ليبيا: انهيار السدين دفع المياه كقذيفة وجرف أحياء درنة

ليبيا: انهيار السدين دفع المياه كقذيفة وجرف أحياء درنة

 السؤال الآن ــــ تقرير

أعرب االناشط البيئي اللبناني  حسان حجار عن اعتقاده بأن ” إرتفاع اعداد الضحايا الكبيرة في درنة – ليبيا، يعود لانهيار السدين الموجودين واندفاع المياه نحو المدينة جارفة بطريقها احياء بكاملها” .

وقال لـــ “السؤال الآن”: “لا معلومات موثقة عن هذين السدين وتاريخ بنائهما او تفاصيل عن خرائط تنفيذهما ويقال انه نتيجة الاعصار وكميات المطر التي انصبت على المنطقة ارتفع منسوب السدين بسرعة وانطلقت المياه فوق الجدار جارفة معها حائط الجدار نفسه .فأندفعت ملايين الامتار المكعبة دفعة واحدة نحو الاحياء السكنية فجرفتها عن بكرة ابيها”.

وأضاف: “يتكلمون الآن عن عدد المفقودين و قدرونه ب١٠٠ الف انسان واحتمال ارتفاع عدد الضحايا ل١٠ آلاف و هذا تفسيره يصب في مسألة انهيار الحوائط الركامية للسدين مما جعل كميات هائلة من المياه الاضافية تنفجر كالقذيفة وتجتاح تلك الأحياء  بسرعة وتقذفهم في المجرى بأتجاه البحر”.

وأوضح أن المدينة تقع على ضفاف وادي كبير “وادي درنة”، هذا الوادي الذي يتجاوز طوله 60 كم ومساحة حوض التجميع له تبلغ 575 كم مربع. ونتيجة لتكرار حدوث الفيضانات في المدينة بسبب مرور الوادي بوسطها أوصت الدراسات التي اجريت في الستينيات بضرورة انشاء أكثر من سد واحد من أجل حماية المدينة ومن أجل حجز الكميات الهائلة من المياه التي تجري بالوادي في وقت الفيضان حتي ينتهي بها الأمر بالبحر.

,اشار إنه “في بداية السبعينيات قامت أحدى الشركات اليوغسلافية ببناء سدين ركاميين (القلب من الطين المدموك، والجوانب من الحجارة والصخور) على مجرى الوادي. سد البلاد وهو يبعد مسافة حوالي 1 كم جنوبا من قلب المدينة بسعة تخزينية في حدود 1.5 مليون متر مكعب، وسد ابو منصور ويبعد حوالي 13 كم جنوب السد الأول، وهو سد كبير بسعة حوالي 22.5 مليون متر مكعب.

بناء هذه السدود أنهى مشكلة الفيضانات بالمدينة، والتي كانت تتسبب في خسائر كبيرة في الأرواح والممتلكات. من ذلك فيضان 1941 والذي تسبب في خسائر كبيرة للجيش الألماني، وفيضان 1956، والفيضان الكارثي سنة 1959، وفيضان 1968، وفيضان سنة 1986 الذي رغم كبره إلا أن السدود لعبت دورها في منع حدوث الأضرار بالمدينة. ويظل فيضان سنة 1959 هو الأكثر إيلاما في ذاكرة المدينة بسبب عدد الضحايا والخسائر المادية قبل حدوث فيضان  11 سبتمبر 2023.و هو الأكثر شدة ودمارا وخرابا وإيلاما عبر تاريخ هذه المدينة لعدة أسباب منها:

(1) أن كميات الأمطار التي سقطت في فترة أقل من 24 ساعة تجاوزت في حوض تجميع الوادي 200 ملم وهذا يعني أن حوض التجميع استقبل ما يزيد عن 115 مليون متر مكعب من المياه، وهي كمية أكبر بكثير من قدرة تحمل السدود مجتمعه. وهذه الكميات لم تسجل سابقا في كل الفيضانات المسجلة (المقصود التساقط المطري في عدة ساعات علي المدي القصير).

(2) أن وجود السدود خلال الخمسين سنة السابقة خلق حالة من الإطمئنان لدى الناس مما جعلهم يزحفون بالمباني والطرق والمنشآت على ضفاف الوادي التي لم تكن مقصودة عبر التاريخ بانشاء الطرق والمباني وليست مُهيئة لذلك نظراً لتربتها الطينية وطبيعتها الجيولوجية.

(3) بعكس الفيضانات السابقة حيث كانت المياه تتدفق بحرية من خلال المجرى، فإن فيضان فجر الأمس كان بسبب التراكمات خلف السدود بالإضافة إلى ما جاء به الوادي من كميات إضافية هائلة من المياه فوق الطاقة الإستيعابية مما جعل هذا الفيضان تاريخي وغير مسبوق. أحد الأدلة على ذلك أن أضرحة صحابة رسول الله بقيت هناك منذ الفتح الإسلامي رغم كل الفيضانات عبر التاريخ، حتى فيضان فجر الأمس الذي أكتسحها وعدة أمتار تحتها وأصبح مكان تلك الأضرحة الأن في الهواء بعدة امتار فوق سطح الأرض. خمسون سنة من الصمود بلا تطوير ، تحديث او صيانة ماذا ستكون النتيجة؟؟.

وأضاف: “هذا الفيضان لم يسبق أن رأته المدينة عبر تاريخها، لقد تغير كل شيء، بما فيها لاندسكيب المدينة او مظهرها الطبوغرافي ، لقد اتسع الوادي الآن ليشمل عدة شوارع وأحياء على جنباته وطول مجراه في المدينة. وأصبحت المدينة اليوم بدون حماية من أي فيضان آخر ولو كان بسيطا. وعليه يجب أن تتغير سياسة التعامل مع هذا الوادي من الجذور.

دائما ما نقول أن محاولة إدارة الطبيعة تكون نتائجها كارثية، والصحيح والآمن دائما هو العمل مع الطبيعة بقوانينها وواقعها، وليس محاولة السيطرة عليها والا فيجب ان يكون ذلك تحت المراقبة والمتابعة ووفق احدث السبل وعلينا تسخير التكنولوجيا والخبرات لذلك.

إن ما حدث فجر الأمس ستكون له آثار كبيرة على حياة الناس وتواجدهم بالمنطقة. لقد بقيت هذه السدود 50 سنة بالكمال والتمام، وانهارت يوم أمس، وهي فترة يجب دراستها بتمعن، ومعرفة كل جوانبها الايجابية والسلبية، ليس فقط من أجل الجوانب الأكاديمية البحثية، بل كذلك من أجل استحداث طرق مغايرة وحديثة للتعامل مع ادارة السدود والأودية في كامل ربوع ليبيا وتجنب هكذا كوارث”.

ووفقا لتصريح أدلى به المسؤول في الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر تامر رمضان للصحافيين في جنيف قائلا: “لا نملك أرقاما نهائية لعدد القتلى حاليا لكن حصيلة القتلى ضخمة وقد تصل إلى الآلاف”، وأكد أن “عدد المفقودين وصل إلى نحو 10 آلاف شخص”. وأعرب عن أمله في التوصل إلى أرقام أكثر دقة في وقت لاحق الثلاثاء.

ولاحقا أشارت أجهزة الطوارئ في ليبيا إلى أكثر من 2300 قتيل في مدينة درنة شرق البلاد جراء الفيضانات.

وقال رمضان متحدثا من تونس إن “الاحتياجات الإنسانية تتجاوز بأشواط إمكانيات الصليب الأحمر الليبي وإمكانيات الحكومة”. وتابع أنه “لهذا السبب أطلقت الحكومة في الشرق نداء للحصول على مساعدات دولية وسنطلق نحن نداء عاجلا قريبا أيضا”.

من جانب آخر، أعلن الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر مقتل ثلاثة متطوعين من الهلال الأحمر الليبي أثناء مساعدتهم ضحايا الفيضانات في ليبيا.

وضربت العاصفة “دانيال” شرق ليبيا بعد ظهر الأحد، خصوصا بلدات الجبل الأخضر الساحلية (شمال شرق) إلى جانب بنغازي حيث تم الإعلان عن حظر للتجول وإغلاق المدارس. ووصفت المتحدثة باسم منظمة الصحة العالمية مارغريت هاريس الوضع في ليبيا بأنه “كارثة مأساوية”.

ولفتت المنظمة العالمية للأرصاد الجوية التابعة للأمم المتحدة إلى اختفاء “أحياء بأكملها” في درنة حيث “جرفت المياه سكانها بعد انهيار سدين قديمين، ما جعل الوضع كارثيا وخارجا عن السيطرة”.

وقد شوهدت في درنة جثث مكدّسة ومتراصة في الشوارع وداخل الأحياء في انتظار دفنها، وسط مخاوف من تعرضها للتحلل بعد انجراف المقابر القديمة وبلوغ المقابر الحديثة طاقة استيعابها القصوى.

وأظهر مقطع فيديو جديد من مدينة درنة، أعدادا كبيرة من الجثث الملفوفة بأغطية والمتروكة والمكدسة على قارعة الطريق وتحت الأشجار وداخل الأحياء في انتظار التعرّف على هوياتها قبل دفنها، وذلك بعد تعذّر وضعها في غرف أموات المستشفيات التي خرجت عن الخدمة بعدما اجتاحتها السيول.

ويقر المسؤولون الليبيون بصعوبة إحصاء أعداد الجثث المنتشرة في طرقات وتقدير عدد الضحايا، في وقت تكافح فيه فرق الإنقاذ لانتشال الجثث من تحت الأنقاض والركام في المدينة.

وتسبّبت السيول التي ضربت شرق ليبيا في قتل وفقدان الآلاف، وتدمير البنية التحتية، خاصة في مدينة درنة التي لا تزال معزولة بسبب الدمار الذي لحق بالطرقات الموصلة إليها بشكل يجعل من الصعب وصول فرق الإنقاذ والإمدادات الإنسانية.

وكان المجلس البلدي في درنة قال إن هذه الخسائر البشرية والمادية سببها انفجار السدين المائيين بالمدينة، وطالب بفتح ممر بحري، كما طالبت السلطات الليبية بتدخل دولي عاجل.

من جهة ثانية، وصل إلى ليبيا وفد عسكري مصري برئاسة الفريق أسامة عسكر رئيس الأركان المصري، تنفيذا لتوجيهات الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي. حيث سيتم التنسيق على سبل تقديم كافة أوجه الدعم اللوجستي والإغاثة الإنسانية العاجلة بالتعاون مع الأجهزة والمؤسسات الليبية المختصة وفقاً لاحتياجاتها لمواجهة التداعيات المترتبة على الإعصار.

وقال وزير الصحة الليبي عثمان عبد الجليل، اليوم الثلاثاء، إن الوضع في درنة مخيف، وهناك أماكن مازالت معزولة وأحياء جرفت بكاملها، وإن أعداد الوفيات جراء الفيضانات التي ستظهر غدا مخيفة، لافتا إلى أن أعداد ضحايا الفيضانات تجاوزت 3000 قتيل حتى الآن.

ومن جانبها، صرحت هيئة الأرصاد الجوية الليبية بأنها حذرت السلطات من العاصفة قبل وقوع الكارثة بـ5 أيام لكن الأخيرة لم تأخذها على محمل الجد.

وقررت مصر فتح جسر جوي لنقل الدعم اللوجستي يبدأ بإيفاد 3 طائرات عسكرية تحمل على متنها مواد طبية وغذائية و25 طاقم إنقاذ مزود بكافة المعدات الفنية اللازمة، إضافة إلى طائرة أخرى لتنفيذ أعمال الإخلاء الطبي للمقاتلين والمصابين.

ووجه السيسي القوات المسلحة بتقديم كافة أشكال الدعم الإنساني، من أطقم إغاثة ومعدات إنقاذ ومعسكرات إيواء للمتضررين، بالتعاون والتنسيق مع الأجهزة والمؤسسات الليبية والمغربية.

وأعلنت الجزائر، إنه وبتكليف من رئـيس الجمهورية عبد المجيد تبون، قرر إرسال مساعدات إنسـانية واستعجالية إلى ليبيا.

وبحسب ما أفاد به بيان لرئاسة الجمهورية، فإن القرار جاء استجابة لطلب رئيس المجلس الرئاسي الليبي بتقديم الدعم والمساعدة للمناطق المنكوبة. وتقرر إرسال المساعدات الإنسانية الهامة إلى ليبيا عن طريق جسر جوي مُكوّن من 8 طائرات تابعة للجيش الوطني الشعبي.

وتتمثل المساعدات الإنسانية والاستعجالية في مواد غذائية، طبية وألبسة وخيم.

وتركت السيول والفيضانات التي ضربت مدناً بشرق ليبيا نتيجة إعصار دانيال، آثاراً كارثية على البلاد، بعدما حوّلت بعضها إلى ركام، والتهمت أحياء كاملة بمواطنيها.

 

Visited 24 times, 1 visit(s) today
شارك الموضوع

السؤال الآن

منصة إلكترونية مستقلة