الطائرات المسيرة تغزو سوق الانتحار 

الطائرات المسيرة تغزو سوق الانتحار 

باريس- المعطي قبال

في مجال طائرات اللوكوست المسيرة، تتمتع تركيا وإيران بسبق تكنولوجي فاجئ الجميع وبالأخص القوى العظمى التي تحسب لهذا السلاح ألف حساب. مع هذه الطائرات الخفية لاتنزل على الرؤوس أحجار ترسلها طير أبابيل بل تتهاطل قنابل فتاكة لا تميز بين الجنود والأطفال والنساء من دون أن تستثني المباني والعمارات. إنه تطبيق لنفس نظام أفلام الخراب الافتراضية.

تختلف هذه الطائرات عن الطائرات المسيرة الثقيلة التي يستعملها الأمريكيون ضد إرهابيي القاعدة وداعش على غرار  الصاروخ من طراز “هلفاير” Hellfire R9X، المزود بست شفرات ويمزق هدفه دون أن ينفجر والذي استعمله الأمريكيون لتصفية أيمن الظواهري. لكن مثل هذه الطائرات الصواريخ يتوقف استعمالها الحصري من طرف الاستخبارات الأمريكية ومن طرف البانتغون فيما تبيع تركيا وإيران طائرتها للدول التي تسعى إلى تنويع مصادر تسلحها.

هكذا تحولت تركيا إلى مصدر رئيسي لتسلح المغرب والجزائر بهذه الطائرات الانتحارية الفتاكة. إذ اقتنت هذه الأخيرة طائرة «مال» المسيرة والتي تم تشغيلها لأول مرة بتركيا عام 2021. وتقوم الطائرة بمهام المراقبة والاستعلام أو الهجوم. تفوق قدرتها الشاحنة بكثير قدرة بيرقدار ت-ب 2 التي اقتناها المغرب. كما أن شراء نظام أكسونغور قد ينافس نظام وينغ لونغ الصيني الذي يملكه المغرب الذي عزز أسطول طائراته المسيرة بأنظمة هيرون، تندر ب الإسرائيلية ويستعد لشراء أنظمة هيرميس الإسرائيلية وبريداتور الأمريكية. لقد أظهرت الحرب بأوكرانيا أن الطائرات المسيرة تملك قوة الحسم في الميدان. باستعمال طائرات «شاهد 136» الإيرانية أحدثت القوات الروسية خسارات فادحة في صفوف الجيش الأوكراني وفي صفوف المواطنين.

ثمة فلاسفة ومحللين سياسيين انكبوا على مساءلة فلسفة الطائرة المسيرة وخلصوا إلى نتيجة أنها «الصورة الحديثة للشر» كما أكد الفيلسوف غريغوار شامايو في كتابه «نظرية الطائرة المسيرة»، منشورات لافابريك. ويتابع قائلا أن فلاسفة يعملون يدا في يد مع عسكريين في أمريكا وإسرائيل لابتكار أخلاق مأتمية هدفها تبرير الاغتيالات المنتقاة. وبذلك تتجنب الخسائر الجانبية. فالطائرة المسيرة أو الطائرة من دون ربان أو قائد، تطرح حسب البعض غياب الإنسان وسيادة التكنولوجيا. لكن لما نعلم أن 160 شخصا يقفون وراء تسيير الطائرة إلى هدفها الأخير، ندرك أن الإنسان حاضر بقوة وهو من يسهر، ومن بعديد، على قتل وتصفية الأخرين من حيث لا يحتسبون، من جنود، أطفال، مواطنين عزل. وقد حذرت العديد من المنظمات غير الحكومية والمدافعة عن حقوق الإنسان من الاستعمالات العسكرية والحربية لهذه الطائرات بدعوتها الحكومات على ضبط وتقنين استعمالاتها مع التركيز على مهامها الإنسانية في مجالات الطب، الفلاحة والزراعة ومراقبة الطرق لتجنب حوادث السير في الأزقة أو الطرق السيارة.  وتكون بذلك قد أسهمت في ضمان حياة الأفراد بدل إزهاق أرواحهم.

Visited 11 times, 1 visit(s) today
شارك الموضوع

المعطي قبّال

كاتب ومترجم مغربي - رئيس تحرير مساعد لموقع "السؤال الآن".