المعارضة الإيرانية تبلور مشروعا للتغيير .. دستور جديد واستفتاء
السؤال الآن ــــ وكالات وتقارير
مع دخول الانتفاضة الشعبية للإيرانيين شهرها الخامس، إتخذ عدد من الشخصيات السياسية مواقف أكثر وضوحاً بشأن النظام الإيراني وأساليب الحكم، وتحقيق مطالب المتظاهرين ومعارضي النظام .
وفي أحدث موقف، نُشر نص على مواقع التواصل الاجتماعي، اليوم لعبد الحميد إسماعيل زهي، خطيب جمعة أهل السنة في زاهدان، جاء فيه: “أظهر السيد موسوي (حسين مير موسوي) ببيانه الأخير أنه فهم حقائق المجتمع. وقد حان الوقت كي يفكر الساسة والعلماء الآخرون في إنقاذ البلاد ويرون الحقائق”.
ووصف عبد الحميد إسماعيل زهي فرض الإقامة الجبرية على موسوي ومهدي كروبي وزهرا رهنورد لأكثر من عقد من الزمان بأنه “مثال على الظلم”.
كانت إشارة خطيب جمعة أهل السنة في زاهدان إلى البيان تتعلق بما نشره مير حسين موسوي في 4 فبراير (شباط). فقد أشار موسوي إلى انتفاضة الشعب والأحداث الدامية في الأشهر والسنوات الماضية، قائلاً إنه لم يعد يعتبر شعاره خلال الانتخابات الرئاسية قبل 13 عامًا “لتطبيق الدستور دون تنازلات” مجدياً، وهو الآن يعتقد أنه يجب “اتخاذ خطوة أبعد من ذلك”.
وأعلن موسوي في هذا البيان بوضوح انتهاء “الحركة الإصلاحية”، وقال إنه في ظل الوضع الذي لا يزال فيه النظام يستخدم الأساليب القمعية، ويرفض اتخاذ أصغر خطوة لإعمال حقوق المواطنين، فإن “الإصلاح في إطار الهيكل القائم” لم يعد ممكنًا. وشدد على أن “إيران والإيرانيين مستعدون لتحول جذري ترسم خطوطه الأساسية انتفاضة المرأة الحياة، الحرية”.
وقد طرح موسوي، الذي كان قيد الإقامة الجبرية مع زوجته زهرا رهنورد منذ 12 عامًا، ثلاثة مقترحات، تشمل “الاستفتاء على الدستور الجديد”، و”تشكيل جمعية تأسيسية”، وأخيراً “الاستفتاء على تشكيل نظام منبثق عن إرادة الشعب”.
وحظي هذا البيان على الفور بتأييد عدد من الشخصيات السياسية البارزة المنتسبة للحركة الإصلاحية، ومجموعة من “المفكرين الدينيين وشخصيات الحركة القومية الدينية”.
ووقع 7 سجناء سياسيين هم مصطفى تاج زاده، وأميرسالار داودي، وحسين رزاق، ومهدي محموديان، وسعيد مدني، ومصطفى نيلي، وفايزة هاشمي، على بيان أعلنوا فيه عن دعمهم لمقترح موسوي بتغيير الدستور، وأعلنوا أنهم يعملون على دفع هذا البرنامج “والانتقال السلمي إلى نظام إيراني ديمقراطي ومتطور بالكامل.
كما اعتبروا السبيل الوحيد للخروج من المأزق الحالي للنظام هو “استسلام السلطة الحاكمة أمام حق الشعب في تقرير مصيره”.
بالإضافة إلى ذلك، نشر كل من: علي رضا رجائي، وحسن يوسفي أشكوري، وهاشم أقاجري، ورضا عليجاني، عبد الله ناصري، ومحمد جواد أكبرين، ورضا بهشتي معز، وميثم بادامشي، وأحمد علوي، وعلي طهماسابي، وحسن فرشتيان، وسروش دباغ، ورحمان ليواني، وداريوش محمدبور، و ياسر مير دامادي، بيانا مشتركا أيدوا فيه مقترحات مير حسين موسوي بـ”الانتقال السلمي من نظام الجمهورية الإسلامية“.
واعتبر هؤلاء الأشخاص أن التغيير الأساسي والهيكلي لنظام جمهورية إيران الإسلامية ضروري، وأكدوا: “إننا نعرب عن دعمنا في التحرك نحو تغييرات رئيسية للتغلب على النظام المغلق الحالي من خلال استفتاء على التغيير الهيكلي والأساسي“.
وقد أثار تصريح مير حسين موسوي ردود فعل في الجبهة المؤيدة النظام أيضا. وكان محسن رضائي، مساعد الرئيس الإيراني للشؤون الاقتصادية، من بين الشخصيات الحكومية التي وصفت الدستور بأنه “تقدمي للغاية”، مدعياً أنه “حدد طريقة تعديله، لكن المشكلة هي أن جميع مواد الدستور لم يتم تنفيذها بالكامل.”
وهذا نهج يبدو أنه استخدم من قبل بعض الشخصيات الإعلامية والسياسية التابعة للنظام للقول إنه “إذا كانت” هناك مشاكل في البلاد، فهي تنبع من عدم تطبيق الدستور الحالي. وهو نفس النهج الذي أكده أيضا محمد خاتمي، الرئيس الإيراني الأسبق، في بيان أصدره في 5 فبراير (شباط).
وخلافا لموسوي، نفى خاتمي ضرورة الإطاحة والانتقال من نظام الجمهورية الإسلامية، ولم يعتبر أنه من الضروري تعديل الدستور، وقال إنه بالعودة إلى روح الدستور نفسه، يمكن تحقيق التغيير المنشود. إلا أن خاتمي اعترف في رسالته، بعد يوم واحد من تصريح موسوي الصريح، الذي أيده نحو 20 شخصية قريبة من التيار الإصلاحي، أن “الحركة الإصلاحية بالطريقة التي تم تجربتها” وصلت إلى طريق مسدود.
من جهة خرى، وفي تحد واضح لقمع النظام الإيراني، رددت مجموعة من السجينات السياسيات الإيرانيات عقب الإفراج عنهن من سجن إيفين، مساء الأربعاء 8 فبراير (شباط)، شعار الثورة: “المرأة، الحياة، الحرية“.
في الوقت نفسه، قالت نسرين ستوده، المحامية السجينة التي خرجت بإجازة من السجن، في مقابلة مع شبكة “سي إن إن”، إن “تغيير النظام” لا يزال المطلب الرئيسي للشعب الإيراني المحتج.
وتم الإفراج يوم أمس عن كل من عالية مطلب زاده، وصبا كرد أفشاري، وفريبا أسدي، وبرستو معيني، وزهرا صفايي، وكلاره عباسي، وشهرة حسيني، من سجن إيفين. وفور الإفراج عنهن، واصلت هؤلاء النساء “المقاومة ودعم الانتفاضة”، ورددن شعارات ثورية منها: “يجب إسقاط النظام القمعي”، و”المرأة، الحياة، الحرية” أمام سجن إيفين.
ونشرت نرجس محمدي، المتحدثة باسم مركز المدافعين عن حقوق الإنسان، خلال الأسابيع الماضية، تقريرًا عن العنبر العام للنساء في سجن إيفين، حيث تعرضت عشرات المعتقلات السياسيات لتعذيب مروّع وغير إنساني من قبل النظام الإيراني. وفي بعض الأحيان مكثن في الحبس الانفرادي لمدة تصل إلى عامين، وتم حرمانهن من تلقي العلاج.
وبحسب تقريرها، فإن 57 من أصل 58 سجينة تعرضن لهذا “التعذيب الوحشي الرهيب”، وتم سجنهن لما مجموعه 8350 يومًا في الزنازين الأمنية بوزارة المخابرات والحرس الثوري.
وكانت ضمن هذه القائمة أيضا السجينات السياسيات السبع اللائي تم الإفراج عنهن أمس، حيث تم حبس عالية مطلب زاده في الحبس الانفرادي لمدة شهرين، وصبا كردأفشاري 26 يوماً، وفريبا أسدي 18 يوماً، وبرستو معيني شهرين، وزهرا صفائي 9 أشهر، وكلاره عباسي 20 يوماً، وشهره حسيني 33 يوماً. كما أشارت محمدي إلى “الحاجة إلى العلاج” لخمسة منهن، وقالت إن زهرة صفائي مصابة بمرض في القلب، ويجب أن تخضع لعملية جراحية على الفور.
وبالإضافة إلى هؤلاء السبعة، فقد تم الإفراج أمس، عن محمد حبيبي، المتحدث باسم نقابة المعلمين، وتوحيد أمير أميني، ناشط مدني، وأمير حسين بريماني، كاتب وشاعر مسجون، وفرهاد شيخي، ناشط عمالي، ومتين سليماني، طالب في جامعة طهران ومن بين المعتقلين في الانتفاضة الشعبية، وإحسان بيربرناش، الكاتب الساخر والصحافي الرياضي.
من ناحية أخرى، قالت نسرين ستوده، محامية حقوق الإنسان التي هي في إجازة طبية من السجن، في مقابلة مع شبكة “سي إن إن”، في إشارة إلى التهديدات الموجهة ضد عائلتها: “أنا خائفة بسبب التهديد الذي يتعرض له أفراد عائلتي، لكن خوفي الأكثر هو مما سيحدث إذا لم أفعل أي شيء“.
وفي حديثها إلى كريستيان أمانبور، قالت ستوده: “اللامبالاة وقلة النشاط يزيد وضع الفتيان والفتيات الإيرانيين سوءًا. ولذلك، وعلى الرغم من مخاوفي، أحاول المساعدة في تحرير بلدي وشعبي“.
كما دعت إلى لفت انتباه الجمهور إلى حالة فرهاد ميثمي، الذي أثار نشر صوره بعد إضرابه عن الطعام وفقدانه الشديد للوزن، ضجة إعلامية خلال الأيام القليلة الماضية.
وفي إشارة إلى المطالب الرئيسية الثلاثة لميثمي المتمثلة في الإفراج عن السجناء السياسيين والمدنيين، ووقف إعدام المتظاهرين، وإنهاء المضايقات على الحجاب الإجباري، أعربت هذه الناشطة الحقوقية عن أملها في تلبية مطالبه، و”الحفاظ على حياة فرهاد وحياة كل منا“.
كما استعرضت ستوده، التي تواجه عقوبة سجن قاسية لقبولها تمثيل ناشطين سياسيين واجتماعيين، الأشهر الخمسة للانتفاضة الشعبية الإيرانية في هذه المقابلة، وأشارت إلى إعدام المتظاهرين، وإطلاق الرصاص على أعينهم في الشارع، وإطلاق نار مباشرة على المظاهرات الشعبية، قائلةً إن النظام الإيراني يستخدم هذه الأساليب كأداة لقمع وترهيب المحتجين.
<
p style=”text-align: justify;”>وبحسب ما ذكرته الحقوقية الإيرانية، على الرغم من هدوء الاحتجاجات في الشوارع لبعض الوقت، فإن هذا لا يعني نهاية الاحتجاجات الشعبية. وأكدت ستوده أن “المواطنين ما زالوا غاضبين ويريدون تغيير النظام وإجراء استفتاء”.