نصرالله.. وحشر المعارضات في الزاوية

نصرالله.. وحشر المعارضات في الزاوية

حسين عطايا

   لا شك بأن الفراغ الرئاسي، والذي دخل شهره الخامس، يشهد تأزما وتشدُداً كلما تقدمت الأيام، وكانت الذروة في التصريح الذي أدلى به في الأسبوع الماضي رئيس السلطة التشريعية نبيه بري، والذي كان مفاجئاً للعديد للقوى السياسية، بالنظر للكلام الخارج عن نطاق المألوف المعروف عن الرئيس بري. والذي تَبعتهُ ردود فعل مُتشنجة من الأطراف الأخرى .

   وما أن خفتت تلك “الهمروجة”، حتى أتت إطلالة أمين عام حزب الله الاثنين الماضي، والذي تبنى دعم ترشيح الوزير السابق سليمان فرنجية .

هنا اندلعت موجة ردود جديدة حول خيار نصرالله وحزبه، وماذا يُريدُ من لبنان في هذا الظرف بالذات، خصوصاً مع تزايد حدة الأزمة الاقتصادية والمالية وغيرها من الأزمات، ولكن دون أن تتوحد جهود المعارضات وتتفق على مرشح واحد قادر على أن يكسر حالة الفرقة التي تسود صفوف المعارضات، والتي لم تُظهر لليوم عن امتلاكها لرؤية واضحة أو التفاف حول مرشح، بل مع كل يوم تتزايد حالة الانقسام بين صفوف المعارضة وتُبين عن صبيانية في المواجهة بينما جبهة الثامن من آذار – مارس، ثابتة وموحدة .

   في هذا السياق، وبعيداً عن الموقف السياسي من حزب الله والقوى التي تتبعه، مع بعض التروي والمنطق، نرى أن موقف حزب الله والذي أظهره أمينه العام، يتركُ الباب مفتوحاً للحوار والتوافق، على عكس كل ما تجود به تصريحات ومواقف المعارضة السيادية والتغييرية، وغيرها من تسميات وتصنيفات، والتي تكشف يوماً بعد يوم عن قصور سياسي يجمعها .

   فالسيد نصرالله قال في مجرى إطلالته الاخيرة وبعد الإسهاب بشرح الموضوع الرئاسي:

” نحن في حزب الله من الطبيعي أن ندعم ترشيح الوزير سليمان فرنجية، وهو صديق وحليف .من هنا ينعتبر أنه ليس مرشح حزب الله، بل المرشح الذي ندعم ترشيحه، ونحن كحزب الله في الدورة الأولى، وفي الدورة الثانية نلتزم باكثرية  الثلثين في انتخاب رئيس للجمهورية، فتعالوا لنتحاور .”

هذا القول يؤكد:  

  *  بأن حزب الله لم يتبن ترشيح سليمان فرنجية كما حدث في العام 2016 يوم قال مرشحنا ميشال عون الوحيد. ونذكر تصريحات حسن نصرالله، أو نائبه نعيم قاسم في حينه، إما انتخاب ميشال عون أو لا انتخاب رئيس للجمهورية .

بينما اليوم يختلف الأمر، ويترك مجالاً للأخذ والرد والحوار للتوافق على اسم ثالث .

*  في هذا التصريح أيضاً أمران اثنان :

– أولهما، على عكس حليفه نبيه بري، لم يتبن ترشيح فرنجية، بل دعمه، وفي ذلك تحرر من أي التزام ضمني لحزب الله من الإصرار على انتخاب فرنجية .

– الثاني، أن مقولته تلك تساهم في إخراج فرنجية من السباق الرئاسي، في حال تمت عملية توافق مع المعارضة على اسم ثالث من خارج السياق الموجود حالياً .

*  في هذا الموقف استدراج عروض لأية تسوية خارجية يجري الإعداد لها قد تكون إيران شريكةً فيها، وهذا الأمر إن دل على شيء يدلُ على عدم التزام حزب الله في إنجاح فرنجية والسعي لإيصاله إلى سُدة الرئاسة .

إذا، وبوضحٍ تام، فإن موقف حزب الله مفتوح على شتى الاحتمالات، وعلى المعارضات أن تتوحد على كلمة سواء تُخرِجها من حالة الانقسام، وتطرح اسماً مقبولاً ذا حيثية وقدرات على الوصول به إلى سُدة رئاسة الجمهورية، على أن تكون تلك المعارضات تمتلك رؤية سياسية واقتصادية للحل، تترافق مع طرح مرشحها العتيد، ولا يُضيرها أن تفتح نوافذ للحوار للتوصل إلى الخروج من المأزق الحالي، بعيداً عن المغالاة والتطرف والتعصب الطائفي البغيض، أو الانقسامات الناتجة عن أنانيات حزبية ومناطقية كما هو الحال اليوم .

Visited 2 times, 1 visit(s) today
شارك الموضوع

حسين عطايا

ناشط سياسي لبناني