الاتفاق السعودي الإيراني وانعكاساته على الشرق الأوسط
حسين عطايا
فجأة ومن دون مُقدمات تم الإعلان من بكين، عاصمة جمهورية الصين الشعبية، عن اتفاق ما بين المملكة العربية السعودية ودولة إيران، يتحدث عن إعادة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، والتي قُطعت في العام 2016، منذ الاعتداءات على السفارة والقنصلية السعودية في طهران ومشهد، وعقب إعدام السلطات السعودية رجل الدين الشيعي الشيخ النمر ، وقد مثل العربية السعودية السيد مساعد بن محمد العيبا، وزير الدولة السعودي عضو مجلس الوزراء ، ومستشار الأمن الوطني وممثل إيران علي شمخاني أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني.
في نهاية اللقاء صدر بيان عن تداول الأطراف الثلاثة، أبرز ما جاء فيه:
تشكر الدولتان السعودية وإيران الصين على استضافة هذا اللقاء، كما تشكران دولة العراق وسلطنة عُمان، على استضافتهما اللقاءات مابين عامي
2021 و2022، واتفقا على:
“وتعلن الدول الثلاث أنه تم توصل المملكة العربية السعودية والجمهورية الإسلامية الإيرانية إلى اتفاق يتضمن الموافقة على استئناف العلاقات الدبلوماسية، بينهما وإعادة فتح سفارتيهما وممثلياتهما خلال مدة أقصاها شهران، ويتضمن تأكيدهما على احترام سيادة الدول وعدم التدخل في شؤونها الداخلي”.
تُمثل هذه الفقرة الأخيرة هي الحقيقة الكاملة والتي تُنشدها العربية السعودية “عدم التدخل في الشؤن الداخلية للدول”، نتيجة ما تقوم بها إيران من تدخلات في شؤن الدول، لاسيما في العراق واليمن وسوريا ولبنان، ومن هنا، ستُظهر الأيام مدى التزام طهران بمضامين هذا الاتفاق.
إن أهمية الحدث، تكمن في أن الاتفاق حتماً سيرخي ظلالاً من حالة استقرار في المنطقة العربية الشرق أوسطية، كما يرتقب أن يُظهر الاتفاق انعكاسات إيجابية على المنطقة، وقد تجد بعض الحلول لمشاكل عديدة لدى بعض الدول التي تُعاني من التدخلات الإيرانية عبر أذرعها من تنظيمات وميليشيا مذهبية تعمل في المنطقة.
إن إعلان الاتفاق من بكين في الصين يدفعنا إلى التركيز على ملاحظتين لا بُد من توضيحها للرأي العام العراقي واللبناني على وجه الخصوص:
– الأولى: كان أمين عام حزب الله حسن نصرالله، في إطلالته الأخيرة في السادس من هذا الشهر، قد أعلن في مجرى حديثه “إن من ينتظر توافقا سعوديا إيرانيا عليه أن ينتظر مائة عام”، وهذا دليل على أنه فعلاً لم يكن على علم باللقاء السعودي الإيراني، ولم يكن على علمٍ إطلاقا بما يدور من مفاوضات بين الدولتين، وهو الذي كان يقول أنه “جُندي في جيش ولاية الفقيه الايراني”،
معنى ذلك فعلا أنه لا يعلم، وأنه جندي، وبالتالي فإن الأسرار لا تُعطى للجنود، بل هم يتلقون الأوامر ويُنفذونها.
– ثانياً: بدأت اللقاءات بين الدولتين في العراق، على زمن رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي، واستضافت بغداد العديد من اللقاءات بين ممثلي الدولتين، وفي تصريح أخير لرئيس الوزراء العراقي الحالي محمد شياع السوداني، والذي يُمثل جماعة الإطار التنسيقي التابع و الموالي لإيران، تحدث أخيراً عن استئناف الاتصلات بين الدولتين للعودة إلى طاولة الحوار ، وإذ فجأة صدر بيان الاتفاق من الصين، وهذا يدل على أن إيران لا تثق بأتباعها، ولا تحترمهم، وبالتالي هم مجرد أدوات في سياستها.
من هنا، يُمكننا القول إن إيران تبحث دوماُ عن مصالحها، وبالتالي مصلحتها مع الصين أهم من أتباعها في العراق ولبنان وباقي الدول.
نأمل أن يكون هذا درساً لبعض العرب الذين باعوا أنفسهم للمحتل الفارسي في كل من العراق، اليمن، سوريا ولبنان، وأن يتعظوا، لعل في ذلك يكون درساً يستفيدون منه ويصحون من أوهامهم التي تُغشي أبصارهم وعقولهم.
Visited 4 times, 1 visit(s) today