداعياتها من مشاكل على مستوى النفط والطاقة وأزمة غذاء عالمية، لاشك بأنها تؤثر على البلدان النامية ولاسيما لبنان، الذي يعيش أزمات لا مثيل لها منذ تأسيسه قبل مئة عام .

في هذا الوقت يعيش لبنان على وقع ساعة الاستحقاقات، والتي تُعطي للأزمات بُعداً مختلفاً عما تعيشه بقية دول العالم، البعيدة منها أو تلك القريبة من لبنان .

فأزمة الغذاء والنفط وارتفاع الأسعار، وازدياد نسبة التضخم عالمياً وإقليمياً، بينما في لبنان الوضع مختلف تماماَ عما تعيشه بقية دول العالم، التي تمتلك مؤسسات تقود العمل الحكومي والإداري، بينما في لبنان أجهزة الدولة فيه تتحلل، وتعيش إداراته على مختلف مستوياتها إضرابات غير مسبوقة، وانهيارات كُبرى للعملة الوطنية، حيث تهاوت وتدنت أسعار صرفها مقابل العملات الأخرى، وعلى رأسها الدولار الأمريكي، مما ينعكس سلباً على مستوى حياة اللبنانيين، الذين لا زالت رواتبهم على أساس أسعار الدولار الذي سبق الأزمة، مما يضغط على حياة اللبنانيين على كافة المستويات .

في كل هذا السواد لاشك أن هناك بعض نِقاط مضيئة، قد تُشكل بارقة أمل في حال تم التعاطي معها بروح المسؤلية وبمهنية عالية، قد تساهم في الوصول الى خواتيمها السعيدة .

الأول: موضوع ترسيم الحدود البحرية:

وقد أصبح التفاوض بصدده في أمتاره الأخيرة، بعدما قدم لبنان كل الأجوبة على الاستيضاحات والمقترحات التي تقدم بها الوسيط آموس هوكستين، وخصوصا فيما يتصل بالمنطقة الأمنية التي طرحها هوكستين بناء على رغبة إسرائيلية لحماية منتجعاتها في منطقة نهاريا والساحل الفلسطيني المحتل، فتقدم لبنان بمقترحاته فيما خص المنطقة الأمنية، واليوم أصبحت الكرة بالملعب الإسرائيلي بانتظار الرد، وفي حال توفرت الموافقة على ما طرحه لبنان من صيغة، يكون الانتظار في الرد الخطي من قِبل الوسيط الأمريكي في مرحلة قريبة جدا، وبالتالي قد يتم التوقيع في غضون أيام وليس أسابيع .

الثاني: موضوع الاتفاق مع صندوق النقد الدولي:

في هذا الموضوع، كان لافتاً البيان الذي صدر عن وفد صندوق النقد، والذي يُعتبر شديد اللهجة حول تقصير السلطات اللبنانية، والذي التقى عدداً من المسؤلين اللبنانيين، كان آخرهم رئيس الجمهورية، وبالتالي أشار البيان إلى التقصير الفادح من السلطات اللبنانية، التي لم تُتم القيام بما هو مطلوب منها من تشريع القوانين الضرورية للإصلاح، المطلوبة للولوج في الاتفاق النهائي مع إدارة الصندوق، مما يفتح الطريق أمام الثقة التي يتطلبها دخول دول شقيقة أو صديقة على خط المساعدات الدولية للبنان، والتي من دون موافقة صندوق النقد لن يجد لبنان من يمد يد العون والمساعدة.

إذاَ، لبنان يعيش لحظات صعبة، بينما هو يسعى لتمرير استحقاقات دستورية أضحت قريبة جداً، ومنها انتخاب رئيس جمهورية جديد، كما هو مطلوب حل إشكال من سيخلف رئيس الجمهورية ويتحمل مسؤليات الصلاحيات الرئاسية في وقت الشغور الرئاسي، فيما لو لم يتم انتخاب رئيس جديد ضمن المهل الدستورية المرعية الاجراء، وبذلك يكون أيضاً البرلمان اللبناني في طور تحوله إلى هيئة ناخبة، مما يقف عائقاً أمام إقرار القوانين المطلوبة والضرورية الإصلاحية لتمرير الوصول إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولي، يفتح الباب أمام رزمة من المساعدات والهبات التي تمنح للبنان فسحة أمل، لذلك كان مُلحاً السعي لتعويم الحكومة الحالية مع بعض التعديلات الطفيفة على عدد من الوزراء، تُراعي التغيير الذي حصل نتيجة انتخابات أيار – ماي من هذا العام، خصوصا فيما لو توافق الأمر مع وصول ترسيم الحدود البحرية الجنوبية، مما يُشكل فاتحة طريق لدخول البلد منتدى البترول والغاز ويمكنه من قدرات اقتصادية واعدة، قد تُساعد وتُساهم في تحسين وتطوير الحياة الاقتصادية اللبنانية، ومنح دفعة قوية وفورية للقفز نحو الافضل.

Visited 11 times, 1 visit(s) today
شارك الموضوع

حسين عطايا

ناشط سياسي لبناني