صوفيا عرام تستخدم سلاح السخرية السوداء
باريس- المعطي قبال
صوفيا عرام تستخدم سلاح السخرية السوداء لما نراجع سير الفكاهيين الفرنسيين من أصول مغربية، ذكورا وإناثا، نقف عند حقيقة بسيطة وهي أن أغلبهم ينحدر من وسط عائلي متواضع. إلا فيما ندر، تخلى أغلبهم عن الدراسة لامتهان الفكاهة بحكم نشأتهم في وسط عائلي يؤمن في بلاد الغربة بالمثل القائل: «كثرة الهم تاتضحك». من جمال الدبوز إلى بودر مرورا بمصطفى الأطرسي… هم إذا كوكبة من الفكاهيين المغاربة أصبحوا منشطين محترفين لبرامج اذاعية، تلفزيونية أو لعروض تقام في كبريات الصالات الفرنسية.
في الفكاهة النسائية تتألق بشكل خاص صوفيا عرام، التي تزاوج بين العمل الصحافي والكوميديا الساخرة. ويتتبعها كل أسبوع يوم الإثنين آلاف المستمعين على محطة فرانس أنتير، حيث تعلق بسخرية لاذعة على الأحداث السياسية، الثقافية والإعلامية بأسلوب لا مواربة فيه ولا محاباة. أسلوب قادح وأحيانا نابي. ولم يفلت من سخريتها لا جان-ماري لوبان، ولا ميلنشون. لا ساركوزي ولا فرانسوا هولاند أو ماكرون وغيرهم من الشخصيات السياسية. الشيء الذي ألب عليها الكثير من أتباع هؤلاء، وتسبب لها في رفع البعض منهم لدعوات قضائية، أو القيام بتهديدات. الشيء الذي دعا إلى حمايتها من طرف حراس خاصين يرافقونها إلى مدخل محطة فرانس أنتير.
لذا فإن عالم الفكاهة ليس بعالم الاسترخاء والاستجمام والضحك المتواصل لمدة ساعتين، بل قد يثير لدى البعض إن كانوا عرضة للسخرية مشاعر العنف ورغبات الانتقام. خلال الأسبوع الماضي، تجرأ سيريل حنونة، منشط برنامج عل قناة C8 لمالكها بولوري، تجرأ، على مهاجمتها حين نبش في ماضيها العائلي. كانت صوفيا عرام أول من أطلق النار على سيريل حنونة وذلك خلال برنامجها الأسبوعي. نددت الكوميدية بالأساليب المقرفة التي يستعملها حنونة، لما يستدعي لبرنامجه ويعطي الكلمة لأشخاص يشيعون أفكارا خطيرة وكاذبة عن لقاح «لادرينوكروم». كما نددت بلواطيي الطرق الشيطانية. لم يرد حنونة على هذه الاتهامات بل هاجم والدة صوفيا عرام «التي حكم عليها بسنتين سجنا وستة أشهر نافذة». وكانت الأم مساعدة لعمدة مدينة تراب وحكم عليها عام 2011 بسنتين بسبب اختلاسات. اتهمت المحكمة خديجة عرام بسبب الوعود التي أعطتها لأشخاص في وضعية غير قانونية وذلك بتسوية وضعيتهم. ردت صوفيا على هذه الواقعة بقولها إن «حنونة وزبانيته ليسوا الوحيدين الذين يحاولون سلخ جلدي». وأضافت أنه «منذ 12 سنة وبعد كل حلقة من حلقات برنامجي عن اليمين المتطرف، اليسار المتطرف، المناهضين للقاح، البدلات الصفراء، أنصار مورانديني، أنصار الدكتور راولت، إيريك زمور، سيريل حنونة الخ… يعمل هؤلاء على وضعي في موقع المذنبة، وكنت لا أجيب. إلى كل الذين يفذلكون هذا الذنب قائلين إن والدتي تستحق أن تقضي بقية حياتها في السجن، أقول لهم إنني أتفق معهم. لماذا لم أصرح بذلك من قبل؟ بسبب الذنب».
شعرت صوفيا بالذنب، في حين أنها لم ترتكب أي خطأ ولا خطيئة. «إن رفضت أن لا تجعل مني والدتي ضحية، فلكي لا أترك هذا الوغد وزبانيته يحولونني فعلا إلى ضحية…».
في هذه المواجهة بين عرام وحنونة، اختلطت السخرية السوداء بالضحك العصبي، فانكشفت الأبعاد السياسية الكامنة وراء هذه المناوشة المميتة، بين متمردة على الأعراف وبين خانع مكرس للبلادة والتفاهة في برنامجه، ولا يعدو أن يكون سوى «بوق سيده»، فانسان بولوري صاحب الإمبراطورية الإعلامية، الذي يحتل الرتبة الرابعة عشرة في قائمة فوربس لميلياردي العالم، إذ تقدر ثروته ب 6،8 مليار يورو.