نواب التغيير يحركون المياه الراكدة .. والشارع محبط
حسين عطايا
يُراهن جمع من اللبنانيين على أن تكون أزمات الحكم في لبنان مُجتمعة ومنها الأزمة الاقتصادية والمالية عاملا مُحركا لعودة الناس الى الشارع، واستنهاض قوى الثورة والتغيير من جديد .
لكن في ذلك رهان على جماعات فرقتها الانتخابات الأخيرة وجعلت منها تضيع في متاهات ادغال السياسة اللبنانية .
لا شك بأن روح ثورة ١٧ تشرين باقية في نفوس كثيرين،وكُثر من يحلمون بالعودة للشارع، لكن دون ذلك مهام وصِعاب جمة، تحول دون عودة الجماهير الى ساحات الوطن كما كان عليه الحال في ١٧ تشرين الأول 2019.
فالانتخابات اللبنانية كانت الشعرة التي قسمت ظهر البعير، حيث فرقت الثوار ومجموعاتهم وجعلت منهم افراداً في جموع قوى المنظومة التي تمتلك القوة والمال والسلاح، على الرغم من أن الذين اقترعوا لقوى التغيير ليسوا بالعدد القليل بل زادوا عن أربعمائة الف صوت، ولكن الإنقسام الذي نتج عن الانتخابات والترشيح وتشكُل اللوائح خلق حالة إنقسام كُبرى في صفوف مجموعات الثورة والثوار، من الصعب جداً بعدها العودة الى بعض مظاهر الوحدة، لكن الوقت قد يكون كفيلا بجمع من تفرقوا .
لذلك على الرغم من استفحال الازمة المالية، وزيادة ارتفاع الدولار الجنوني وما يُرافقه من جنون الأسعار وإمكانية تخطي سعر صفيحة البنزين عتبة المليون ليرة، إلا أن الأمور تبقى هادئة ولا تباشير ثورة أو انتفاضة في الأفق القريب والمتوسط، إلا أن الرهان يبقى على هبة جماهيرية قد تحصل في أية لحظة وتكون عاملاً مساعدة على إعادة استنهاض الهمم وعودة هدير الساحات وضيج الاصوات والحناجر .
عدا عن ذلك، تسود حالة من الإحباط صفوف الثوار والمنتفضين وكلٌ يفتش عن شيء يسدُ به رمق عائلته او من هم في حاجة له .
رغم هذا السواد، أتت عملية إعتصام بعض نواب التغيير، داخل مجلس النواب تحت قبة البرلمان على رمزيتها لتستنهض بعض من الهمم التي لا زالت فيها شيءُ من رائحة ١٧ تشرين، فكانت وقفة تضامنية مع النواب بالقرب من مدخل مجلس النواب، راهن البعض على أن تكون لحظة تاريخية لاستعادة زخم الشارع، إلا ان قلة عدد المشاركين خيب الامال وبدد لحظة الانتظار .
إذاً، على الرغم من رمزية الاعتصام داخل المجلس النيابي إلا انه حرك المياه السياسية الراكدة والرتيبة التي طبعت جلسات الخميس الانتخابية وجعل منها لحظة حقيقة تواجه الرتابة والروتين المعمول بهما .
قد تأخذ عملية الاعتصام بُعداً دولياً وإقليمياً، أكثر مما هو عليه الحال في الداخل اللبناني، فرئيس مجلس النواب نبيه بري بدل ان يدعو الخميس المقبل لجلسة انتخاب او لتسريع الجلسات والحوارات، دعا الى جلسة مشتركة للجان النيابية لدرس ومناقشة مشروع قانون ضمان الشيخوخة، وهو في ذلك ينتظر إشارة ما قد تنتج عن الحراك الخارجي وعما يُحكى عن مؤتمر رباعي او خُماسي في العاصمة الفرنسية .
في الداخل، اتى لقاء زعيم الحزب الاستراكي مع وفد حزب الله التي زاره في كليمنصو ليكسر بعض من رتابة على مستوى الحوار، حيث تطرق اللقاء الى بعض الاسماء او كيفية الخروج من الأزمة التي أدخل حزب الله البلاد فيها حيث كان سؤال وليد جنبلاط للوفد “وهلق شو“ كيف سنخرج من المأزق، فكان الجواب فيه بعض الليونة والإيجابية دون الدخول في حسم مسألة الأسماء وتُرك الامر للأيام والاسابيع القادمة لعل وعسى يأتي الخارج بحل يتقبله الداخل وينخرط فيه.