أوقاتٌ متأخرة في ذاكرة مثقوبة
ياسر مروّة ــــ باريس 2022
لنتوقف هنا لحظات،
كيف كنا في ايام الصيف الضاغطة
والشمس العالقة بين القاتم
و الوضوح
جلسنا كمخرج سينمائيّ مع مُلْهمتي على البلاط الرُخامي
خلف نافورة الأوتيل دو فيل
كنتُ دائماً فاشلاً في عملي
صورتُ المشهد الدائريّ
وتابعت التصوير السينمائيّ
المباني الضخمة
والشوارع وبعض السيارات
حصل حادث اصطدام للتو
كانت مؤلمة
الصبية التي وقعت أرضاً
نقلتُ عدسة كاميرتي
المبنى الطويل مع مقرات البوليس والإدارات الرسمية والبلدية ومعرضي صور مأساة أوكرانيا
وكتب المغرب العربي،
انطلقت فولكلور طيران الحمائم في دورانها،
واختطاف قبلات شهوانية من فم الحبيبة
تخيلتُ من هول حادث الاصطدام
كانت صور دموية من مأساتها
المستمرة عبر القرون..
واقتطع المشهد بنجاح!
رجعنا الى شقتنا ذات الغرفة الوحيدة كلها سحر و رسوم
أخذنا دوشاً بارداً
شربنا دمعة
انزوينا داخل صومعة سريرنا الدافىء متلاصقين،
يلمع عرقنا في جسدينا بريق
كانت تصل حرارة باريس الى ذروتها الفظيعة في ذلك الاجتياح الرهيب،
نتوقعها أثراً مفاجئاً لا تُحتمل
تتدلى الذكرى وذكرياتنا
بالورم
بالثقوب
بالندبات
كانت لنا حبات من المطر
ونجوم بيروت
كما كنا نطارد غيوم باريس
لنتصاهر للمدن الشريدة
حلمنا بمقاعد الحدائق الملكية،
اشترينا آيس كريم
ومررنا نحو المخبز لكي نتذوق الپاغيت والكرواسان مع الشوكولا والزبيب
فابتسمنا للخبّازة التي لم يكن وجهها ضحوكاً
نكزتْ زوجتي بأطراف قدميها كراقصة
قلت:”كم كنتُ أتمنى أن أصير مخرجاً سينمائياً”
همستُ لها كل ودّ
وأحْضرْتُ البيتزا Burratina
مع mozzarella من المطعم صاحبه تونسي
أكلنا معاً في متعة و فجعنة
قالت لي زوجتي: سوف نطلب أيضاً كرتونة من البيرة و المياه الغازية مع كازوزة بنكهة النعناع
وقتها طرنا
بالمشاوير مع الفراشات
بالمواعيد
كرهت المواعيد ومازلتُ
قلنا: سوف نسير في شوارع باريس تائهين كما كانت في مدينة بيروت كانت لنا شقة كلها سحر و رسوم
مع شرفة وحيدة فيها مزروعات للحدائق الملكية ومقعد لشخصين وطاولة و منشر مليء للغسيل فوق سماء يتأملها ضجيج البحر
في ايام الصيف الضاغطة
والشمس العالقة بين الفاضح والغموض
لنتذكر هنا لحظات،
كيف كنا
حالمين
تائهين
غرقى
تعساء !
