بيلاروسيا تنشغل بخليفة لوكاشينكو

بيلاروسيا تنشغل بخليفة لوكاشينكو

د.خالد العزي

في الدورة الحادية عشرة لمجلس جمهورية الجمعية الوطنية لجمهورية بيلاروسيا المنعقدة في مينسك، دعت رئيسته ناتاليا كوتشانوفا النواب إلى اتباع تعليمات ألكسندر لوكاشينكو، فيما رأى نائب رئيس مجلس الوزراء الانتقالي المشترك، بافيل لاتوشكو، أنه في المفاوضات الأخيرة مع فلاديمير بوتين، تمت مناقشة من سيكون خليفة الزعيم البيلاروسي. ويذكر خبراء في هذا المجال أن من بين المرشحين المحتملين في المقام الأول كوتشانوفا نفسها، لكنهم لا يستبعدون نقل السلطة إلى أحد أبناء رئيس جمهورية بيلاروسيا.

إذا يتعين على لوكاشينكو أن يتخذ قرارا بشأن خليفة له من أجل خوض الانتخابات المقبلة التي لم يعد مقبولا أن يخوضها بنفسه في هذه الفترة التاريخية ا

الراهنة، ليس فقط بالنسبة لجمهورية بيلاروسيا، والدولة البيلاروسية، بشكل عام والعالم بشكل خاص.

ومن بين القرارات التي اعتمدها البرلمان البيلاروسي في اجتماعه، قانون “مجلس الشعب لعموم بيلاروسيا”، المؤسسة التمثيلية الأعلى للديمقراطية في الدولة التي يتم تعريفها على أنها “بنية فوقية” استراتيجية فوق كل السلطات القائمة.

ويعتقد العديد من الخبراء أن ألكسندر لوكاشينكو قد يغير في المستقبل القريب منصب الرئيس إلى رئيس هذه “البنية الفوقية” ذاتها.

وبينما كانت تعلن كوتشانوفا تلقي خطابها من بيلاروسيا، فجأة  أدلى بافيل لاتوشكو، نائب رئيس مجلس الوزراء الانتقالي المتحد للمعارضة، ببيان غير متوقع على الهواء في إحدى القنوات التلفزيونية الأوكرانية. يدعي فيه  بأنه في المفاوضات التي جرت في سوتشي بين ألكسندر لوكاشينكو وفلاديمير بوتين بتاريخ 22\9\2023، تمت مناقشة شروط انتقال السلطة في بيلاروسيا. وقال إن القضية، بحسب معلوماته،  كان ينبغي الانتهاء من مخطط انتقال السلطة بحلول الشهر الثالث من  العام  2022 لكن بسبب تغير الوضع تم تأجيله.

إن خيار تغيير الرئيس  تتم مناقشته  في “مجلس الشعب لعموم بيلاروسيا بشكل أكثر وضوحا وفي معرض مناقشته الخلفاء المحتملين، أشار لاتوشكو: “قد تظهر هنا شخصية كوتشانوفا، رئيس مجلس الجمهورية التي تمت مناقشتها سابقًا، والتي منحها الحاكم مكانة “الشخص الثاني”. ربما يكون ابنه أحد المرشحين، ولكن ليس نيكولاي، بل فيكتور.  لكن  لوكاشينكو  له رأي اخر بالقصة  كما حصل مع نزارباييف في كازاخستان  لقد أدرك أن هذا الخيار بأنه عديم الجدوى. وإنه ينطوي على مخاطر عالية بالنسبة له ومن الأفضل تجنبها.

ويعترف لاتوشكو بأن كل هذه التوقعات قد يتم دحضها في النهاية بسبب الشخصية المحددة لألكسندر لوكاشينكو، الذي سيسعى جاهداً للحفاظ على السلطة والسيطرة الكاملة على الوضع بين يديه.

إن مسألة الخليفة المحتمل التي تتم مناقشتها بين الخبراء. تشير إلى إنه من الممكن عدم طرح خيار المزيج بين الشخصيات التي تسمح للرئيس الحالي بان يكون لاعب الظل وبأي حال من الأحوال الظروف قد تتطلب من لوكاشينكو الاختيار لصالح أحد أبنائه. بادئ ذي بدء، لأن الممارسة السياسية نفسها في مختلف البلدان تشير إلى أن أي خيار آخر لا يضمن بشكل كامل للقادة من هذا النوع منصبًا مستقرًا أو حتى الأمن الشخصي.

-الابن الأوسط للوكاشينكو، والذي يدير النادي الرياضي الرئاسي، ليس لديه أي طموحات سياسية. لكن الأكبر، فيكتور، الذي كان لفترة طويلة مساعد والده للأمن القومي، ويرأس الآن اللجنة الأولمبية الوطنية، شارك بنشاط في الأحداث الاحتفالية بيوم مدينة مينسك. لكن الشخص الأقرب إلى ألكسندر لوكاشينكو هو ابنه الأصغر نيكولاي. وفي عام 2022، أصبح طالبًا في كلية الأحياء بجامعة  BSU، ثم واصل تعليمه في بكين. وطبعاً تخصص «التكنولوجيا الحيوية» بعيد جداً عن السياسة. ويمكن ان  نستذكر سابقة حافظ الأسد وابنه بشار، اللذين درسا في البداية ليصبحا طبيب عيون.

إن استخدام الطقوس السوفياتية والأساطير الدعائية، والتأكيد على تبجيل القائد والتقليد الصريح له، والأخلاق المزدوجة والامتثال اللامحدود هي السمات المميزة لكبار المسؤولين في بيلاروسيا. لقد كانت التجربة السوفياتية هي التي ساعدت إلى حد كبير كوتشانوفا، واخرين، في تحقيق حياة مهنية ناجحة في ظل ظروف نظام لوكاشينكو السوفياتي الجديد.

إن أفضل الفرص، لا تزال مع كوتشانوفا. لكن السؤال الرئيسي، بل بخصائصه الجيلية والأيديولوجية. ويتمتع العامل التالي بأهمية حاسمة: هل سيستمر لوكاشينكو في الاعتماد على “الشعب السوفياتي” أم أنه سيظل يعهد بزمام السلطة إلى نوع جديد من الأشخاص؟.

Visited 4 times, 1 visit(s) today
شارك الموضوع

د. خالد العزي

أستاذ جامعي وباحث لبناني