جنبلاط يستقيل من رئاسة “التقدمي” .. المستقبل لتيمور

جنبلاط يستقيل من رئاسة “التقدمي” .. المستقبل لتيمور

حسين عطايا

لا شك أن استقالة وليد جنبلاط من رئاسة الحزب التقدمي الاشتراكي ومجلس قيادته تأتي في مرحلة حرجة وضاغطة في العمل للسياسي اللبناني ، وما يُحيطُ بها من مُتغيرات كثيرة ، وهي بالتأكيد خطوة مُهمة في طريق افساح المجال لقيادة جديدة تنبثق عن المؤتمر المنوي عقده في الخامس والعشرين من حزيران المقبل ، لتؤسس لمرحلة جديدة من مسيرة نضال الحزب التقدمي الاشتراكي .
وهذه الاستقالة تضع نقطة فاصلة بين مرحلتين واحدة انتهت ومرحلة جديدة ستبدأ ، مترافقة مع متغيرات آتية على المنطقة ومنها لبنان ، وبالتالي الامر يتطلب نهجاً جديداً وممارسة جديدة خالية من رواسب الحرب ومرحلة السلم التي تلت وامتدت على مدى ثلاث وثلاثون عاماً شابتها ممارسات كثيرة منها السيء والشاذ ، ومنها الجيد .

وضعت هذه الاستقالة  حداً فاصلاً بين مرحلتين ، للبدء بمرحلة نضالية جديدة ومختلفة عما سبقتها ، ومما هو معروفٌ ان لتيمور جنبلاط مقاربات مختلفة إن في التغيير او بالنظر لسيادة لبنان واستقلاله ، او في العمل والممارسة السياسية ، وهذا الامر سيخلق دينامية جديدة بكل ما للكلمة من معنى ، في مسيرة الحزب الاشتراكي وبالتالي ستطبع المرحلة القادمة بطابع مختلف مع مرحلة قيادة وليد جنبلاط ، لان الظروف تختلف عما سبقها .

إذن ، اتت الاستقالة في ظرف مفصلي ومهم في السياسة اللبنانية لداخلية ، فحبذا لو يتلقفها الاخرين من قيادات زمن الحرب ويستقيلوا ويرحلوا بإرادتهم قبل ان تفرض عليهم المتغيرات القادمة الخروج من السلطة تحت ظروف التهديد والوعيد وفرض العقوبات ، او قد تُطيح بهم ظروف انتفاضة او ثورة جديدة .

فواقعية وليد جنبلاط ودينامكيته في العمل السياسي ، اسست لمرحلة جديدة بتاريخ السياسة اللبنانية ، من خلالها ان رجل السياسة باستطاعته ان يضع توقيتاً خاصاً به يستطيع من خلاله ان يُحدد الوقت الذي يتقاعد فيه عن العمل السياسي ، لا ان يستمر حتى يُفاجئه الموت فيرحل…

فعلاً هذه الاستقالة ، وقبلها الاستقالة من النيابة ، وعدم الترشح مجدداً وضعت نهجاً جديداً في السياسة اللبنانية بأن يُحدد السياسي تاريخ وزمان تقاعده وبقرار منه لا أن يُفرض عليه نتيجة ظروف ومستجدات .
وبذلك يكون وليد جنبلاط قد ساهم بانتقال سلس للقيادة السياسية ، وعلى مراحل ، اتاحت لتيمور جنبلاط مجابهة التحديات بهدوء مبرمج وليس عن طريق استلام مهامه بصورة استثنائية كما حدث مع جده كمال جنبلاط والذي تسلم العباءة نتيجة اغتيال والده فؤاد ،او مع نجله وليد والذي تسلم عباءة المختارة والزعامة السياسية في العام ١٩٧٧ نتيجة اغتيال والده كمال ، وفي ظروف سياسية خطرة وصعبة .
اذاً اتاحت الظروف السياسية رغم صعوبتها ان تؤول الزعامة لتيمور بهدوء مُخطط له وعلى مراحل ، ففي العام ٢٠١٧ تسلم زعامة المختارة وابتعد وليد جنبلاط عن المشهد في المختارة ، وفي العام ٢٠١٨ تقاعد من العمل النيابي وآلت النيابة في الشوف لنجله تيمور وتسلم رئاسة كتلة اللقاء الديمقراطي واليوم في العام ٢٠٢٣ استقال من رئاسة الحزب وترك الباب مفتوحاً لتسلم نجله قيادة الحزب في المؤتمر العام في اواخر الشهر القادم ليكون المشهد الجديد مفتوحٌ على بوابة التغيير في المشهدية السياسية التي قد تتوافق مع المُتغيرات القادمة او تتعارض وفقاً للظروف المحيطة وما يحملهُ المستقبل القريب والبعيد من تطورات جديدة ، وهو بذلك ” وليد جنبلاط ” قد اوجد سابقة في تاريخ السياسة اللبنانية انه قرر تاريخ تقاعده وابتعاده عن المشهد بارادته وقرر ان يتقاعد ويرتاح .

Visited 4 times, 1 visit(s) today
شارك الموضوع

حسين عطايا

ناشط سياسي لبناني