شذرية في حق ابن سينا
نجيب طلال
قِـــف:
عُـذرا لمن سيتأمل شذرية هاته الحروف والكلمات، التي انقـذفت من تلقاء نفسها؟ ربما لتصفية حسابات شخصية مع ذاتها، أو بوح خارج إرادة البوح المعلن ؟ مهما يكن، ومهْما كنت قارئا مفترضا أو معلوما أو شبحا؛ عليك أن تقـِفْ، إنه فعل أمر. جاءنا معَلبا! هكذا نستهلك ما أنتجه النحاة في الكهوف (ربما) في كهوف البصرة أو الكوفة، على ما أعتقد، وتبناها قانون السير!! فـَفي الوقوف بركة وامتثالا لأوامر العلامة! فلا تتعجل من أمرك. فالعجلة من الشيطان. هكذا علمونا منذ الصغر! فلا تتعجل حتى لا تهيم في مفترق الطرق ويسيح ذهنك، ويقع ما لا يكون متوقعا إنها مشيئة عَـدم الانتباه، في زمن تفاقمت فيه نسبة عَـدم الإنتباه أو اللامبالاة: أنجع من عـدم الانتباه؛ ربما؟ ولكن الانتباه مماذا؟ لا يهم الجواب،لأننا نعلم مسبقا لا أحد سيسأل أو سيتساءل؟ لأن الأغلب الأعم لا يقرأ ما يُـنشر(:) ولو كان ضده. مادام لن يزيده درهما من (مال) – المسلمين – على “الدرهم” ذاك المستجْـلبُ من تحت (الكواليس) المفتوحة لشراء الذمم (:) حتى أمسى {القلم } قطيعا ! {الفكر} قطيعا! {الموقف} قطيعا !{العلائق} قطيعا! إنه زمن {القطيع} قطيعا! مشاهد “البؤس” فنحن أمامها! فالله الأمر من قبل ومن بعْـد؛ ونطقت بشكر نواله شفاه الأنوار القدسية.
إذن فلا يهم الجواب الأهَـم بأن هاته الشذرية من وحي اليقظة، من وعي الذات بذاتها! وليست أضغات كلام! إنها مصوَّبة نحو ابن سينا (ليس) ذاك الطبيب العربي، إنني لا أعرفه شخصيا؛ لأننا لم نكن في زمانه، ولكن اطلعنا على منجزاته، رغم أنه فارسي/ همذاني. ولم نطلع على خفايا “ابن سينا ” الذي أعْـرفه ذاك الذي كان رئيس [الجامعة الوطنية لمسرح الهواة] ببلادنا. لـقد نسَـته ُالبلاد والعباد! إنه طبْـع جملة من النماذج البشرية! على رقعة هَـــذا البلد!
وقيل لي في جلـسة “رباطية” وليست “فاسية” أنه طريح الفراش منذ مدة. بماذا؟ لا أحَـد يعرف؟ ربما لم يعُـد أحَـد يزوره أو يجالسه؟ إنه طبْـع الانتهازيين الوصوليين أكيد لو كان العكس، لأطلعنا على بعض اللقاءات والحوارات مكتوبة أو مصورة معه باستثناء مقالة وحيدة / يتيمة ورائعة حوله أنجزها. ناقد سينمائي وابن بلـدته (1) رغم أنه حظي بالعَـديد من التقديرات والتكريمات وطنيا / عربيا / دوليا.. ولكن ما أقسى النسيان ونكران الجميل؟
تساءلت ونحْـن نتابع فقرات تكريم (عَـشر فنانين) مغاربة في المهرجان العَـربي (الدورة-13 /2023) بالدارالبيضاء. لماذا لم يتم اختيار المسرحي “عبد الحكيم بن سينا “من ضمن المكرمين؟ هل لأنه ليس مسرحي؟ ربما! هل المشرف عن الاختيار والتنظيم، لا يعرف نموذجا بشريا اسمه “ابن سينا عبد الحكيم” ذاك الذي أعطى للمسرح المغربي الشيء الكثير من زاوية حضوره وحركيته؟ مستبعَـد الجواب عن السؤال؟ باختصار: إنه يعرفه جيدا! قبل أن ينسحب من الهيئة العَـربية للمسرح. لأسباب لا يعرفها إلا (هو) خارج ما تم التصريح ب ؟ لا يهمنا “الموضوع” في حقبة (التخربيق /التخرميز) ليس بمصطلح الفن “التشكيلي ” ولا “الفلسفي” ولا “الغـْرافيزمي” بل بمفاهيمنا المحلية / المغربية. ولا نَـدري ماهي الظروف: التقنية واللغوية التي أعاقـت البروفيسور أحمد لخضر غزال توظيف المصطلحين في معجم الرصيد اللغـَوي؟
ولكن مهما اختلفنا، ويما اختلفنا! أو بقي الخلاف قائما، مع الأستاذ: عبد الحكيم بن سينا؟ يبقى بالنسبة لي ولتموقفاتي. نموذجا (ثـمَّ) نموذجا: بصم بصماته في النسيج المسرحي المغربي، ولا أحْـد يمكن أن ينكر ذلك، ولا يمكن أن ننساه من الذاكرة الفردية والجمعية على السواء؛ لكن مصيبتنا، أننا نتنكر، ونلبس أقنعة النسيان واللامبالاة، لابأس! هي ثقافة تعودنا عليها، وذلك من باب التـَّنبيه. ولكن بحكمة الله الباهِـرة وصفاته الأزلية والأبدية. إنها تتطور بتطور التحَـولات التقنية والتكنولوجية.
وَذكـّـر:
المصادفة العجيبة أن باب {وَذكــر} يرتبط بعنوان لمسرحية من تأليف [ادريس معرو ف] وإخراج [ع الواحد الشرايبي] شاركت بها جمعية النهضة المسرحية بمدينة الجديدة، في المهرجان الوطني لمسرح الهواة في (دورته 15 / 1974) والمقام بالجديدة / البريجة. ومن بيان نصه، كان رئيس جمعية النهضة (هو)” عبد الحكيم بن سينا ” آنذاك . فبما أننا ذكرنا “ابن سينا” ذاك الفيلسوف والطبيب… فلابأس أن نأخذ من قوله بأن “القياسات الخطابية تكون مُـؤلفة من مقدمات مقبولة أو مظنونة أو مشهورة فى أول ما يسمع عبـر حقيقية (2) فيا أيها القارئ الذي لديك قريحة القراءة كمتعة واستفادة وفـَوائد، لك القياسا، وأهم قياس ما هو مشهور، وتأسيسا على ذلك؛ فالأستاذ “عبد الحكيم بن سينا” تمظهر في الساحة بالفعل وليس بالقوة ولا بحركة قسرية، وبالتالي: إذ الجسم لا يتحرك بذاته، وذلك السبب إن كان محركا على جهة واحْـدة على سبيل التسخير فيسمى طبيعة، وإن كان محركا حركات شتى بإرادة أو غير إرادة، أو محركا حركة واحدة بإرادة فيسمى نفسا (3) وبدهي أن النفس هي الفاعلة في الحركة، لكن صاحب من عليه الشذرية ، كصيغة مخالفة للمقالة والقريبة من المقولات، كانت “نفـسه” مضاعفة الحركة في الساحة المسرحية؛ ربما كتحقيق “وجود” بعْـدما شارك في مسرحية {وَذكــر} لكنه اكتشف بأنه لا يتـوفر على موهبة التشخيص، رحم الله من عَـرف قدره وحدوده . مما انتهج أسلوب التسيير والتدبير، فحبذا لو كان بعض رؤساء الجمعيات المسرحية والثقافية. التي تحولت بقدرة (الدعْـم المسرحي) إلى وكالات/ تعاونيات/ مقاولات/…/ بدون سجل تجاري …مؤسف جدا؟ أن يفلحوا في التسيير والتدبير [ ك] عبد الحكيم بن سينا، بحيث أدار وكان يـُديربكل إتقان وفنية إدارية “الجامعة الوطنية لمسرح الهواة” ومكتب الحياة المدرسية التي كان رئيسها في زمان بمندوبية التربية والتكوين- الجديدة- والإشكالية هاهنا فموضوع “الجامعة الوطنية لمسرح” شائك جدا، وحيوي جدا، ولم ينفتح ملفه بعد؟ فرئيس الجامعة لم يتطاول على المنصب؛ بل في بداية التأسيس تقلد (أمين المال) لكن المرحوم “كريم بناني”( مراكش) لم يستطع تفعيل الجامعة كرئيس؟ مما أعيد التأسيس؛ فكان ماكان! بحيث حاول “ابن سينا ” تفعيل الجامعة والدفاع عن مسرح الهواة ، أمام الوزارة الوصية وغيرها من المؤسسات، ولنعُـد للوراء ونتمعن ماذا قال: .. كنا نطالب نحن كجامعة باسم الاتحادات والجمعيات بالإكثار من التداريب التي تنظمها وزارة الشبيبة والرياضة وكانت لا تجـِد صدى كبيرا… ولكنه في أمس الحاجة إلى تطعيم قـوي. والجامعة ترى أن مستوى التأليف المسرحي لايزال في الترعرع والنشوء؛ وبجانبه الإخراج المسرحي. وفي هذا المجال طالبنا الوزير أثناء افتتاح المهرجان الوطني19 بفاس; بإقـامة معهد لتكوين الأطر في ميدان المسرح (4) لنتأمل في هـذا القول، علما أن “ابن سينا” لم يكن مُسيسا ولا منتميا حزبيا، إلا بعْـد تمظهر الأحزاب الليبرالية …هذا موضوع يحمل بيان نصه ؛ خارج الشذرة (الآن) ولكنه انوجد تلقائيا في معممان الصراع السياسي و الإيديولوجي بين اليمين واليسار “المسرحي” بلغة ذاك الوقت. وصراعه مع القطاع الوصي، لتطبيق أيديولوجيته على المسرحيين! لكنه كان بمثابة طبيب معالج ، هكذا لاحظنا تصرفاته وسلوكه، إذ كان يحاول أن يبثر الجراح ويهَـدئ الأوضاع؛ ويرضي الخواطر. من أجل بناء مسيرة مسرحية مشرقة، تلك هي الحقيقة التي كانت. والخفي، أي :نعَـم كنا نتصارع معه كـ “يسار” ضد الهيمنة، والحيف الذي ينطلي على العَـديد من الجمعيات المسرحية؟ ولكن هناك يسار ويسار، فبعض منا كان يدافع بنوايا صادقة، من أجل اللذة “السيزيفية” لكن كانت هنالك شرذمة مكعبة الأطراف! من “ المسرحيين “! ـ تناوره عبر صراعها الظاهر معه (:) باعتباره رئيس الجامعة الوطنية لمسرح الهواة. ليتم استغلاله ماديا ومعنويا في الخفاء، ولأمور شخصية وكان رهْـن الإشارة، خـدوما منقـذا: فتجده أحيانا يوفر تغذية أو إقامة لأكثر من فـَرد سواء بمنزله… حتى ولو لم يكن النشاط نشاطه وإنما لزميل أو صديق استغاث به حين تخلى عنه مدعم أو وقع في ورطة عجز ميزانية.. وأحيانا وفي زمن قياسي يقتنص دعما ولو رمزيا من مجلس بلدي أو محسن كريم، أو من هيأة لا علاقة لها بالفن والثقافة (5) وشهد شاهد من أهله. فهذا الإحسان أو اتخاذ المبادرة، ربما لطيبوبته ؟ أو لطباعه أم لحلاوة المنصب الرئاسي؛ الذي يعطيه قوة وجود؟ من هنا فمن الصعب فتح ملفات (الجامعة/ لأن هناك صناديق سوداء، لا علاقة للمؤسسات بها بل بين المسرحيين، طبعا لنا أخطاؤنا ونقط ضعفنا، مما لا يمكن أن ننزهه عن الأخطاء والسلبيات، ففي لحظات، وفي مواقف (ما) يكون مناورا، داهية ، هادئ الأعصاب، تغلب عليه (تلك) الابتسامة! فالغريب هي “ابتسامة” ليست بماكرة ولا تتحمل ضغينة أو عنفا رمزيا، مما يجعلك أن تهدأ بدورك، وتلتمس له الأعذار. لكن المفارقة، فالمحسوبين عن “اليمين” فكان جزاؤهم الأوفى، والحظوة الكبرى في ظِلّ مـمْدودٍ من الاستفادة فكانوا يستفيدون من التداريب الدولية والحضور للمهرجانات العربية وغيرها، ولنا قـول شاهِـد من أهلها: حيث دفع بعَـدد منهم إلى الاستفادة من تداريب وتكوينات مسرحية وفنية مختلفة وطنية ودولية.. وأنا شخصيا كنت أول مسرحي جديدي يوفده سنة 1983 إلى مهرجان “أفنيون” المسرحي بفرنسا، حيث تلقيت هناك تكوينا في بعض الشُّعَب المسرحية (6) تلك هي الحقيقة المندرجة في قياسات خطابية ، وبالتالي نأمل أن ينفتح ملف (الجامعة الوطنية لمسرح الهواة) التي أقـبـِرت (الآن) فهل كان المسير الكفء، بدون منازع “ح عبد الحكيم بن سينا” له اليد الطولي في: إعْـدام {الرابطة الوطنية لمسرح الهواة} أواسط السبعينيات من (ق، م) وفي اغتيال {فيدرالية مسرح الهواة} أواسط الثمانينيات من (ق، م) وإفشال خطوات {الشبكة الوطنية للمسرح التجريبي}؟ في بداية التسعينيات من (ق، م)؟ أم هنالك أطراف خارج – الجامعة الوطنية –
اسـتئناس:
1) عبد الحكيم بن سينا، مهما اختلفت معه، لا يمكنك إلا أن تحبه: بقلم خالد الخضري في صحيفة الجـديدة
سكوب/ بتاريخ 06/10/2019 ومنشور في جـداريته (فايس بوك)
2) عـيون الحكمة: لابن سينا تقديم وتحقيق ع الرحمان البدوي- ص35- ط 2/ الناشر: وكالة المطبوعات/ الكويت- دار القلم / بيروت- 1980
3) نــفســــه – ص40 –
4) المسرح ماهو إلا صورة تعكس أوضاع المجتمعات: حوار مع عبد الحكيم بن سينا – ص113- مجلة الفنون ع 1 ، س6 في نونبر /1979- الثمن (درهمان) ؟؟؟
5) عبد الحكيم بن سينا ، مهما اختلفت معه ، لا يمكنك إلا أن تحبه : بقلم خالد الخضري في صحيفة ” آش واقع “، بتاريخ – 06/10/2019 –
6) نـــفــــســـه