لبنان: سنوية الانتخابات النيابية
حسين عطايا
تُختتم اليوم السنة الأولى على مجلس نواب العام 2022، وبالتالي من المفترض أن نجري تقييما أوليا لما أنتجه هذا المجلس، وخصوصاً نواب ما بات يُعرف بالنواب التغيريين .
بداية، لابد من أن نسأل سؤالاً واضحاً وصريحاً، من أطلق تسمية نوابب تغييريين وماذا غيروا؟؟!!
الغريب أن النواب الثلاثة عشر، والذين أطلقوا على أنفسهم هذه التسمية، بدا من السنة الأولى أنهم لايمتون للتغيير بأي صلة، والدليل على ذلك:
– أولاً: لم يأتوا بجديد نستطيع من خلاله أن نُصدق فعلاً أنهم تغييريين، أو يمتلكون مقدرات تغيير تختلف عن بقية النواب الحاليين والسابقين في هذا المجلس ومن سبقه من مجالس .
– ثانياً : كيف تُصنف بولا يعقوبيان مثلاً تغييرية، ود. أسامة سعد خارج هذه التسمية وهذا التصنيف؟
– ثالثاً: وهنا الأهم، بولا، والتي تتقرب من النائب جميل السيد وتتقاطع معه في كثير من المواقف وتمتدحه، وهي من تغزلت سابقاً بالسيد نصرالله ومقاومته، عدا عن تاريخها في تيار المستقبل، وقربها سابقاً من رئيسه سعد الحريري، ناهيك عن د. نجاة عون صلبيا، وأنها ترغب بالتعلم في مدرسة الرئيس بري، أن تكونا في عِداد النواب التغييريين، ود. أسامة سعد أو د. غسان سكاف خارج نطاق التغيير، فحبذا لو يُعلمون من انتخبهم أو أيدهم، ما هي المعايير المعتمدة لهذه التسمية، وماهي المؤهلات التي تُعتمد؟
– رابعا: لليوم، وبعد مرور سنة بالتمام والكمال على دخولهم هذا المجلس، لم نر كمراقبين ومواطنين سوى معارك دونكيشوتية تُثيرُ غُباراً ولا تُنتج طحيناً .
– خامسا: النواب الثلاثة عشر منقسمون على أنفسهم غير موحدين على رأي واحد، حتى في أكثر المواقف أهمية وضرورة اتخاذهم قراراً واضحا وصريحاً، “الانتخابات الرئاسية ” مثلاً .
– سادسا: قبل وأثناء الانتخابات، كانت أغلبية النواب الثلاثة عشر متحالفة في إطار جبهة المعارضة مع حزب الكتائب، وبالتالي هم حلفاء للمرشح الرئاسي ميشال معوض، وفي جلسات الانتخاب الإحدى عشر لم يتفقوا، لا على انتخابه ولا على توحيد قرارهم في انتخاب اسم أحد، بل تعددت ترشيحاتهم وتدرجت دون أن يكون لأصواتهم أي وزن أو فعالية .
– سابعا: في أولى استحقاقات المجلس الجديد فشلوا في مُقاربة موضوع انتخاب نائب رئيس المجلس، وتعددت آرائهم ومواقفهم الملتوية، والتي أدت إلى وصول مرشح الممانعة إلياس ابوصعب لنيابة الرئيس، حتى في انتخابات اللجان فشلوا، وبالتالي هم في هذه اللعبة البرلمانية هم خارج مدار تأثيراتها .
– ثامنا: لازالوا يُمارسون لعبة شعبوية، وكأنهم لازالوا في ساحة الشهداء يهتفون مع الجماهير الثائرة، وتناسوا بأنهم أصبحوا نواباً، وبالتالي فإن عملهم البرلماني يختلف عن تواجدهم في الساحات والأزقة .
إذن في جردة سريعة لحصيلة نواب التغيير، قد أثبتوا بأنهم مجرد نواب صدفة تاريخية، مع حماس جماهيري أوصلهم إلى البرلمان، ولليوم هم لم يُميزوا بين العمل البرلماني وبهلوانيات الساحات والشوارع، وهذا أمرٌ مُعيب على من يسمون أنفسهم بـ”نواب الثورة” أو “نواب تغييريين”. فبعد مرور عام من وصولهم لم يُحدثوا فرقاُ في العمل البرلماني، سوى بعض البهلوانيات والضجيج وانقساماتهم، حتى أنهم لم يستطيعوا أن يتضامنوا مع زملائهم، (ملحم خلف ونجاة عون صليبا) في اعتصامهم داخل مجلس النواب، والذين باتوا يبحثون عن مخرج لإنهاء اعتصامهم الفولكلوري .
هذا الأمر، حتما سيُرخي بظِلاله على مشهد انتخابات العام 2026، وسيدفع ثمنهُ كُل من يبحث عن التغيير ويسعى إليه، وهؤلاء النواب أعطوا المنظومة جرعة أمل في تجديد نفسها والتقاط الأنفاس للحفاظ على مكاسبها، والبقاء في سُدة الحُكم ونهب لبنان وتكبيل شعبه في أواصر الانهيار والعوز .