محاولات خامنئي اليائسة للخلاص
حسين عابديني
منذ تأسيس النظام الايراني في الأول من أبريل عام 1979، ولحد عام 2009، حيث اندلاع أول انتفاضة کبيرة ضده، مسافة زمنية کبيرة تصل إلى 30 عاما. لکن المسافة الزمنية مابين عام 2017،و2023، والتي تقدر بستة أعوام، اندلعت فيها ثلاثة انتفاضات شعبية ذات طابع سياسي ضد هذا النظام، واستمرت الأخيرة منها لأکثر من ستة أشهر، وعندما نسعى لعملية مقارنة استقرائية بين هاتين الفترتين الزمنيتين، والسعي من أجل الخروج بمحصلة، فيما يتعلق بالعلاقة القائمة بين الشعب الإيراني من جهة وبين النظام الإيراني من جهة أخرى، فإن المحصلة العامة تشير وبکل وضوح بأن العلاقة التي کانت غير مستقرة ومشوبة بالحذر خلال الفترة الأولى، قد انقلبت إلى علاقة سلبية خلال الفترة الثانية، حيث استقرت على حالة العداء بين الشعب وبين النظام، وإن ترديد هتافات من قبيل”الموت لخامنئي”، و”يسقط نظام ولاية الفقيه”، من جانب الشعب الإيراني خلال الانتفاضات الثلاثة في أعوام 2017 و2019 و2022، بل وحتى إن الأمر قد وصل إلى حد ترديد هتاف”الموت للظالم سواءً کان الشاه أو خامنئي”، قد حدد موقفا حازما وحاسما من جانب الشعب الإيراني تجاه هذا النظام، وتجاه محاولات بقايا سلفه للعودة إلى الحکم مجددا.
على الرغم من أن النظام الإيراني يهتم کثيرا بالأحداث والتطورات السياسية في المنطقة والعالم، ويسعى للاستفادة منها من عدة جوانب، من أجل ضمان بقائه ودرء الاخطار والتهديدات الخارجية المحدقة به، لکن اهتمامه الأکبر والأساسي هو بالأحداث والتطورات الداخلية، لأنها هي التي يمکن أن تشکل الخطر والتهديد الأکبر ضده ويمکن أن تحدد مصيره.
الدرس البليغ الذي تلقاه النظام الإيراني خلال الأعوام الستة التي أشرنا إليها، ولاسيما وأن الانتفاضة الأخيرة، أي انتفاضة سبتمبر2022، والتي وبسببها ضاقت الأرض بما رحبت بالنظام، وأن اعتقال أکثر من 30 ألف مواطنا، وتنفيذ أحکام إعدام بحق المشارکين فيها أثناء الانتفاضة وبعدها، والانعکاسات الدولية الکبيرة لها، قد جعلت النظام يستفيق من علياء تمختره وغروره وغطرسته، وينتبه إلى أن ماقد حدث لسلفه من الممکن جدا أن يحدث له في أية لحظة.
مراهنة النظام على ممارساته القمعية، من سجون وتعذيب وإعدامات، وتماديه فيها، ظهر واضحا لخامنئي وبقية قادة النظام، من أنها غير مجدية من حيث ضمان السيطرة على الأوضاع الداخلية وعدم حدوث تطورات معادية له، ولذلك فإنه رأى بأن يبحث عن سبيل آخر للخلاص من الأخطار والتهديدات المحدقة به، ولاسيما بعد أن لاحظ بأن وخلال الأشهر الستة لانتفاضة سبتمبر، دارت في الأوساط السياسية العالمية، وحتى في داخل إيران، أحاديث بخصوص البديل القائم للنظام، ولاسيما مع وجود تنظيم يمتلك برنامجا سياسيا واضحا لمابعد هذا النظام، کما هو الحال مع المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية، فإن النظام بدأ يشعر بخوف کبير وغير مسبوق.
الرهان على العامل الخارجي، أو بتعبير أدق على التحالفات الدولية من أجل ضمان البقاء في السلطة، هو الخطأ الذي کان نظام الشاه قد ارتکبه بمراهنته على الولايات المتحدة الأمريکية، والتي لم تتمکن من إنقاذه في النتيجة، ويبدو واضحا بأن نظام ولاية الفقيه لم يستفد أو يأخذ الدرس والعبرة من سلفه، فقام باِرتکاب نفس الخطأ، ولکن المثير للسخرية إنه قد قام باِرتکابها في الفترة الحرجة والحساسة، أي بعد انتفاضة أواخر عام 2017، وما تلاها.
Visited 5 times, 1 visit(s) today