سيمون بيتون: رحلة سينمائية إلى سيرة “الحاج إدموند”
متابعات:
في عام 2010، توفي الكاتب المغربي إدمون عمران المالح، المعروف بين أصدقائه بـ”الحاج إدموند”. هذا الباحث، المولود عام 1917 في عائلة من التجار اليهود الأثرياء من الصويرة، كان أيضا محبا للفنون البصرية، ومناضلا شيوعيا سابقا، وناشطا من أجل استقلال المغرب. لقد عبر قرناً تميز بمأساتبن متوازيتين: خروج اليهود من المغرب وخروج الفلسطينيين الممزقين من أرضهم.
ذكرى واتساع حياة إدموند عمران المالح ستكون حاضرة في النسخة الحادية والعشرين من مهرجان مراكش السينمائي الدولي (29 نوفمبر، 7 ديسمبر 2024)، من خلال العمل الوثائقي للمخرجة المغربية سيمون بيتون: “ألف يوم للحاج إدموند“، فيلم وثائقي مدته (75 دقيقة)، من إنتاج لجنة صندوق TV5MONDEplus للفرانكوفونية.
يستحضر الفيلم شخصية رجل فريد ومحبوب، استثنائي ورمزي، عرف بمناهضته للصهيونية، طبع المجال السياسي والأدبي والفكري المغربي في القرن العشرين: الكاتب إدمون عمران المالح (ولد في 30 مارس 1917 بمدينة أسفي المطلة على المحيط الأطلسي، وتوفي في الرباط يوم 15 نوفمبر 2010) .
بعد مشاركته في النضال من أجل الاستقلال وتحمله مسؤوليات عليا في المكتب السياسي للحزب الشيوعي المغربي، سيبتعد عمران المالح عن النشاط السياسي ليتفرغ للفلسفة والأدب والفن التشكيلي.
نشر روايته الأولى وهو في الثالثة والستين من عمره بعنوان “المجرى الثابث”، بينما كان يعيش في المنفى الاختياري في باريس، هرباً من انتهاكات سنوات الرصاص. وسرعان ما أثبت قلمه نفسه باعتباره أقوى تعبير عن التجربة اليهودية المغربية، في نفس اللحظة التي كانت فيها هذه التجربة تتضاءل وتتلاشى حين بدت وكأنها تقترب من نهايتها. إن عمله الملتزم والشجاع يربط بقوة ويوضح نزوح اليهود المغاربة من وطنهم الأصلي إلى مأساة الفلسطينيين الذين جردوا من أراضيهم.
اشتغل إدمون المالح مدرسا لمادة الفلسفة بمدينة الدار البيضاء، وصحافيا في جريدة “ليسبوار” (الأمل) التي أصدرها الحزب الشيوعي المغربي، وكتب باسم مستعار هو “عيسى العبدي” في مواضيع متنوعة شملت الثقافي والفني والسياسي والاجتماعي، حيث أنجز تحقيقات اجتماعية عديدة عن العمال والفلاحين وعمال ميناء الدار البيضاء.
تخلى عن نشاطه السياسي عام 1959 وبعد انتفاضة 23 مارس 1965 الدامية ومعارضته حكم الملك الراحل الحسن الثاني والكثير من قراراته، واختار الهجرة الطوعية إلى فرنسا.، حيث مارس تدريس مادة الفلسفة وكتب في منابر صحفية متعددة منها صحيفة “لوموند”.
لم تؤثر غربته لنحو 35 سنة في صلته وارتباطه القوي بالمغرب وقضاياه، وعاد إليه عام 2000 ليستقر في مدينة الصويرة ويواصل فيها الكتابة.
نُقل عنه قوله مرات عديدة: “أنا مغربي يهودي لا يهودي مغربي، مناضل عربي وطني، أحمل بلدي المغرب أينما ذهبت“.
عارض إدمون المالح بشراسة تهجير الآلاف من اليهود المغاربة نحو إسرائيل في منتصف الستينيات، وفند الأطروحات الصهيونية التي سعت لتبرير ذلك، وقال بوضوح “لا أعرف أية دولة اسمها إسرائيل”. دافع عن قضية الشعب الفلسطيني ومقاومته للاحتلال الإسرائيلي، وأصدر بيانا عن مجزرة جنين عام 2004 بعنوان “أنا أتهم”، دان فيه الوحشية الإسرائيلية.
دان عمران المالح العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، واعتبر الصهيونية حركة عنصرية تتباهى بقتل الأطفال والنساء والشيوخ والشباب، ورفض توظيف “المحرقة اليهودية” لتبرير الصهيونية واستغلالها اليهود الذين ماتوا أو لم يموتوا فيها.
رفض ترجمة أعماله إلى العبرية حتى لا تتاجر إسرائيل بأفكاره، وتمنى الصلاة في القدس عندما تتحرر من الاحتلال.