زيلينسكي والحضور المفاجئ!؟

زيلينسكي والحضور المفاجئ!؟

خالد القيسي

عند سماعنا الجدل الجاري حول “أكبر مفاجئة” في القمة العربية في مدينة جدة السعودية ألا وهي حضور الرئيس الأوكراني “فولوديمير زيلينسكي” من جهة أو من جانب.. وحضور الرئيس السوري بشار الاسد من جهة أو من الجانب الآخر.. الحضور الذي أعتقده البعض إنه حضور غربي مقابل حضور شرقي بما تخفيه السياسة من معنى ومعنى فوق الطاولة وتحتها.. نحن نتكلم عن الجدل الذي كان يختمر في وقت سابق حول وصول الأسد إلى مدينة القمة العربية “جدة عروس البحر الأحمر” بعد غياب ما يزيد عن 12 عامًا عن القمم العربية بسبب المقاطعة العربية لسوريا.

حضور زيلينسكي إلى مملكة القمة العربية السعودية وتصريحاته ولقاءاته العديدة في اليوم الثاني لإحدى أهم القمم العربية في تاريخ العالم العربي منذ القمة العربية الأولى تاريخيًا. والذي أخذ عليه البعض إنه لم يتناول أو يتكلم في كلمته التاريخية في القمة بما فيه الكفاية عن عذابات وحقوق الشعب الفلسطيني وأهمية القضية الفلسطينية بسبب الإحتلال الإسرائيلي لفلسطين المحتلة وتشريد شعبها في بلاد ومخيمات الشتات في الداخل والخارج وتحويلها إلى أقدم قضية لجوء في العالم. بالإضافة إلى المراوغات الإسرائيلية في إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس تاريخيًا.

والتي تشبه إلى حد تاريخي كبير مع فارق المكان والزمان، ولا تختلف على مستويات عديدة عن العدوان والغزو الروسي على أوكرانيا وشعبها ومدنها التي تحول بعضها إلى أطلال ومجرد ركام ورماد تحت النار المشتعلة والجثث والدماء المنتشرة في كل مكان في البلاد التي تعتبر سلة غذاء العالم وجغرافيا أمن هذا العالم الغذائي.

الحرب الشاهدة على إحدى أخطر الهمجيات في القرن الواحد والعشرون.. وهنا يجب علينا أن نحترم ذكاء الرئيس الأوكراني زيلينسكي و( حنكته السياسية ) في حضوره المفاجئ للقمة العربية الأهم في تاريخنا، وهو الذي يواجه العدوان الكبير على بلاده والتي هي قضيته الرئيسية المحورية التي يعلم انه لا يجب الخروج عن مدارها وجاذبيتها السياسية تحت اي ظرف على الإطلاق سياسيًا. كما بعلم إنه لا يمكنه التحدث والخلط بينها وبين العديد من القضايا السياسية والاجتماعية الحساسة التي تعني وتؤثر على قمة المضيف في منطقة الشرق الأوسط وسياسات هذا الشرق الأوسط المباشرة – الداخلية – الحساسة – والدقيقة في حساباتها وحساسياتها الدولية الحساسة عمومًا. والإقليمية الدقيقة مثل بيت العنكبوت خصوصًا.. وعلاقات الدول العربية فيما بينها بالأخص. وتخصيصًا… نحن نتكلم عن كلمة الدولة الأوكرانية على لسان رئيسها، نحن نتكلم عن الكلمة الأكثر حساسية وخطورة وجودية على العالم كله دون استثناء… ألا وهي حرب العصر، الحرب – الروسية – الأوكرانية – الوجودية على صعيد العالم كله شرقه وغربه شماله وجنوبه… والتي إستطاع من خلالها وفي خضمها حماية مصالح شعبه وببلاده بشكل أساسي وتأسيسي أولًا وثانيًا ورابعًا وعاشرًا.. وضمان بقاء أوكرانيا على قيد الحياة فاعلة وليس دولة مفعول بها.

وذلك دون إن نذكر لاولئك البعض.. إنه اي زيلينسكي، ليس عربيًا ولا عضوًا في جامعة الدول العربية ولا حتى يتكلم اللغة العربية. ولكنه يحمل على كتفيه حرب قد تصبح الحرب العالمية الثالثة في حال ترنحت فوق كتفيه وسقطت على أرض الواقع والحروب المشتعلة من الاقتصاد العالمي إلى السياسة العبثية التي يعيشها العالم في هذه الأيام العبثية… بالتالي فهو غير مخول أو ملزم بالتحدث عن مسائل معينة تتعلق بالقضية الفلسطينية، القضية الفلسطينية التي هي أساسًا صراع عربي – إسرائيلي ومسؤوليته عربية – فلسطينية. وفيها من الخصوصية العربية-العربية.. والعربية-الإقليمية.. والعربية-الدولية ما فيها ما عليها..!؟

والأهم من ذلك كله، دعونا لا ننسى الحقائق القائلة بأن الجالية اليهودية في أوكرانيا تشكل جزءًا كبيرًا من السكان بتأثيرها وإمكانياتها، تمامًا مثل أهمية ومكانة الجالية المسلمة في أوكرانيا أكبر دولة في أوروبا. لذلك، كقائد ورئيس متقد الفكر والشجاعة، يعمل على تحقيق التوازن بين الجانبين الضروريين لاستقرار أوكرانيا  داخليًا. ولذا نراه قد إختار التحدث في كلمته التاريخية في القمة التاريخية عن المعاناة العربية والألم من التدخل الأجنبي.. وضرورة ان يكون أي تدخل ذو طابع إنساني وبطريقة “إنسانية”. في النهاية، هو في مهمة أساسية لتوسيع شبكة أوكرانيا وتحالفاتها الدولية الاقتصادية والسياسية والعسكرية.. إن لم يكن “سياسيًا واقتصاديًا” كما هو الحال مع الغرب.. فليكن “اقتصاديًا” مع الشرق الأوسط والشرق عمومًا لضمان مستقبل مشرق لأوكرانيا.. وسلام دائم.

 

Visited 3 times, 1 visit(s) today
شارك الموضوع

السؤال الآن

منصة إلكترونية مستقلة