درنة: حبس 8 مسؤولين وانتشال الجثث مستمر والامهات يخلدن اسم المدنية

درنة: حبس 8 مسؤولين وانتشال الجثث مستمر والامهات يخلدن اسم المدنية

السؤال الآن ـــــ وكالات

في بيان نشره اليوم على حسابه في فيسبوك، أوضح مكتب النائب العام الليبي الصديق الصور أنه تقرر حبس 8 مسؤولين، بينهم عميد بلدية درنة عبد المنعم الغيثي، احتياطيا “لانحرافه عن موجبات ولاية إدارة الأموال المخصصة لإعادة إعمار المدينة وتنميتها”. كما طال التوقيف كلا من رئيس هيئة الموارد المائية السابق وخلفه ومدير إدارة السدود وسلفه ورئيس قسم السدود بالمنطقة الشرقية ورئيس مكتب الموارد المائية في درنة احتياطيا.

وكانت سلطة التحقيق في انهيار سدي درنة (شرق ليييا) حركت دعاوى جنائية ضد 16 مسؤولا وقررت حبس مسؤولين حاليين وسابقين، معظمهم في إدارة الموارد المائية وإدارة السدود.

وافيد أن لجنة التحقيق التي تشكلت على إثر السيول التي ضربت درنة في 10 سبتمبر/أيلول الجاري أجرت الأبحاث اللازمة بشأن انهيار سدي وادي درنة وبومنصور والتصرف في التمويلات الخاصة بتنمية مدينة درنة.

وكان الغيثي أعلن سابقا استعداده للخضوع للمساءلة، بعدما أحرق عدد من سكان درنة الغاضبين منزله الأسبوع الماضي، خلال تظاهرات خرجت للمطالبة بمحاسبة المسؤولين المقصرين، الذين تقاعسوا عن صيانة سدي وادي درنة وأبو منصور اللذين انهارا، إثر السيول الجارفة، ما فاقم أعداد الضحايا.

يشار إلى أن رئيس ديوان المحاسبة كان أرسل تقريرا إلى النائب العام بشأن تعثر أعمال صيانة سدي درنة وأبو منصور، وأوصى بالتحقيق مع المسؤولين عن عدم استكمالها رغم توفر البيئة الملائمة والأموال اللازمة.

فيما أقال أسامة حماد، رئيس حكومة الشرق المكلفة من قبل البرلمان، المجلس البلدي في درنة بالكامل وأحاله للتحقيق، لتهدئة غضب الشارع بعد الكارثة التي ألمت بالمدينة.

وقال مكتب النائب العام إن هؤلاء المشتبه فيهم لم يحضروا الاستجواب الذي قامت به لجنة التحقيق أمس الأحد بشأن ملابسات الفيضانات التي ضربت درنة وإدارة ملف إعمار المدينة.

وكان رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي ورئيس حكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد الدبيبة طلبا من النائب العام الصديق الصور فتح تحقيق شامل في انهيار السدين والسيول التي ضربت درنة وخلفت آلاف الضحايا، ومحاسبة المسؤولين عن ذلك.

في السياق، أكدت لجنة السياسات بالمجلس الأعلى للدولة للمبعوث الأممي في ليبيا عبد الله باتيلي أمس على مطالبة المجلس بتحقيق دولي شامل في أسباب انهيار سدي درنة. وشددت اللجنة لباتيلي على ضرورة الإسراع في توفير الرعاية الصحية اللازمة والإعانة الدولية في هذا الشأن للتخفيف من وطأة الكارثة.

وقال رئيس المجلس الأعلى للدولة في ليبيا محمد تكالة إن حجم الخسائر البشرية والمادية التي حلت بالمناطق المنكوبة شرقي البلاد كارثة أكبر من قدرات البلاد. وأكد للقائم بأعمال السفارة المجرية لدى ليبيا غابرييل باب خلال لقاء معه في طرابلس أن المناطق المنكوبة تحتاج إلى دعم دولي لإعادة الإعمار.

ويحتاج إعمار مدن شرق ليبيا المنكوبة بسبب كارثة الإعصار إلى نحو 7 مليارات دولار، حيث دمر الإعصار نحو 2200 مبنى إما كليا أو جزئيا، وفقا للأمم المتحدة.

من جهته، قال محمد الجارح المتحدث باسم لجنة الطوارئ في درنة إن العدد الكلي للوفَيَات التي تم توثيقها لدى وزارة الصحة وصل إلى 3 آلاف و868 وفاة. وفيما يتعلق بملف المفقودين، ذكر الجارح أن الجهود جارية لأخذ عينات البصمة الوراثية من أهالي المفقودين، موضحا أن هناك فرقا ستقوم بإخراج جثامين الضحايا الذين تم دفنهم بشكل عشوائي في بداية الأزمة لأخذ عينات منهم والتعرف على هوياتهم.

وتواصل فرق الإنقاذ المحلية والدولي انتشال الجثث من مناطق بحرية مختلفة في درنة ومن تحت أنقاض المباني المدمرة. وقال المجلس الرئاسي الليبي أمس إن “عدم وجود إدارة موحدة للأزمة يعيق عمل المساعدات الدولية” لمواجهة آثار الفيضانات.

وقد انتشلت فرق الإنقاذ مزيدا من الجثث من مناطق بحرية مختلفة في درنة، ليقترب عدد المتوفين المسجلين من نحو 4 آلاف شخص، وسط أنباء عن نزاع داخلي حول الجهة التي ستقوم بالتصرف في الإعانات الدولية المالية المقدمة للبلاد.

وفي تحقيق لوكالة انباء الاناضول بعنوان “ماتت درنة وولدت أخريات”، ان امهات ليبيات تخليدا لإسم المدينة اسمت مواليدها الجدد بدرنة.

وقالت الطبيبة الليبية المتخصصة في التوليد، إيمان القطورني، إن موت درنة معناه موت السكان ودمار المدينة التي جرفت الفيضانات والإعصار نحو ربع منازلها، وأخفت مبانيها مع سكانها وقذفت بهم في البحر، إذ لا تزال عمليات انتشال الجثث مستمرة حتى اليوم، بعد مرور 14 يوما على الكارثة.

أما ولادة درنة، فتقصد الطبيبة إيمان بذلك: حالات الولادة التي شاركت فيها النساء الحوامل الناجيات من الموت في مدينة درنة عقب يومين من الإعصار، وقالت، إن جُلّ المواليد من الإناث سُمّين باسم درنة.

وعقب الكارثة التي حلّت بالمدينة الليبية الشرقية، انتقلت الطبيبة إيمان القطروني بصحبة فريق من نساء تخصص التوليد، من مدينة بنغازي إلى المدينة المنكوبة للعناية بالنساء هناك، خاصة في ظل خروج معظم مستشفيات المدينة عن الخدمة بسبب الفيضانات.

وعن أصعب حالات الولادة التي مرّت على الطبيبة إيمان في مدينة درنة، فقد كانت لامرأة فقدت والدها وأمها وشقيقها جراء الفيضانات.

وبسبب خسارتها لأفراد عائلتها كانت السيدة الليبية فاقدة لشغف الحياة، وبسبب حالتها النفسية السيئة والإجهاد الكبير الذي تعرضت له، تعسّرت حالة الولادة، لكنها انتهت في الأخير باحتضانها طفلها الصغير، الذي أطلقت عليه اسم “كمال”، وهو اسم شقيقها الذي قضى في الفيضانات. ومثلما لم تغِب أسماء من قضوا في هذه الفيضانات، فإن الأسماء المستوحاة من وحي ما عاشته العائلات الليبية حاضرة أيضا، فعلى الرغم من ولادتها المتعسّرة اختارت سيدة ليبية تسمية ابنتها “يسير”، لييسّر الله على أهل مدينتها درنة وليبيا، وفق ما نقلت عنها الطبيبة إيمان.

وتقول إحدى الأمهات اللائي ولدن بعد 48 ساعة من الإعصار وهي تدعى فائزة، إنها سمّت ابنتها درنة لكنها لا تتمنى لها مصير المدينة نفسه.

وتتابع القول، سمّيت طفلتي درنة مع أني أخاف أن يذكرنا اسمها عندما تكبر بولادتها في عام الإعصار، الذي سيترك لنا مآسي وجراحا في القلب.

وتضيف أم درنة، نجوت من الإعصار وكذلك عائلتي نجت جميعها، لكن جيراني في العمارة السكنية ذاتها لا يزالون مفقودين.

وتختم قائلة، ربما ماتت درنة المدينة لكنها ولدت -كذلك- وطنا، مشيرة لتكاتف الليبيين ووحدتهم شرقا وغربا وجنوبا ضد الكارثة التي حلت بدرنة.

 

Visited 4 times, 1 visit(s) today
شارك الموضوع

السؤال الآن

منصة إلكترونية مستقلة