أفق: ومن غوركي إلى تشيخوف (2)

أفق: ومن غوركي إلى تشيخوف (2)

 ثقفت نفسي بنفسي

  صدوق نورالدين

     اختار الكاتب والمترجم السوري الراحل جلال فاروق الشريف(1925/1983)، التركيز بخصوص مراسلات تشيخوف على تلك التي ربطته ومكسيم غوركي. وعددها (89 رسالة) صدرت في كتاب مستقل عن دار الرافدين(بيروت/العراق/ 2018).

يرى الشريف في المقدمة المعتمدة، أن رسائل غوركي، صورة عن حياته وتجربته في الكتابة والإبداع. بالتالي، هي جزء من الحياة، إذا ما ألمحت للثقة التي خص بها تشيخوف، وجعلته يتحدث عنه بصدق وموضوعية، ويقارنه بالفرنسي “موبسان”، مانحا إياه استحقاق كتابة القصة القصيرة. وكأنه خبر من إبداعه شخصيته ونفسيته:

“إني لا أتحدث إليك لأني أحبك فحسب، بل لأني عليم بأنك رجل تكفيه كلمة واحدة كي ينشئ صورة ويؤلف جملا ويكتب قصة، قصة رائعة تنبش أعماق الحياة وجوهرها كما تفعل أداة سبر بالأرض.” (ص/5)

ويرد في رأي للناقد الفرنسي “جان بيرو”، اعتراف بمثابة استكمال للثقة السابقة مؤداه كون تشيخوف قدم خدمات جلى لغوركي، جعلته يحظى بالمكانة الأدبية التي انتهى إليها :

“إن تشيخوف هو الذي جعله يتخطى العتبة، وقاده دون أن يكبح جماحه، وأوحى إليه بالثقة اللازمة كي ينشر أولى مجموعات أقاصيصه.” (ص/9)

أما في معرض جوابه عن الرسالة السابقة، فيشير في شبه تحد، إلى كونه عمل على تثقيف نفسه بنفسه ولما يبلغ بعد الثلاثين. وهو ما أوصله لمكانة تكفيه ولا يرغب سوى المحافظة عليها. وعن الدعوة للعيش في المدن الكبيرة والتقرب من الأدباء وعدم التعلم من صياح الديوك، فيقول:

 _ “لا لست أحب المدن الكبيرة، ولقد كنت متشردا قبل اشتغالي بالأدب، والموت فضلا عن ذلك سيوافيني سريعا في سان بطرسبرغ لأني مصاب بشيء من السل”. (ص/ 21)

يبقى تعبير الرسائل كشف لحميمية لا يسهم في إنتاج معناها الإبداع فقط، وإنما العلاقة التي تقوم على هامشه.   

Visited 10 times, 1 visit(s) today
شارك الموضوع

صدوق نور الدين

ناقد وروائي مغربي