بولندا: توظيف ورقة “المهاجرين” للربح الانتخابي

بولندا: توظيف ورقة “المهاجرين” للربح الانتخابي

د.خالد العزي

ناقش رئيس الوزراء البولندي ماتيوز موراويكي مع قادة الأحزاب والفصائل البرلمانية آلية إعادة توطين المهاجرين التي يفرضها الاتحاد الاوروبي.

وقدم حزب القانون والعدالة الحاكم إلى مجلس النواب مشروع تعديل قانون الاستفتاء، الذي يجب أن يحدد موقف البولنديين من خطط إعادة التوطين القسري للمهاجرين واللاجئين وفقًا الى حصص دول الاتحاد الأوروبي. وأعلن رئيس الحكومة قرار إجراء تصويت شعبي على هذه القضية في الخريف في نفس يوم الانتخابات البرلمانية.

يتصاعد صدى قمة الاتحاد الأوروبي الفاشلة من وجهة نظر موسكو والتي حصلت في اواخر شهر حزيران ــــ يونيو الماضي في بروكسل، كل يوم في بولندا، التي عارضت إلى جانب المجر، مقترحات المفوضية الأوروبية الهادفة إلى “تفريغ” دول الاتحاد الأوروبي ذات العدد الزائد من اللاجئين. وشمل حساب النازحين من 30 إلى 120 ألف مهاجر. كما تم تصور عبء مالي على البلدان التي رفضت قبول اللاجئين: لكل منها ما يعادل 22000 يورو.

يمكن القول بأن الاتحاد الاوروبي توصل الى اجماع عام على خطة التوطين للاجئين  بغض النظر كيف تنظر بعض الدول ويمكن اخذ الموقف الرسمي من مفوضة الاتحاد الأوروبي للشؤون الداخلية إيلفا جوهانسون، حيث  أكدت أن آلية إعادة التوطين القسري التي أعدتها مؤسسات الاتحاد الأوروبي مرتبطة بعقوبات مالية على الدول التي لا توافق على تنفيذها. وأثناء وجودها في جزيرة لامبيدوزا الإيطالية، حيث يصل مئات المهاجرين من شمال إفريقيا، أشارت إلى أن “الهجرة تمثل تحديًا ليس فقط لإيطاليا ، ولكن أيضًا لأوروبا”.

ومن هنا  نرى بان هذا التصريح لجوهانسون شكل نقطة واضحة  لحث كل المعنيين للوصول إلى نتائج واضحة تتماشى مع سياسة الاتحاد الإنسانية  وهو اما دفع موراويكي إلى عقد النصاب القانوني لكبار السياسيين على وجه السرعة. وكتب رئيس الوزراء على مواقع التواصل الاجتماعي بتاريخ 5\7\2023 بان آلية إعادة التوطين القسري تشكل تهديدًا للأمن البولندي ويجب التعبير عن موقف واضح بشأن هذه القضية من قبل جميع القوى السياسية”.

وفي بروكسل، أوضح موراويكي أنه يجب نقض قرارات القمة من أجل وقف الهجرة غير المنضبطة. أما في بولندا، كان يُنظر إلى بيانه على أنه يستهدف جمهورًا في بلد ظلت فيه قضية اللاجئين بعبارة ملطفة مثيرة للجدل منذ بداية أزمة الهجرة في عام 2015. وخلص الخبراء إلى أن السياسة الأوروبية البولندية كانت في طريق مسدود، ووُصفت الوحدة مع رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان كحليف مخلص لفلاديمير بوتين بالتسوية.

ومن المؤكد بان علاقة الحزب الحاكم  في بولندا غير مواتية مع الهياكل الأوروبية: “نتيجة لذلك، اتفق الحزب الحاكم البولندي مع نظيره في المجري على سياسة متطرفة ضد المهاجرين لا تعكس مواقف الاتحاد  الأوروبي وهي بحد ذاتها كارثة دبلوماسية،  فالأشهر القليلة الماضية أظهرت أن بودابست والكرملين متحدان ليس فقط من خلال المصالح، ولكن أيضًا ببعض القيم المشتركة. المجر هي الدولة الوحيدة التي لم تعدل سياستها تجاه بوتين منذ 24\2\2022 من العام الماضي”.

اما في بولندا تتغير أولويات الحملة الانتخابية للانتخابات البرلمانية كل يوم تقريبًا. على خلفية الأحداث في أوكرانيا وفشل التمرد في روسيا، وبرز موضوع المهاجرين إلى الواجهة، مما أثار مواجهة متوترة بالفعل بين الحزب الحاكم وقوة المعارضة الرئيسية، ذات الاتجاه المدني. حيث نشأ خلاف سياسي حاد بسبب رئيس الوزراء السابق، الرئيس الأخير للمجلس الأوروبي، والآن زعيم الشركة المملوكة للدولة دونالد تاسك، الذي نشر مقطع فيديو على الشبكات الاجتماعية هاجم فيه رئيس الحزب الحاك ، ياروسلاف كاتشينسكي، لاتباع سياسة هجرة غير كفوءة. “لماذا يحرض كاتشينسكي في نفس الوقت الغرباء والمهاجرين ، وفي الوقت نفسه يريد مئات الآلاف منهم أن يُسمح لهم بالدخول، وعلى وجه التحديد من دول مثل المملكة العربية السعودية أو الهند أو قطر أو الإمارات العربية المتحدة أو نيجيريا ؟ ربما يحتاج إلى حرب داخلية، أو صراع، أو خوف من المواطنين البولنديين، لأنه حينها من الأفضل له أن يحكم، وسيكون من الأسهل عليه الفوز في الانتخابات؟ يجب أن نزيله من السلطة في أقرب وقت ممكن من أجل تجنب هذا الخطر، يجب على البولنديين استعادة السيطرة على دولتهم وحدودها”.

لكن المعارضة تعلم بان الاجتماع كان مفخخا بهدف إنقاذ الحزب الحاكم من ازماته الداخلية والخارجية وبالتالي الحكومة ستنفذ اقتراحات الاتحاد الاوروبي.

Visited 1 times, 1 visit(s) today
شارك الموضوع

د. خالد العزي

أستاذ جامعي وباحث لبناني