السلام المفقود بين باكو ويريفان

السلام المفقود بين باكو ويريفان

د. خالد العزي

    نفت وزارة الخارجية الأرمينية المعلومات التي تفيد بإمكانية توقيع معاهدة سلام مع أذربيجان في كيشينيف في الأول من الشهر السابع المقبل. وأعلنت سفيرة أذربيجان لدى فرنسا ليلى عبد اللاييفا، هذا الاحتمال بتاريخ 28 أيار ــــ مايو 2023، بعد تأزم العلاقات بين يريفان وباكو بسبب حادثة فقدان جنديين أرمنيين، حيث اتهمت أرمينيا أذربيجان باختطافهما، بتاريخ  26 أيار ــــ مايو 2023، بينما بررت أذربيجان خطفهما بكونهما اخترقا حدودها السيادية.

تعتبر هذه الحادثة انتهاكا لحدود الدولة الأذربيجانية، ولكون الجنديين جزء من مجموعة تخريبية من القوات المسلحة الأرمينية، بغض النظر عن الذي نفذها، وهي دافع تحريضي لتخريب الأجواء الهادئة بين الطرفيت وعرقلة الاتفاق بينهما.

كان الغرض من اختراق الجنود إلى حدود أذربيجان، قتل الناس وإحداث أضرار مادية وإثارة الذعر بين السكان، وإحداث الفوضى في أذربيجان والدفع بإثارة جو تصعيدي ميداني.

 وتشير التقارير إلى أن العسكريين المعتقلين التابعين للقوات المسلحة الأرمينية متهمون في قضية جنائية، وأن قرار المحكمة بحقهما، كان مجرد إجراءً من تدابير ضبط النفس في شكل اعتقال. فبطريقة أو بأخرى، من الواضح أن مصير هوفاكيميان وغزاريان سيتقرر لاحقا خلال المفاوضات بين الجانبين الأرمني والأذربيجاني. كما حدث سابقا في حالات مماثلة.

لقد تطورت الأحداث في المنطقة على عكس التوقعات المتفائلة لكل من موسكو والغرب، بشأن احتمال التوقيع قريبًا على معاهدة سلام بين أذربيجان وأرمينيا. وبهذا الخصوص صرحت الناطقة الإعلامية في وزارة الخارجية الأرمينية، آني باداليان، بأن النقاشات بين البلدين لا تزال في إطار التشاور حول تسوية العلاقات بين أرمينيا وأذربيجان، وعلى وجه الخصوص، الاتفاقية حول إقامة السلام والعلاقات بين الدول. بعدها سيكون  الجانب الأرميني مستعدًا لتوقيع الاتفاقية عندما يتم حل القضايا الرئيسية بين الطرفين، ولا تزال المناقشات مستمرة حول حل القضايا الخلافية وليس حول تاريخ توقيع الاتفاقية ومكانها.

الجدير بالذكر أن تحديد هذا التاريخ الضمني لتوقيع الاتفاقية بين البلدين ليس بالصدفة، وإنما عن تحضير مسبق وتحديدا في كيشينيف عاصمة مولدوفا، نتيجة انعقاد قمة أوروبية حول مولدوفا سيحضرها أكثر من خمسين رئيس ومسؤول أوروبي، وسيكون التوقيع  بعد الاجتماع المقرر بتاريخ الأول من الشهر السابع، في إطار قمة المجموعة السياسية الأوروبية.

لكن كما يبدو فأن الجهات المتضررة في أرمينيا من توقيع الاتفاقية بين باكو ويريفان، والتي حدد خطة سيرها رئيس وزراء أرمينيا نيقولا باشينيان تعمل دون كلل أو ملل  من أجل إفشالها، بعدما أصبحت جاهزة للتوقيع بعد نقاش حل العديد من التفاصيل الصغيرة.

 إن اعتراف أرمينيا بوحدة أراضي أذربيجان، يعني بأن الجانب الأذري لا يرى أي عقبة خطيرة أمام معاهدة السلام. ويمكن توقيعها في المستقبل القريب إذا لم تغير أرمينيا موقفها مرة أخرى.

في السياق قال وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو إن التطورات الإيجابية في العلاقات بين أنقرة ويريفان لا يمكن أن تتبع إلا بعد توقيع معاهدة سلام بين أرمينيا وأذربيجان. وأنقرة ترحب ببيان رئيس الوزراء الأرمني نيكول باشينيان بشأن وحدة أراضي أذربيجان.

ولا تزال لدى تركيا ادعاءات معينة ضد أرمينيا، حيث افتُتح مؤخرًا نصب تذكاري للمشاركين في عملية Nemesis، عندما تم تدمير المسؤولين الأتراك المتورطين في الإبادة الجماعية للأرمن في الإمبراطورية العثمانية في النصف الأول من القرن الماضي. حيث تعتقد أنقرة أن على يريفان تصحيح الخطأ الذي ارتكبته، مشيرة إلى أن افتتاح هذا النصب كان خطأ.

وفي ستيباناكيرت عاصمة الاقليم المتنازع عليه، وبحسب وزير الدولة السابق للجمهورية غير المعترف بها، روبين فاردانيان، الموالي لروسيا، يقول “إن “جبهة آرتساخ للأمن والتنمية” مستعدة للتعاون مع جميع القوى التي تريد أن ترى آرتساخ آمنة ومستقلة. ولكن ما يحدث بين باكو ويريفان لا يمكن أن يمر مرور الكرام في ناغورني كاراباخ. لقد صاغت ستيبانا كيرت موقفها منذ فترة طويلة تحت مسمى بأنه لا يمكن تقرير مصير أرتساخ، الاسم الأرمني لناغورني كاراباخ بدون شعب أرتساخ، الذين اختاروا الحرية والاستقلال.

شارك الموضوع

د. خالد العزي

أستاذ جامعي وباحث لبناني

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *