دعوة المجتمع المدني إلى ادراج البعد الإعلامي

دعوة المجتمع المدني إلى ادراج البعد الإعلامي

سعيدة الحيحي

         دعا مشاركون في ندوة فكرية حول “الإعلام والمجتمع المدني.. رؤى متقاطعة ” نظمتها مساء أمس السبت جمعية “الوشام للثقافة والفن بالمركز السوسيو ثقافي وإدماج الشباب” بمدينة الرحمة 2، إقليم النواصر – جهة الدار البيضاء سطات، إلى العمل على إدماج البعد الإعلامي والتواصلي في برامج الجمعيات، مع الاستفادة من الفرص التي أضحت توفرها حاليا وسائل الإعلام والاتصال نتيجة الثورة الرقمية.

كما أكد المشاركون في هذه الندوة التي أطرها الصحافي والكاتب جمال المحافظ رئيس المركز المغاربي للدراسات والأبحاث في الإعلام والاتصال، بحضور عدد من رؤساء وممثلي وأطر الجمعيات وفعاليات إعلامية، على أن المجتمع المدني في حاجة ماسة إلى إستراتيجية في مجال الإعلام والتواصل، تأخذ بعين الاعتبار التحولات التكنولوجية، مع الاستخدام الأمثل للتقنيات الرقمية.

ولاحظ جمال المحافظ في بداية مداخلته التأطيرية على أن هذه الندوة، تأتي بعد يومين من تخليد ” اليوم الوطني للمجتمع المدني” الذي يصادف الـ 13 من مارس من كل سنة، وهي المناسبة، التي قال بأنها كان من المفروض أن تشكل فرصة لفتح نقاش عمومي واسع بين كافة الأطراف، حول دور الجمعيات في تعزيز التنمية المستدامة وترسيخ قيم المواطنة، فضلا عن تثمين جهود الفاعلين الجمعويين ودعم الحركة التطوعية، وكذلك تسليط الضوء على الصعوبات التي يواجهها المجتمع المدني في تحقيق أهداف التنمية المستدامة وتوطيد الديمقراطية التشاركية التي بوأها دستور 2011 مكانة خاصة، هل يمكن القول بأن العمل الجمعوي بالمغرب، قد عرف بالفعل دينامية قوية؟.

وقبل أن يقارب مستوى العلاقة القائمة ما بين المجتمع المدني والاعلام، ذكر بأن 1958 كانت السنة التي صدر فيها ظهير الحريات العامة الذي وضع الإطار القانوني، لتأسيس الجمعيات، وهو ما مكن من ميلاد عدد من الجمعيات والمنظمات الوطنية، التي لعبت أدوارا طلائعية خاصة في مجال التأطير والتربية والتعليم والخدمات الاجتماعية والأوراش والمخيمات الصيفية.

وبعدما استعرض التحولات التي عرفها المجتمع المدني ما بين ستينات وتسعينات القرن الماضي، أبرز جمال المحافظ وهو فاعل مدني أيضا، أن دستور 2011، أناط بالجمعيات أدوار جديدة من خلال التنصيص عدد من الآليات جعلت من المجتمع المدني مساهما في صنع وتقييم السياسات العمومية، ومسائلتها، موضحا أنه على الرغم من انصرام  14 سنة على إقرار الدستور، فإن التطبيق، أبان عن وجود ثغرات قانونية مهمة وبعض الممارسات الإدارية سلبية، ساهمت في التضييق على مبدأ الحق في حرية تأسيس لجمعيات، في الوقت الذي ينص الدستور على ضرورة توسيع وتعميم مشاركة الشباب في التنمية الإجتماعية والإقتصادية والثقافية والسياسية للبلاد، ومساعدتهم على الإندماج في الحياة الجمعوية، وهو ماجعل عددا من التعديلات المهمة التي أتي بها  القانون الأسمى للبلاد، تظل غير مفعلة، مع عدم ادخال التعديلات التشريعية الضرورية، توفير الضمانات اللازمة لحماية الحق في التنظيم وفقا للمعايير الدولية، وبما يضمن استقلالية المجتمع المدني ويضمن حرية عمل مكوناته، مع إبقاء العمل بقانون الجمعيات الصادر قبل اعتماد الدستور الحالي.

وعلى مستوى الذاتي، أكد جمال المحافظ، على أنه رغم التطور الحاصل في أداء المجتمع المدني بالمغرب، إلا أن هناك تحديات متنوعة تعيق، من ضعف التمويل والاستدامة المالية للجمعيات، والنقص في القدرات والتكوين في ميدان التدبير والتسيير، وتشتت الجهود وعدم التنسيق الذي يؤدي إلى تكرار المبادرات بدل العمل على تحقيق التكامل.

أما على مستوى الإعلام، فبعدما تساءل عن ما هي طبيعة العلاقة الممكنة بين وسائل الاعلام والاتصال ومنظمات المجتمع المدني في ظل الثورة التكنولوجية ؟ وهل هناك اهتمام هذه الهيئات المدنية بالصحافة والاعلام؟ عبر عن اعتقاده في غياب دراسات وأبحاث في هذا المجال، بأنه من الملحوظ بأن المجتمع المدني الا يعير الاهتمام اللازم بالإعلام المهني مقابل انشغاله في بعض الأحيان المفرط بوسائط التواصل الاجتماعي، اعتبارا على ما يبدو من تقصير الاعلام بالاهتمام بأنشطته أو من ايمانه بأن وسائل التواصل الاجتماعي، تمكنه من الانفتاح على أوسع الشرائح الاجتماعية.

لكن على الرغم من ذلك، فقد أكد بأن غالبية منظمات المجتمع المدني، لازالت تتعامل مع الصحافة والإعلام بطرق يغلب عليها طابع الهواية والارتجال، مع غياب تراكم في هذا المجال، كما لا تجعل الإعلام في صلب مشاريعها. وقال إذ على الرغم من حضور للمجتمع المدني، في الآونة الأخيرة بوسائل الإعلام فإنه، لاحظ على المستوى المهني قصورا في زوايا معالجة أنشطة الجمعيات، حيث غالبا تركز الصحافة على رئيس الجمعية أو مسؤوليها عوض الانشغال ببرامجها وأنشطتها.

كما أشار إلى بروز نوع جديد من جمعيات المجتمع المدني، تتخذ من العالم الافتراضي فضاء للترافع حول القضايا التي تهتم بها، والتحسيس بأهدافها وتبليغ رسائلها وذلك لما يوفره من دعامات بالفضاء الأزرق، داعيا إلى تربية إعلامية، وإدماجها في المقررات المدرسية، كما هو شأن التربية الوطنية الإسلامية منذ المرحلة الابتدائية ووضع سياسات عمومية، مندمجة.

 كما لاحظ بأنه، بقدر ما يسجل اقبالا متزايدا على التكنولوجيا، خاصة فئة الشباب، بقدر ما يلاحظ توجسا مبالغ فيه، بدعوى الاستخدام السيء لهذه التكنولوجيات الحديثة.

وفي معرض تفاعلهم مع المداخلة، أثار المشاركون عددا من القضايا المرتبطة بالعلاقة ما بين المجتمع المدني والإعلام، مؤكدين على أهمية التكنولوجيات الحديثة في التحسيس بأدوار المجتمع المدني والتعريف بأنشطته، وفي القيام بالترافع والتعبئة، وتعزيز نجاعة الجمعيات ومبادراتها، تنظيم ورشات خاصة بالإعلام والتواصل. كما توقف المتدخلون بالخصوص عند التحديات التي تواجه العمل الجمعوي، خاصة في مجال التكوين وتعزيز القدرات، والوضعية القانونية للجمعيات، منها الصعوبات الإدارية نتيجة تماطل بعض السلطات في تسليم الوصولات المؤقتة والنهائية.

 وفي هذا الصدد طالب المتدخلون خلال هذه الندوة التي جرى في اعقابها تنظيم حفل خصص لتكريم جمال المحافظ على مجهوداته في مجال الصحافة والإعلام والعمل الجمعوي والبحث العلمي، بالإضافة إلى عدد الفعاليات المدنية والإعلامية بالمنطقة تقديرا لجهودهم في مجال العمل الجمعوي الجاد، بالعمل على تبسيط المساطر والإجراءات الإدارية، مع تمكين كافة الجمعيات من استعمال مختلف الفضاءات لتنظيم أنشطتها، سواء تلك الموجهة لأعضائها، أو للعموم، بما في ذلك الجموع العامة لتجديد مكاتبها، وتمكين الجمعيات من الولوج إلى المؤسسات الإعلامية العمومية.

Visited 4 times, 4 visit(s) today
شارك الموضوع

السؤال الآن

منصة إلكترونية مستقلة