“الأمن الاسرائيلي” في مطار بيروت؟!
![“الأمن الاسرائيلي” في مطار بيروت؟!](https://assoual.com/wp-content/uploads/2025/02/Securite-israelienne-a-laeroport-de-Beyrouth.jpg)
سمير سكاف
أصبح لبنان في ظل “الأمن الإسرائيلي” في اتفاق وقف إطلاق النار! فتوقيع حزب الله، أو موافقته على هذا الأمن، ليس فقط في جنوب الليطاني، بل في كل لبنان. موافقة ستحمل تأويلات وإشكالات لن تنتهي “على خير”!
وعلى الرغم من التحركات في الشارع، فإن الأوضاع الأمنية لا تبدو أنها تتجه إلى تصعيد داخلي عنيف. ولا يبشر الوضع بما يشبه 7 أيار – ماي جديد، لا حاضراً ولا مستقبلاً! وهو لا يؤشر إلى أي تحرك “عسكري” في الداخل!
هذا في حين يعتبر حزب الله مطار رفيق الحريري الدولي المتنفس الأول والأخير… والوحيد له اليوم!
وعلى مقربة من “مطاره” يعود رفيق الحريري في ذكرى اغتياله واستشهاده العشرين بابنه الرئيس سعد الحريري إلى السياسة “14 آذارياً”، رافضاً لوجود سلاح حزب الله، مما يؤشر إلى عودة تحالف داخلي كبير عابر للطوائف مضاد لسلاح الحزب، ومواجه له، مع فك ربط النزاع، في إطار جبهة مواجهة سياسية “سيادية” قوية ستصل إلى ربط ما انقطع من علاقات مع أصدقاء 14 آذار – مارس السابقين للتظاهر الكبير سوياً!
السيادة على مطار بيروت اليوم هي للجيش اللبناني، وللقرار السياسي الحكومي. ولكنها تدخل أيضاً في صلب اتفاق وقف إطلاق النار الذي وقع عليه حزب الله مع الحكومة الإسرائيلية من وجهة نظر البعض. هذا البعض الذي يعارض أن الاتفاق يقف على حدود جنوب الليطاني! بعكس ما يعتبر الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم!
قاسم يعمل على إعادة بناء وتمويل حزب الله. وأمن مطار بيروت “العام” الذي يمكن أن يتعلق بتمويل حزب الله، لجهة إمكانية نقل الأموال إليه بالشنط، بالإضافة إلى أي تموين لوجستي للحزب، تعتبره إسرائيل ضمن إطار “حريتها في ضرب مطار بيروت”، إذا ما اعتبرته تهديداً لها. وهو من ضمن ما أسميه ب “الأمن الإسرائيلي”!
ستكون إشكالات قراءة وتفسير اتفاق وقف إطلاق النار كثيرة. وهي قد تؤدي إلى الانزلاق، وإلى عودة الحرب مجدداً! وهذا اللغم هو أول الألغام الكبرى التي تواجه عهد الرئيس جوزاف عون وحكومة الرئيس نواف سلام.
مطار بيروت ليس بخير! وحزب الله ليس بخير!
يشعر حزب الله بالاختناق، وبالمحاولات “الأميركية” لخنقه! وبالتالي. وليس مستغرباً ما يقوم به حزب الله، مباشرة أو عبر جمهوره، في محيط مطار بيروت! الذي وصل إلى اعتداء، غير مخطط له بالتأكيد، على عناصر من اليونيفيل! هذا الاعتداء، الذي استنكرته الرئاسات والمراجع والأحزاب اللبنانية، وصولاً إلى استنكار حركة أمل.
حزب الله لا يريد استباحة مطار بيروت في العلن! وهو يريد فقط الاستفادة منه واستغلاله “سراً”، لإدراكه للضغوط الدولية على لبنان.
ويراهن حزب الله، كما فعل في يوم “العودة” إلى القرى الحدودية على الضغط بالتحركات “الشعبية” مع كر وفر و”احتكاك شعبي مباشر” مع الجيش، من دون رفع مستوى التهديد الأمني! تحركات سيكون لها، من دون شك، طابع يغلب عليه المذهبية.
إن مطار بيروت هو متنفس حزب الله الوحيد بعد قطع أوصال التواصل بينه وبين إيران، ومع سقوط سوريا الأسد، ومع فقدان سبل التواصل واللوجستية البرية مع الحرس الثوري، ومع شبه استحالة التواصل البحري معهم!
يحتاج حزب الله إلى مطار بيروت. وتهدد إسرائيل مطار بيروت، على الرغم من أنها لم تتعرض له في الحرب الأخيرة، بسبب الرعاية الأميركية والدولية له.
شد الحبال فوق المطار قد ينعكس سلباً على الأمتار الـ 10 التي تفصل المطار عن قفز حزب الله للحبال.
إسرائيل، التي تدمر وتفجر المنازل في القرى الحدودية، لن تنسحب على الأرجح من كل لبنان في 18 شباط- فبراير المقبل. وهي قد تمدد فترة بقائها في لبنان. كما قد تبقى في كل الأحوال متمركزة في التلال الخمس على ما تشيع. وما على الحكومة اللبنانية وحزب الله، من وجهة نظر إسرائيل، إلا “تبليط البحر”!
تتهم إسرائيل من جهتها حزب الله بعدم تطبيق الاتفاق، وبالبقاء جنوب الليطاني، وباحتفاظه بأسلحته وبعناصره المقاتلة فيه. وهي لا تأبه بالتالي لا برأي لجنة الرقابة التي يرأسها الأميركيون، ولا برأي الفرنسيين الذين يشددون على ضرورة انسحاب إسرائيل الكامل تطبيقاً للقرار 1701! ومع ذلك، فإن المساعي اللبنانية الرسمية تعمل جاهدة لإقناع الولايات المتحدة وفرنسا للضغط على إسرائيل لانجاز الانسحاب الكامل من الأراضي اللبنانية!
تتمثل معاناة حزب الله بشكل اساسي اليوم بإعادة الإعمار، التي تحتاج إلى الحكومة اللبنانية. وهذه الحكومة ترفض من دون شك الضغوط الإسرائيلية. ولكنها تواجه ضغوطاً أميركية. وهي تحاول الوصول إلى تطبيق اتفاق وقف إطلاق النار والقرار 1701 بالسبل الدبلوماسية.
إيران من جهتها، لن تتدخل، سوى بالضغط غير المباشر. أما مورغان أورتاغوس فستتحدث قريباً بصراحتها “المؤلمة” عن الرأي الأميركي في ما يجري في لبنان، مع التهديدات المرفقة ربطاً!
يحاول الجيش اللبناني الحفاظ على الأمن من دون التدخل في القرار السياسي. ويحاول القرار السياسي التوفيق بين الأمن في لبنان وبين الضغوط الأميركية! ولكن “الأمن الإسرائيلي” يترك كل الاحتمالات… الأمنية… مفتوحة!