اقتصاد إيران ينهار.. وخامنئي يبحث عن حلول للتضخم
السؤال الآن ــــ تقرير
يتعرض الاقتصاد الإيراني الى سلسلة انتكاسات شديدة بعد أن تجاوز معدل التضخم 50%، مما جعل مرشد الجمهورية الاسلامية علي خامنئي يشعر بالقلق من الوضع الحالي ويطلب من الخبراء التفكير في الحلول.
وبينما يتم فصل الأساتذة المنتقدين لنظام الملالي من الجامعات واستبدالهم بالأميين والمداحين، يواجه خامنئي آلاف الأزمات الأخرى التي تقصم الظهر.
وتشير مصادر في المعارضة الإيرانية الى ضرورة “إلقاء نظرة على دور إبراهيم رئيسي المعيّن من قبل خامنئي، الذي يتعمد إخفاء الإحصائيات”. وفي هذا المجال، يقول الخبير الحكومي مهدي بازوكي، إنه “عندما ترتفع أسعار النفط والأرز إلى 5 أضعاف في حكومة رئيسي فإن ذلك يمثل ارتفاعا كبيرا جدا في أسعار السلع الأساسية ولا يمكن إخفاؤه في الإحصائيات”.
ويتحدث فرهاد نيلي، ممثل إيران السابق في البنك الدولي، عن القوة التضخمية للمال في البلاد ويشبهها بـ “القنبلة الموقوتة التي قد تنفجر في أي لحظة. والخطوة التالية في هذا التقرير هي مقارنة التضخم بقنبلة موقوتة. وبنوك البلاد التي تطبع وتوزع النقود، تخفي إفلاساتها باسم “السخط”، وهذا الوضع مؤشر على الضعف العام لاقتصاد البلاد”.
بعد ذلك، يذكر نيلي سيلًا من التحديات التي تنتظرنا. ويشير وحيد شقاقي، الخبير الاقتصادي للنظام، إلى التضخم غير المسبوق في تاريخ إيران، و”الذي أدى إلى تضخم يزيد عن 40% للعام السادس على التوالي”. ويشير أيضًا إلى أن “الناس سيبدأون في بيع أصولهم وسيرتفع التضخم بنسبة 100%. وبالإضافة إلى التضخم، تشمل هذه التحديات قضايا مثل مشاكل صندوق التقاعد، وهبوط الأراضي، وأزمة المياه، وتآكل البنية التحتية، واختلال توازن الطاقة، وغيرها من المشكلات والاجتماعية التي تنتشر بسرعة”.
وأخيرا، يشير هذا التقرير إلى أن “الحكومة لا تستطيع إدارة البلاد وإدارة الاقتصاد بشكل صحيح”.
وقال كامران ندري، الخبير الاقتصادي، إن “قراراتهم الاقتصادية غير صحيحة وتؤدي إلى التضخم والمشاكل الاقتصادية. ويشير إلى قرارات الحكومة الخاطئة في القطاع الاقتصادي والحاجة إلى تصحيح هذه الأساليب والسياسات الاقتصادية. فالاقتصاد يجب أن يخدم الشعب وليس مصالح فئات معينة. بمعنى آخر، يجب علينا اقتلاع جذور الفساد المتفشي في اقتصاد البلاد ومحاولة إجراء إصلاحات جادة في سياسات البلاد واقتصادها مع إجراء التغييرات اللازمة.
وفي تحقيق لوكالة الصحافة الفرنسية اليم، اشارة إلى إنه بعد عام على الاحتجاجات التي أثارتها وفاة مهسا أميني في أنحاء إيران، ما زالت مسألة الحجاب حساسة لكن الأزمة الاقتصادية الخانقة باتت الشاغل الأهم للعديد من الإيرانيين.
وقالت ربّة المنزل زهرة (41 عاما) “أعتقد بأن المسائل الاقتصادية أكثر أهمية بكثير من قضية الحجاب“.
اندلعت احتجاجات في أنحاء البلاد تحت شعار “امرأة، حياة، حرية” بعد وفاة الإيرانية الكردية مهسا أميني (22 عاما) في 16 أيلول/سبتمبر 2022.
تم توقيف أميني قبل أيام على وفاتها للاشتباه بخرقها قواعد اللباس الصارمة في الجمهورية الإسلامية والتي تفرض على النساء ارتداء ملابس محتشمة تغطي الرأس والرقبة أيضا. وقالت زهرة “لا مشكلة لدي أنا مع الحجاب، لكنني سأكون بحال أفضل لو تحسّنت الظروف الاقتصادية”.
وعلى غرار آخرين أجرت فرانس برس مقابلات معهم، رفضت زهرة الإفصاح عن اسمها الكامل خشية التبعات.
تتراخى نساء في إيران وخصوصا طهران بشكل متزايد في وضع الحجاب الإلزامي، رغم محاولات الحكومة لتشديد الرقابة على اللباس.
لكن يعتقد كثيرون في أنحاء البلاد حيث بات معدل التضخم عند نحو 50 في المئة فيما ترتفع أسعار السلع الأساسية بشكل كبير بأن الأولوية للاقتصاد.
وقالت محاسبة تبلغ من العمر 34 عاما وتدعى راحة إن الحجاب “مسألة شخصية وثانوية تماما.. على السلطات لدينا أولا توفير ظروف اقتصادية جيّدة”.
ويشير محللون إلى أن الصعوبات الاقتصادية غذّت مشاعر عدم الرضا في أوساط العامة منذ احتجاجات العام الماضي التي تواصلت لأشهر.
ومثّلت تظاهرات العام الماضي التي قتل فيها المئات بينهم عناصر أمن فيما تم توقيف الآلاف تحديا رئيسيا لحكومة الرئيس إبراهيم رئيسي.
تعهّد رئيسي منذ تولى السلطة في آب/اغسطس 2021 بإحداث تحوّل في اقتصاد البلاد و”تمكين الفقراء“.
وشدد على تعهّداته هذا العام “السيطرة على التضخم” و”تحسين المستوى المعيشي”، محمّلا “العدو” مسؤولية الصعوبات الاقتصادية التي تشهدها البلاد.
وترزح إيران تحت وطأة العقوبات الأميركية منذ انسحبت واشنطن أحاديا في 2018 من الاتفاق النووي التاريخي. ومنذ العام الماضي، تم تداول العملة المحلية عند نحو 500 ألف ريال للدولار، بعدما خسرت قرابة 66 في المئة من قيمتها.
وأرجعت المحامية البالغة 41 عاما مهتاب الصعوبات التي تعيشها البلاد إلى “السياسات الاقتصادية الخاطئة“. وقالت “أشعر بالضغوط الاقتصادية بشكل أكبر بثلاث إلى أربع مرّات عن العام الماضي”.
وفي بازار طهران الكبير المكتظ، تعج المتاجر بالمتسوقين بمن فيهم نساء يضعن الحجاب وأخريات لا يضعنه، لكن معظمهم يغادرون من دون شراء أي شيء.
واشتكى أصحاب المتاجر من تراجع عدد المتسوقين في ظل ضعف القوة الشرائية. وقال بائع في متجر للملابس الرجالية يدعى محسن (37 عاما) “الوضع الاقتصادي أسوأ مما كان عليه العام الماضي وسيزداد سوءا“ وأضاف “ترتفع الأسعار يوميا”.
أما مهدي (40 عاما)، وهو مالك متجر يبيع الأدوات المنزلية، فأكد بأن “العديد من الناس لا يمكنهم شراء المنتجات التي يحتاجون إليها”، مضيفا أن “السوق يشهد حاليا كسادا ناجما عن التضخم”.
باتت المنتجات المستوردة كماليات لا يمكن إلا لقلة الحصول عليها. وقال محمد (41 عاما) والذي يعمل أيضا في متجر للمعدات المنزلية “اليوم معظم السلع المتوفرة في البازار مثل الأواني والملاعق والشوك محلية الصنع“.
لكن الحجاب ما زال قضية مثيرة للجدل في إيران حيث يناقش البرلمان مشروع قانون يفرض عقوبات صارمة على النساء اللواتي يخالفن القانون المرتبط بالحجاب. وقالت ربة المنزل فاطمة (43 عاما) إن “مشروع القانون هذا مقبول بالنسبة للبعض لكن ليس للجميع”.
في الأثناء، تعتقد راحة بأن الصعوبات الاقتصادية التي تواجهها البلاد يجب أن تبقى هي الأولوية. وقالت “يزداد الأمر سوءا كل يوم. يعيش الناس حياة صعبة.. عليهم أولا التعامل مع المشكلة الاقتصادية ومن ثم يمكنهم العمل تدريجيا على المشاكل الاجتماعية”.