وما غادي تسمع غير سير.. سير…

وما غادي تسمع غير سير.. سير…
باريس- المعطي قبال
 
تابع جون ويلسون، وهو أستاذ آداب أمريكي من مقاطعة غرينلي (أريزونا)، مباريات المونديال منذ انطلاقة أولى المنافسات إلى النصف من الإقصائيات. طبعا رفع راية بلده أمام بيته وتمنى أن يسير الفريق بعيدا. إلا أن الحظ لم يسعف هذا الأخير على الرغم من تماسكه وخطته الهجومية. غير أن جون ويلسون أصيب بالدهشة لما وقف عند آداء الفريق المغربي وهو يبعد عن المعترك فرقا عاتية كانت مرشحة لنيل الكأس مثل إسبانيا والبرتغال.
تساءل في قرارته من أين خرج هؤلاء الشبان وما سر انسجامهم وتماسكهم لإلحاق الهزيمة بخصومهم؟ هناك طبعا ذكاء ويقظة المدرب الذي استهواه هدوءه. ثم أين يقع المغرب؟ في مقاطعته النائية سمع لأول مرة عن المغرب واستعصى عليه تحديد الموقع الجغرافي للبلد.
وللحقيقة فهو ليس الوحيد من بين الأمريكيين كسالى الجغرافية. فما كان عليه إذا سوى التوجه إلى أقرب مقهى مجهز بالإنترنت. قضى الظهيرة يتصفح في المواقع السياحية حيث تعرف على بلد تقليد-حداثي ، تستحوذ فيه كمشة من الميسورين على خيرات البلاد، يؤمن فيه الشعب بسلطة: “النية”، انقرضت منه المعارضة، تعززت فيه سلطات بديلة تعمل في الخفاء …وقف عند بعض محاسن البلد كونه بلدا منفتحا على الآخر الأجنبي يستقبله بالترحاب. وهذا ليس حال العديد من الدول التي يعيش أفرادها فيما بينهم، حيث يوجدون في وضع سكيزوفريني.
بعدها فتح جون ويلسون صفحة بروفايل لاعبي الفريق المغربي ليقف عند حقيقة عجيبة وهو أن 14 منهم ولدوا بالأخص فرنسا، إسبانيا، إيطاليا، هولاندا! ينحدرون من عائلات هاجرت إلى أوروبا للشغل في أعمال شاقة مكنتهم من ضمان عيش محترم وتربية أبنائهم وبناتهم في ظروف لائقة.
وخلص إلى فكرة أن المميزين من لاعبي الفريق إما سيبقون بأوروبا للعب ضمن الفرق الأوروبية وإما سيقومون، داخل المغرب، بدور سلطة ناعمة لخدمة كرة القدم المغربية. وهو يتصفح ما كتب عن المغرب والفريق المغربي، أذهل جون ويلسون بالكم الهائل لتوارد كلمة “موروكو” على محرك غوغل. استحضر فيلم “كازابلانكا” للمخرج مايكل كورتيس من بطولة همفري بوغارد وإنغريد بيرغمان، اكتشف أن روائيا أمريكيا باسم بول بولز عاش ومات بمدينة طنجة وكان من وراء توافد العديد من الأسماء الأمريكية في مجال الكتابة الروائية والتأليف الموسيقى على المغرب.
على الرغم من أن الرحلة قد تستغرق 75 ساعة، حجز جون ويلسون تذكرة سفر من مدينة فمدينة ينيكس إلى مراكش للتعرف بالملموس وفي عين المكان على المغرب والمغاربة.
ويلكوم Welcome وما غادي تسمع غير سير…سير ..سير…
Visited 1 times, 1 visit(s) today
شارك الموضوع

المعطي قبّال

كاتب ومترجم مغربي - رئيس تحرير مساعد لموقع "السؤال الآن".

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *