سقطة الكابيتول..!

سقطة الكابيتول..!
عبد العلي جدوبي
       سقوط اخلاقي آخر للديمقراطية الأمريكية، حينما استقبل نصف أعضاء من الكونغرس الأمريكي مجرم حرب نتنياهو مرحبا به داخل الكابيتول، ويداه ملطختان بدماء ما يزيد عن  أربعين ألف شهيد فلسطيني، تاركا خلفه آلاف من ذوي الإعاقة ومبتوري الأطراف، عدا  اليتامى والثكالى، وأكثر من مليون جائع، وحرب مشتعلة تقتل البشر وتحطم الحجر، في أفظع وأبشع مجزرة وإبادة جماعية يعرفها القرن الحالي..
   النواب الأمريكيون صفقوا طويلا لخطاب دام 54 دقيقة ألقاه السفاح نتنياهو (81 مرة تصفيق.. بمعدل كل  40 ثانية) بشكل منقطع، حسب موقع “سكاي نيوز”، و 52 مرة وقوفا وجلوسا للنواب!  لقد شاهد أحرار العالم ودعاة العدل والسلام، عبر شاشات التلفزيون، كيف انساق نواب الكونغرس الأمريكي ( باستثناء 60 من النواب الديمقراطيين الذين قاطعوا الجلسة)، مع خطاب مجرم حرب، خطاب كان بمثابة أسطوانة مشروخة، مستنسخة من خطاب له سابق ألقاه في الكونغرس في العام 2015، مع تغيير بعض الأسماء والأحداث، وفق مستجدات المرحلة الراهنة..  لقد كشف ضعفا في سردية أكاذيب لم تعد تنطلي على أحد في عصر التكنولوجيا ووسائل الإعلام الحديثة.
   في خطابه الاستعراضي شتم المجرم نتنياهو الناخبين الأمريكيين المنددين بجرائمه الوحشية في غزة، شتمهم داخل قاعة الكونغرس وتحت تصفيقات نواب الأمريكيين!! مع أنه لم يذكر أو يشير في خطابه الاستعراضي إلى خطة لوقف الحرب والتبادل الرهائن لدى حماس، وكان قد صرح قبل سفره إلى واشنطن بأنه لن يسمح بإقامة الدولة الفلسطينية، ولن يمنعه أحد من ممارسة حقه في الدفاع عن النفس!
   حماسه غير مسبوقه أبان عنها النواب الأمريكيون بالكونغرس لرئيس وزراء الكيان الصهيوني، الذي تطارده المظاهرات داخل أمريكا وفي كل أرجاء العالم، يطالب خلالها المتظاهرون بمحاكمته، في الوقت الذي تستعد فيه محكمة الجنايات الدولية إصدار مذكرة توقيف في حقه، لكن على ما يبدو أن للنواب الأمريكيين رأي آخر  حيث وجدوا في السفاح نتنياهو الشخص المناسب لهم لإبادة الشعب الفلسطيني بكامله.
   إنها سقطة مدوية جديدة للديمقراطية الأمريكية المزيفة، التي تبيح تقتيل المستضعفين والشعوب التي تطالب بتقرير مصيرها والحق في الحياة.
لقد عملت الولايات المتحدة الأمريكية في أكثر من مناسبة على تلميع صورتها في الخارج، والظهور بصورة البلد الديمقراطي المسيطر على التوازنات الدولية وحامية للديمقراطية  وحقوق الإنسان في العالم، لكن الظاهر أن الديمقراطية  على الطريقة الأمريكية  تسير عكس التيار في أحداث غزة بشكل مفضوح!
   إنها الصورة الأكثر بشاعة وفظاعة، عندما تقوم واشنطن  بمباركة المجازر اليومية المتواصلة التي تقوم بها إسرائيل في حق الشعب الفلسطيني، الذي انتزعت منه أرضه بالقوة، وأصبح تحت رحمة آلة القتل الإسرائيلية.
   لقد اعتبرت صحيفة “الواشنطن بوست| أن خطاب نتنياهو هو خطاب استعراضي، كان موجها بالخصوص للشعب الأمريكي تحديدا ، الغاية منه حصد التعاطف مع إسرائيل على أساس أنها الضحية، وتحتاج إلى مساعدة واشنطن لها، كما طرح الخطاب مقاربات بعيدة عن سياقها، ولا أساس لها من الصحة، فحتى عندما أجرى رئيس وزراء الكيان الصهيوني المقاربة التي لا يريدها الأمريكيون  سماعها بين احداث السابع من أكتوبر 2023 والحادي عشر من سبتمبر 2001 صفقوا له! وانتبهوا لاحقا بعد الخطاب إلى أن هذه المقاربة في غير محلها، وعندما قال إن إسرائيل لا تحمي نفسها فحسب، بل تحمي الولايات المتحده الأمريكية في حربها على الإرهاب، صفقوا له أيضا، “فإذا لم تنجح في تصفية الارهاب فسيأتي الدور على أمريكا”، بل حتى عندما قال كلاما غير لائق انتقد فيه الرئيس الأمريكي جو بايدن على التأخير في إرسال القنابل الثقيلة لإسرائيل، صفق له  الجمهوريون!!
   سئل نتنياهو : كم قتلتم من عناصر حماس في رفح أجاب: المئات، وكم قتلتم من المدنيين قال: “لم نقتل أي مدني، شخص واحد سقط بعبوة ناسفة  وضعتها حماس!!
   قال السيناتور الامريكي (بيرني ساندرز): ” إنها  المرة الأولى في تاريخ أمريكا يعطى فيها مجرم حرب شرف إلقاء خطاب أمام الكونغرس”.
 
Visited 85 times, 1 visit(s) today
شارك الموضوع

عبد العلي جدوبي

صحفي مغربي