إيران أمام الحرب الشاملة أو التسوية السريعة بعد أحداث لبنان
أحمد مطر
عاد هوكشتاين إلى المنطقة من بوابة تل أبيب، بعد تصعيد ميداني عنيف عرفته الجبهة الشمالية، ترافق مع تهديدات متتالية لرئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو بتغيير الوضع على الحدود، وبعد إلقاء منشورات فوق بلدة الوزاني تدعو الموجودين في المنطقة وجوارها إلى إخلائها وعدم العودة حتى نهاية الحرب.
لم يأتِ هوكشتاين لإضافة أي شيء جديد إلى زياراته السابقة مع إصرار طهران عبر حزب الله على ربط الجنوب اللبناني بغزة.
مهمة هوكشتاين الحالية، تختلف عن سابقتها، في ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل، والتي نجح خلالها في التوصل إلى اتفاق بين البلدين، بمشاركة فاعلة من حزب الله، وأطفأ بمساعيه شرارة مواجهة كادت ان تندلع بين الحزب وإسرائيل، بالرغم من تنازل لبنان عن مساحة كبيرة من المياه المختلف عليها بين البلدين.
من الأسباب التي دفعت هوكشتاين، لتجنب زيارة لبنان هذه المرة، استنادا إلى أوساط ديبلوماسية، التوجه الذي لمسه من رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو وبقية المسؤولين الإسرائيليين، والاستعداد للقيام بعمل عسكري في جنوب لبنان قريبا، وتذرعهم بفشل كل محاولات إنهاء المواجهة العسكرية الحاصلة على طول المناطق الحدودية مع لبنان عن طريق التفاوض طوال الاشهر الماضية، ورفضهم اعطاء فرصة جديدة للتفاوض، من اجل التوصل إلى تفاهم ينهي المواجهة العسكرية المحتدمة بين حزب الله وإسرائيل.
أما في الشروط الإسرائيلية الجديدة التي تبلغها هوكشتاين، الاصرار على ضرورة وقف الاشتباكات المسلحة مع حزب الله على طول الحدود اللبنانية الجنوبية، واعادة الأمن والاستقرار إلى هذه المناطق بأسرع وقت ممكن، وبمعزل عن انتهاء حرب غزة، خلافا لما يتمسك به الحزب، الذي يرفض رفضا قاطعا، فصل المواجهة العسكرية الدائرة مع إسرائيل، قبل انتهاء الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، ما يعني استحالة تحقيق اي تقدم باتجاه الاتفاق المطلوب للتهدئة جنوبًا.
واستنادا الى الاوساط الديبلوماسية، أبلغ الجانب الإسرائيلي هوكشتاين، إن مسار التفاوض المتواصل مع حزب الله منذ سنة، لم يؤدي إلى تحقيق اي نتائج ملموسة، بالرغم من تحديد التفاهم على معظم المشكلات والنقاط المختلف عليها في الجولات السابقة، ولم يعد بالامكان الانتظار اكثر من ذلك ، مع التشدد أكثر من أي وقت مضى بالتزام تنفيذ الشروط التي قدمها الجانب الاسرائيلي، لجهة المسافة المطلوبة لانسحاب مسلحي الحزب واخراج السلاح من المنطقة التي يشملها الاتفاق، وتسلم الجيش اللبناني بالتعاون مع قوات الامم المتحدة العاملة في جنوب لبنان، مهمة الحفاظ على الأمن والاستقرار، استنادا للقرار الدولي رقم1701 .
لأجل هذه الأسباب، وإزاء التشدد الذي سمعه من الجانب الاسرائيلي، والعملية التي نفذتها إسرائيل فور مغادرته إلى الخارج، باستهداف دموي لوسائل اتصالات حزب الله، واسفرت عن اعداد كبيرة من الشهداء والجرحى والمصابين، ما زاد في مهمته صعوبة أكثر من قبل، اختار هوكشتاين عدم التوجه إلى لبنان بعد زيارته لإسرائيل في الوقت الحاضر، في انتظار تخفيف الاجواء المحتدمة حاليا، بين إسرائيل والحزب للتحرك بفاعلية بين الجانبين، والتقدم باتجاه التسوية المطلوبة.
في هذا السياق،تستبعد مصادر ديبلوماسية أن تحقق زيارة المستشار الرئاسي الاميركي آموس هوكشتاين إلى إسرائيل، خرقاً جدياً في ملف تحديد الحدود البرية المختلف عليها، في ظل الاجواء المحتدمة واستمرار الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة واشتعال المواجهة العسكرية بين حزب الله وقوات الاحتلال الإسرائيلي على طول الحدود اللبنانية الجنوبية، ومهاجمة الحوثيين للسفن التجارية واطلاق الصواريخ والمسيَّرات على العمق الإسرائيلي من وقت لآخر, لأن الطرفين المتحاربين، إسرائيل وحزب الله، لا يريدان إنهاء هذه المواجهة العسكرية الدائرة بينهما منذ عملية طوفان الأقصى, كُلٌّ لحساباته وارتباطاته ومصالحه.
وفي اعتقاد المصادر الديبلوماسية ان الحرب المصغَّرة الدائرة في الجنوب اللبناني، مرشحة للاستمرار طوال الاشهر القليلة المقبلة، لعدة أسباب أولها، اصرار رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو ابقاء هذه الجبهة المفتوحة مع حزب الله مشتعلة اطول مدة ممكنة, وحتى موعد الانتخابات الرئاسية الاميركية، وثانيا رفض حزب الله فصل المواجهة المحتدمة جنوبا مع إسرائيل عن حرب غزة، لحسابات لها علاقه مباشرة بسياسة النظام الايراني، الذي يوظف حروب المنطقة كلها، وضمنها جبهة الجنوب اللبناني، ويستعملها كأوراق ضاغطة في مفاوضاته السرية والعلنية مع الولايات المتحدة الأمريكية والغرب، للتوصل إلى صفقة بخصوص الملف النووي ورفع العقوبات عن النظام الايراني، وثالثا عدم قدرة أي من الطرفين حسم هذه الحرب حاليا لمصلحته، لأسباب وموانع اقليمية ودولية.
ختاماً، يبدو أن خيار الحزب واضح حتى الساعة بعدما أكد أمينه العام السيد حسن نصرالله أن لا فصل بين المسارين مهما كان الثمن. هذا الكلام سيقود لبنان إلى استمرار الحرب المفتوحة من أي أفق، لأن نتنياهو بحسب كل المراجع الغربية والعربية، لم يتراجع عما حق.قه في غزة.
Visited 101 times, 1 visit(s) today