رسائل الخارج إلى اللبنانيين .. الحل بيدكم

رسائل الخارج إلى اللبنانيين .. الحل بيدكم

أحمد مطر
أخطر ما في الأزمة الرئاسية الآخذة بالتمدد تحذيرات غربية وعربية تجمع على اعتبار أن لبنان سيغرق بمزيدٍ من الأزمات لا سيما مع موجة النزوحٍ الجديدة من سوريا وهشاشة وضعه الأمني، وهذا ما يمكن أن يؤدي إلى انفجار غير متوقع. عوامل عدة يمكن أن تؤجج الوضع في لبنان بناء على تراجع الاهتمام الدولي والأميركي على وجه التحديد، وفشل اجتماع الخماسية الأخير. تؤكد مصادر متابعة أهمية الربط بين الملفات الإقليمية وملف الرئاسة في لبنان الذي وكما دفع ثمن الصراع العربي، الإسرائيلي، سيدفع أيضاً ثمن السلام وسيدفع ثمن ما يجري في سوريا حالياً. وخلافاً لما تردده أطراف لبنانية من ان حل أزمة الرئاسة في لبنان محلي بحت وأنه يمكن انتخاب رئيس للجمهورية من خلال حوار لبناني داخلي، فإن الوقائع الإقليمية والدولية المحيطة تنبئ بالعكس تماماً. اذ لا يمكن من وجهة نظرمتابعين عزل ما يجري في المنطقة عن ملف المفاوضات الايرانية ، الأميركية .
تستبعد جهات مراقبة حدوث اختراق بارز في ملف انتخابات رئاسة الجمهورية بفعل التحرك القطري الموازي او الداعم لمهمة الموفد الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان، بمعزل عن التوصل إلى تفاهم او صفقة محتملة بين الولايات المتحدة الأميركية وايران تحديدا، يكون ملف انتخاب رئيس جديد للجمهورية في لبنان من ضمنها، وتعتبر كل التحركات والاتصالات الجارية، اقليميا ودوليا بمثابة الاطلاع على مواقف كل الاطراف السياسيين عن كثب، وتقطيع الوقت الفاصل عن حلول موعد الصفقة المرتقبة . هذا على المستوى الدولي والاقليمي ولكن على المستوى الداخلي ، ليس صحيحاً أن الكل يسلّم بما نص عليه الدستور من أن لبنان وطن نهائي لجميع أبنائه. فمن يهيمن على السلطة لديه مشروع عابر للحدود. وحرية العمل كاملة لكل المجموعات التي لديها مشاريع عابرة للحدود. وما عاد غريباً سماع الأصوات المحذرة من ان يصبح لبنان وطناً لغير أبنائه.
وبدل العمل في ورشة دائمة لبناء الدولة، تصر الطبقة المهيمنة على ان تكون سلطة المحاصصة هي البديل من الدولة، ويحرص محور الممانعة على إعادة البلد من مرتبة الوطن الى مرتبة الساحة. ساحة مفتوحة لقوى لا ترى لبنان إلا أنه بمثابة صندوقة بريد، وجبهة أماميه في إطار وحدة الساحات ضمن مشروع حرب أكبر من لبنان في عالم عربي صارت اهتماماته تنموية وسلمية .
ومن هنا عقدة الصراع على الرئاسة. محور الممانعة يصر على رئيس ساحة. والمعارضون السياديون يصرون على رئيس دولة. وليس بين الساحة والدولة حل وسط. إما أن لبنان وطن نهائي لجميع أبنائه وله دولة قوية عادلة لها دستور وقانون، وإما أنه ساحة لكل اصحاب المشاريع على حساب أبنائه. وأخطر ما يحدث هو التصور أن القوة تكفي وحدها لفرض الساحة، أو أن المطالبة بتطبيق الدستور تكفي وحدها لتكريس الوطن. والأخطر هو أن يصبح لبنان رهينة دائمة في لعبة الأمم، من حيث يظن اصحاب نظرية الشطارة انهم لاعبون مع الأمم أو مراهنون على اللعبة .
محنة لبنان لا حدود لها. ومشكلته أبعد من شغور رئاسي وفراغ سلطوي وتكامل أزمات وطنية وسياسية ومالية واقتصادية واجتماعية في منطقة رمال متحركة. إنها العمل على تخريب نسيجه الاجتماعي وتغيير دوره الطبيعي الذي هو مبرر وجوده كأرض حرية وانفتاح ونوع من برلمان العرب، وتجربة عيش مشترك بين 18 طائفة بالمعنى السياسي لا البيولوجي والاجتماعي فقط، ومرصد فكري وثقافي وشرفة جميلة في المبنى العربي ، والوطن الثاني لكل عربي.
وراءنا تجارب عدة لقوى حاولت الهيمنة على البلد، سواء أكانت محلية أو إقليمية ودولية، ثم فشلت. وإذا كانت المافيا الحاكمة والمتحكمة رافضة لإجراء إصلاحات مالية واقتصادية في بلد مفلس، فإنه من الوهم نجاح أي طرف مهما يكن قوياً في تغيير لبنان ضد إرادة العرب والقسم الأكبر من اللبنانيين .
ختاماً السؤال المطروح اليوم، وفي ظل تجوال الموفد القطري على كل القيادات السياسية اللبنانية، الى متى يمكن التعويل على هذه المساعي الخارجية كوسيلة ناجعة للبحث عن مخرج لأي من ازمات لبنان السياسية والاقتصادية، بعدما فشلت اللجنة الخماسية الدولية التي انعقدت على هامش الدورة العادية لاجتماعات الجمعية العمومية للامم المتحدة الاسبوع الماضي، حيث يؤشر عدم صدور اي بيان عن اجتماعها الى عمق الخلافات بين نظرة اعضائها في تقييم الوضع اللبناني الداخلي، ولمخارج انهاء الفراغ الرئاسي .
في الواقع يبدو بأن مسألة مساعدة لبنان لإنهاء الفراغ الرئاسي لا تحتل اولوية على جدول اولويات اللجنة الخماسية او اي من القوى الاقليمية والدولية المؤثرة .

Visited 1 times, 1 visit(s) today
شارك الموضوع

أحمد مطر

صحفي وكاتب لبناني