عبد العزيز لغويبي وذكريات ميرابو
المصطفى اجماهري
حملت الأخبار مؤخرا خبر وفاة الصحفي عبد العزيز لغويبي، عن سن ناهز 74 سنة، بعد مرض طويل مع داء السكري. وتعود بي الذكريات إلى بداية السبعينيات من القرن الماضي، حينما تعرفت على الراحل بالصدفة بملحقة كلية الحقوق بساحة ميرابو بالدار البيضاء. كنت قد حصلتُ على الباكلوريا سنة 1972 من ثانوية الإمام مالك بالدار البيضاء، ولم أتبع خطوات غالبية زملائي الذين تسجلوا بكليتي الآداب والحقوق بالرباط، فقد اخترت البقاء في الدار البيضاء والالتحاق بالقسم الفرنسي من شعبة العلوم السياسية. وقتها لم تكن قد أنشئت بعد جامعة مستقلة بالدار البيضاء. وكانت هذه الملحقة القريبة من عمارة الاتحاد المغربي للشغل تابعة لكلية الحقوق بالعاصمة الإدارية، فكان الأساتذة يأتوننا منها ومن بينهم الراحل محمد لحبابي، وجلال السعيد، وعبد الرحمان أمالو، وعزيز بلال، وأستاذان فرنسيان هما جان فليب كولسون وإيف غودميه.
هناك بملحقة ميرابو تعرفت على الراحل عبد العزيز لغويبي ابن مدينة وزان، ورفيق الصحفي الراحل عبد الله العمراني. لكن تعارفنا في المدرج لم يحدث إلا في مرحلة ثانية، أي بعد توزيعنا في مجموعات الأشغال الموجهة. فقد انتميت وإياه لنفس المجموعة، وحينها طلب منه الأستاذ الفرقاني إنجاز عرض في موضوع “الأحزاب السياسية في المغرب العربي”. فكان أن أبدع في كتابة عرضه وفي تقديمه، وبذلك حظي بتنويه من الأستاذ. وبعد انتهاء العرض حاورته في الموضوع ومواضيع أخرى، وعلمت منه بأنه يتعاطى للصحافة، فبقيت وإياه على تواصل داخل الملحقة، إلى أن تفرقت بنا السبل في السنة الموالية.
كان معنا في نفس الدفعة بعض الطلبة الذين سيتوجهون، فيما بعد، إلى مجال الكتابة والإعلام، مثل الكاتب المعروف جواد مديدش، والصحفي قاسم كنون، والكاتب الطاهر المحفوظي، والسفير عبد الوهاب المعلمي. لكن ظروف الدراسة آنذاك طبعتها اضطرابات مزمنة، أدت في مارس 1973، إلى حظر الاتحاد الوطني لطلبة المغرب، وكان ذلك ما جعلني، مع عدد من أصدقائي، نبحث عن أفق مغاير في عالم الشغل.
في السنة الموالية 1974، اجتزت مباراة للعمل محررا صحفيا بالإذاعة والتلفزة المغربية (كما كانت تسمى آنذاك)، وسوف تحين الفرصة مرة أخرى لألتقي بعبد العزيز في إطار مهني. فقد عُينت بمحطة عين الشق بالدار البيضاء، تحت إدارة الراحل محمد الماجدولي، فكنت ألتقي بعبد العزيز وقد أصبح بدوره صحفيا بوكالة المغرب العربي للأنباء في مكتب الدار البيضاء، الذي ترأسه صديقه الوزاني عبد الله العمراني.
ثم ستتغير الأمور بالنسبة لكلينا، بعدما غادر هو الوكالة وغادرت أنا الإذاعة والتلفزة لاستكمال دراستي بالرباط ثم العودة إلى الجديدة. وهكذا انقطعت عني أخباره، إلى أن علمت ذات يوم وأنا بالجديدة من صديقي الراحل النقابي حسن بزوي أن عبد العزيز لغويبي أصبح يعمل كبير المراسلين بيومية “ليكونوميست”. وكان حسن بزوي وعبد العزيز لغويبي متصاهرين مع نفس الأسرة، دون أن أعلم بذلك إلا في وقت متأخر. حتى حينما توفي حسن بزوي بأزمة قلبية بإسبانيا سنة 2016، ووري جثمانه بالجديدة، التقيت بعبد العزيز وقد جاء بالمناسبة لتقديم واجب العزاء.
وفي إحدى تنقلاتي إلى الدار البيضاء، زرتُ الراحل عبد العزيز وتحدثنا طويلا في مقهى قريبة من مقر عمله بشارع المسيرة الخضراء، ثم انقطعت عني أخباره من جديد، خاصة بعدما أحيل على التقاعد، فلم أعد أسمع عنه، إلى أن بلغني فيما بعد، من صديقه الحميم الأخ عبد الرحيم التوراني بأن الأطباء قد بتروا ساقيه جراء استفحال داء السكري في جسمه.
رحم الله عبد العزيز لغويبي عاشق الصحافة والمخلص لها.