بعد الزلزال سيول في المغرب تجرف السيارات وتقتلع الأشجار
السؤال الآن ــــ وكالات وتقارير
شهدت مدينة ميدلت جنوب شرقي المغرب، سيولاً هائلة، إثر استمرار تساقط الأمطار في شرق البلاد منذ 12 ساعة ما تسبب بتلك السيول.
وانتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي فيديوهات وصور أظهرت حجم تلك الفيضانات التي جرفت بدربها السيارات واقتلعت الأشجار أيضا.
من جهة ثانية، لا تزال فرق الإنقاذ في إقليم الحوز بؤرة الزلزال، تواجه صعوبات جمة في الوصول إلى القرى النائية نظرا لوعورة الطرقات، وتقطع بعضها جراء انهيارات الصخور. بينما تعمل السلطات المغربية على توفير الإغاثة لمنكوبي الزلزال، وسد حاجات مئات الآلاف من المتضررين في المناطق النائية، الذين يبيتون في العراء أو ضمن الخيم التي نصبت.
وعلى الرغم من توفر أطنان المساعدات لسكان إقليم الحوز في المغرب، إلا أن تلك المعونات لم تصل بعد إلى العديد من القرى المنكوبة. وقد أكد المتحدث باسم الهلال الأحمر المغربي محمد الشعلي أن هناك صعوبة في إيصال المساعدات إلى المناطق المنكوبة بسبب وعورة الطرق، مشيرا إلى أن ذلك يحتاج إلى تنسيق كبير.
وأوضح أن جمعيات الهلال الأحمر في العديد من الدول العربية مستعدة لتقديم المساعدات، لافتاً إلى أنها بانتظار تصريح الدخول من وزارتي الداخلية والخارجية.
وشدد على أنهم ما زالوا يأملون حتى الآن في العثور على ناجين تحت الأنقاض، وأن العمليات لا تزال متواصلة حتى الآن، وحتى صدور بيان رسمي بوقف عمليات البحث والإنقاذ.
أما عن تكاتف المواطنين فأوضح أن المساعدات الداخلية من المغاربة والجمعيات الأهلية لعبت دورا كبيرا في تقديم العون للمتضررين. وأضاف أن “المواطنين والمواطنات في جميع أقاليم المملكة تجندوا لجمع المواد الغذائية والأغطية ومجموعة من الاحتياجات”.
وأشار إلى أن القوات المسلحة المغربية أنشأت مستشفيين ميدانيين في مدينتي امزميز وتارودانت، يستقبلان كل الحالات المستعجلة في كل الاختصاصات.
وعن مشاركة المتطوعين في عمل الهلال الأحمر، فقال الشعلي “لم يكن عملنا يقتصر علينا فقط بل شمل 500 متطوع ومتطوعة ساعدوا القائمين على عمليات الإنقاذ لنقل الجرحى والمصابين إلى المستشفيات وتقديم الإسعافات الأولية لهم”.
من جهة ثانية، وفي تحقيق صحفي افاد عبد الحكيم حسيني البالغ 28 عاما أن “أقرب مستشفى يقع على مسافة ساعة ولا يقدم علاجات كثيرة”.
ولا يزال حسيني تحت وقع صدمة ليلة الزلزال التي أودت بحياة عشرين من سكان أردوز الذين كان يبلغ عددهم نحو المئتين قبل الكارثة. فهو فقد والدته وجدّيه حين انهار منزلهم في 8 أيلول/سبتمبر واضطر إلى انتظار وصول المساعدات لإسعاف المصابين، وهذا ما استغرق وقتا طويل، ولو أنه كان أسرع منه في مواقع معزولة أخرى.
وأوضح حسيني الذي يعمل طاهيا في الدار البيضاء وكان يزور عائلته عند وقوع الزلزال لــ “وكالة الصحافة الفرنسية”، “لم يكن بإمكاننا نقل المصابين ولا حتى توفير العناية لهم. أبقيناهم دافئين وانتظرنا وصول المسعفين، ما استغرق حوالى ثماني ساعات”.
وينتقل الكثير من سكان القرى الصغيرة في جبال الأطلس التي تشكل تربية المواشي النشاط الرئيسي فيها، إلى المدن بحثا عن فرص أفضل.
وتعاني هذه المناطق من الفقر مع وصول الحد الأقصى لإجمالي الناتج المحلي في إقليم الحوز حيث تقع أردوز إلى ألفي دولار في السنة، بالمقارنة مع حوالى 2800 دولار في مدينة مراكش المجاورة.
غير أن الفقر ليس العامل الوحيد الذي يحدد نوعية الحياة في القرى، وقال أحد سكان أردوز محمد العيّوط (62 عاما) “كان الناس هنا سعداء جدا، كانوا يعيشون حياة بسيطة وهادئة”.
وتابع المزارع الذي هرع من الدار البيضاء إلى قريته بعد ساعات قليلة على الزلزال “بعد الكارثة، باتت الأمور في غاية الصعوبة”.
وتحكم ظروف العيش في قرى مثل أردوز على الكثير من أبنائها وقف دراستهم في سن مبكرة وبدء العمل، وهو ما سيتفاقم بعد الزلزال.
ولا تزال المدرسة الابتدائية في القرية صامدة لكنها تظهر شقوقا عريضة وثغرات في جدرانها. ولا يزال اللوح في إحدى قاعاتها يحمل درس آخر حصّة دراسية وتاريخها: الثامن من أيلول/سبتمبر.
وقالت فاطمة أجيجو (55 عاما) “لا ندري إلى الآن ما سنفعل بالنسبة للأطفال، لم يعد لدينا مدرسة”.
وتابعت المرأة التي تقيم في مراكش منذ ما قبل الزلزال “كانت الحياة هنا بالأساس في غاية الصعوبة، (القرية) معزولة جدا ومع الزلزال بات الوضع أسوأ”.
نشأ عبد الحكيم حسيني في أردوز وأوقف دراسته في سن الخامسة عشرة لعدم وجود مدرسة ثانوية، وهو يعمل منذ ذلك الحين. وهو يقر بصعوبة العيش في أردوز حتى قبل الزلزال الذي هدم كل منازل القرية تقريبا أو جعلها غير صالحة للسكن.
ويحتمي الناجون حاليا في خيم وفرتها لهم الحكومة غير أنها لن تعود صالحة للسكن مع بدء موسم الأمطار والبرد في القرية الواقعة على ارتفاع 1700 متر. غير أن حسيني يتمسك بذكريات طفولته حين كان يجوب الدروب الجبلية وسط مشاهد الجبال الممتدة على مدّ النظر.
ويقول وعلى وجهه ابتسامة طفيفة “لسنا معزولين هنا، بل المدن هي المكان الذي لا يمكن التنفّس فيه”.