رياض سلامة وحزب الله .. وتهليل الإعلام المسموم
حسين عطايا
بعد ان توقفت الحرب إثر إقرار وثيقة الطائف في العام 1989 والتي اصبحت دستوراً للبلاد، إبتُليَ لبنان بطبقة سياسية ليست فاسدة او فاشلة فحسب ، بل جبانة لدرجة إنها أصبحت ذنباً للقوى الاقليمية وبعض منها تابع لقوة داخلية محلية مدعومة من دولة إقليمية ، لم يُطبق الطائف، ولم يجر تطوير النظام اللبناني إنسجاماً مع ما أوردته الوثيقة التي تضمنت الكثير من المباديء والنصوص المتطورة .
فنتيجة جبن الطبقة السياسية ، التي لم تستطع ولو مرة واحدة الوقوف بوجه نظام الاحتلال السوري لتقول له هذا بلدنا ونحن نُريد تطوير الحياة السياسية فيه رأفة بمستقبل اجيالنا ، تماهت معه وبحثت عن مصالح خاصة وانانية تُرضي بعض من حاجات هي حقٌ لها وليست منةً من احد ، فاستطاع الاحتلال وعبر مندوبيه ان يُمارس شتى التشوهات والتغييرات في نظام الطائف وخلقت اعرافاً لا تمتُ للوثيقة الوطنية بشيء ، لا من قريب ولا من بعيد . وهو ما دفع بالمنظومة السياسية الحاكمة الى البحث عما يُحقق مصالحها، ضاربة بعرض الحائط مصالح الوطن وشعبه .
استدعى ذلك فيما بعد خضوع هذه الطبقة وخنوعها إلى ما ترميه لهم سلطات الاحتلال السوري، ومن ثم وريثها حزب الله الايراني في لبنان . بدأ الاعلام المرتبط بمصالح واهية نتيجة الفتات الذي تمنحه اياه سلطات الاحتلال والامر الواقع بتمجيد الفاسدين والفاشلين حتى باتت بعض النظريات من المسلمات في الحياة السياسية والاقتصادية ، ومنها :
* لولا حزب الله لكانت داعش دخلت بيوتكم واغتصبت نساءكم وقتلتكم وقتلت اطفالكم .
* لولا رياض سلامة لأصبح الدولار بمليون ليرة .
هذه عينة مما تناقله الاعلام الباحث عن فُتات اعلان من هنا وبعض حماية من هناك ، فبات لبنان رهينة تصريحات وخطب حسن نصرالله امين عام حزب الله في السياسة ، ورهينة تعاميم وقرارات وبهلونيات رياض سلامة في النقد والاقتصاد ، وإذا زدنا عليهما بعض بهلونيات عدد من الوزراء ازلام هذه الطبقة السياسية الحاكمة على امتداد سنوات وسنوات لرأينا كم هي قاحلة الحياة السياسية في لبنان وكم هو كبير وكبير جداً هذا التصحر الأخلاقي في السياسة والاقتصاد والمال ، حتى باتت صِبية الازقة تتحكم بقرار الدولة اللبنانية، والتي كانت في ما مضى سويسرا الشرق .
تقاطرت كلاب الزمان على لبنان لتفرغه من رجالات الدولة وتُهجر نُخبه العلمية والاقتصادية ليخلوا لهذه المنظومة الحكم وان تمسك بزمام البلاد لتوصل الوطن والشعب الى جهنم الحالية والتي تتقاذفها المآسي والازمات على مختلف الصعد والمستويات .
فمثلا ، ما عملت عليه هذه المنظومة ولكم بعض العينات .
* رياض سلامة حاكم البنك المركزي منذُ ثلاثين عاماً .
* نبيه بري رئيساً للسلطة التشريعية منذ ثلاثين عاماً .
* مجلس إدارة كهرباء لبنان مستمراً منذ ثلاثين عاما .
* وزارة الطاقة مع الممانعة منذ ثلاثين عاماً .
هذه المنظومة تُجدد لنفسها وازلامها باستمرار وتقضي على كل طاقة ونُخبة فتُقصيها عن الساحة وتُبعِدها عم مركز القرار تاركة ازلامها في مراكز السلطة تنهب المال العام وتأخذ من الفاسدين والفساد معياراً للعمل الحكومي والاداري .
واليوم بعض الاعلام الفاسد لا يزال يُسوق لقوة حزب الله ولرياض سلامة، حتى بتنا نعيش في عصفورية وطن تحكُمهُ طبقةً من شُذاذ الآفاق فتعيث به فساداً حتى اصبح الفساد عام وعلى كل المستويات مع بعض الاستثناءات القليلة والقليلة جداً، وتعمل هذه السلطة على إزالة اخر معاقل مظاهر الدولة فتصوب اليوم على الجيش والذي رغم كل الأزمات والتحديات لا يزال صامداً لكنه محاصر من خلال تفريغ وتعطيل مجلسه العسكري والتعيينات الضرورية وفرض أعراف جديدة تُريد ان تجعل من تطبيقها بديلاً لقانون الدفاع الوطني وما تنص عليه مواده .
وهنا ليس بعيدا عن هذا الفساد ، فئات كبيرة من الشعب اللبناني والتي قامت بالتجديد للطبقة السياسية من خلال إعادة انتخابها في انتخابات العام الماضي ٢٠٢٢ . إذن بعض الشعب الفاسد يأتي بطبقة سياسية فاسدة على مقاسه ومقاسات احلامه وتطلعاته .
بئس الزمان وبئس شعب يضع السُم في حياته ويُسمم حياة اجيال لم تأت بعد ، فقط لأنه يصنع الطُغاة ولا يستبدلها .