الشاعر برينو مرسييه والمترجم عبدالغفار سويريجي والفنان يونس باكو يلتقون في “حدائق مراكش”

الشاعر برينو مرسييه والمترجم عبدالغفار سويريجي والفنان يونس باكو  يلتقون في “حدائق مراكش”

متابعات:

         استضافة شعرية كونية جديدة، تلك التي نظمتها دار الشعر بمراكش ليلة الجمعة الماضية، ضمن فقرة جديدة رابعة من برنامجها “شاعر ومترجمه”، وضمن انفتاح الدار على جغرافيات الشعر العالمية، حيث تم الاحتفاء بتجربة الشاعر السويسري برينو مرسييه، والذي تربطه بالعالم العربي والمغرب ومراكش على الخصوص، وشائج شعرية وسحرية، ولعل ديوانه الصادر أخيرا “حدائق مراكش” عن منشورات كراس المتوحد، والذي تم تقديمه وتوقيعه ضمن فقرة “الديوان”، يؤكد هذه العلاقة الممتدة في المكان والإقامة في اللغة. وشارك مترجمه الكاتب عبدالغفار سويريجي، مدير دار النشر كراس المتوحد والذي أشرف على ترجمة وإصدارات الشاعر مرسييه، كما حضر الفنان “الكناوي” يونس باكو، ابن أحد أيقونات الظاهرة الغيوانية، في استكمال لهذا الثلاثي مقام الشعر والترجمة والموسيقى، ترسيخا لسحرية اللحظة وألقها.

الحلقة الرابعة من “شاعر ومترجمه” نسجت لحظة شعرية احتفت بالمشترك الإنساني، ترسيخا لحوار خلاق ينفتح من خلاله النص الشعري على فعل الترجمة، في انتقال واعي بين ثقافات وترسيخ لحوار ينفتح على خصوصيات المنجز الشعري الكوني. وتسعى فقرة “شاعر ومترجمه” الى استضافة تجارب شعرية من جغرافيات كونية، والانفتاح على منجزها الشعري، وربط لجسور الحوار والتواشج بين متون نصية إبداعية من مختلف الجنسيات. وهي لحظة استضافة شعرية وحوارية تسعى لمد جسور التواصل بين الشعراء، كما أنها استضافة رمزية لتجارب شعرية تنتمي لجغرافيات متعددة، لكنها جامعها هو القصيدة والأفق الإنساني المشترك.

قرأ الشاعر السويسري (من أصل فرنسي) برينو مرسييه، من ديوان “حدائق مراكش” وهو ديوان يحتفي بفضاءات وأمكنة المغرب، ضمن زيارات قام بها الشاعر في اكتشاف لسحر المغرب وجغرافيته وثقافته المتعددة والغنية. قصائد برينو مرسييه تنم عوالم شعره عن “طابع إنساني وتتوجه الى ترسيخ قيم التسامح، منذ أن اكتشف الشاعر داخل مكتبة بابل حضارة الإسلام وثقافة العراق.. وفي قصائد الشاعر استعادة لصور الخراب والموت، وتعكس من جهة أخرى حياة الصمود.. وغالبا ما يسطع ضوء في آخر القصيدة،.. ويستمد النص الشعري قوته من تمازج تقنيات عديدة: تستثمر الكتابة تقنية التصوير الفوتوغرافي؛ يتشظى الضوء داخل النص”.

ويشير المترجم عبدالغفار سويريجي، في تقديمه لقصائد الشاعر برينو مرسييه، الى أن منجزه الشعري تتماهى داخله: “ثقافتان أساسيتان: تصطحب علامات الشرق كلمات الغرب. ويشتغل النص، إذن، ضمن أفق ثقافة متحولة.. تتداخل في المتن الشعري نظرتان للعالم.. منح ذلك التمازج الحيوي للنص إمكانات عدة لكشف ما تستره الأشياء”. وقدمت منشورات كراش المتوحد، والتي يديرها الكاتب والمترجم عبدالغفار سويريجي، العديد من إصدارات الشاعر ولعل آخرها هو ديوان “حدائق مراكش” وهو الديوان الذي يضم العديد من قصائد “الأمكنة والمدن المغربية، كمراكش والصويرة وأسفي والقنيطرة وصفرو والناظور والدارالبيضاء وأسفي..”. هذا الديوان الشعري للشاعر السويسري صدر بلغتين عربية وفرنسية عن دار نشر كراس المتوحد. ويؤكد المترجم سويريجي، أن نصوص الشاعر مرسيه تحتفي “بسحر العناصر: كتب ضوء الهواء، ضوء الماء، ضوء التراب وضوء النار.. ويتمثل الإحساس في شعره عبر لغة وطريقة خاصة، لذلك تشتغل هكذا عناصر في أفق حركية خاصة..”.

يكتب مرسييه القصيدة الحرة بلغة شفافة مباشرة، ولعل إدانة الشاعر للحروب واضحة، وقد احتفت قصائده بغزة وقد كان كتابه الشعري ضمن احتفالية القدس عاصمة الثقافة العربية 2009، كما خاض تجربة شعرية وفنية مع الفنان والخطاط المغربي، المراكش الحسن الفرساوي، في ديوان “سر أوكرانيا”، يتضمن قصائد كتبها الشاعر السويسري برينو مرسييه عن المغرب وبلدان أخرى، جنبا إلى جنب مع مجموعة من اللوحات الفنية للفنان المغربي الحسن الفرساوي، تدخل في إطار التجربة الجديدة التي أسماها “شعرغرافيا”، مازجا بين الكتابي والبصري، حيث ينسج الكتاب، علاقات وثيقة مع فن السيرة الذاتية، إذ يروي الشاعر تلك اللحظات المثيرة التي التقطتها عيناه خلال أسفاره في المغرب والبعض من بلدان المشرق، ليصبح كل مشهد من الحياة البسيطة جوهر القصيدة.

يقول الشاعر في وصف تجربته “القصيدة هي الحياة ذاتها، إذ هي تكشف صمت الأشياء.. وينكشف أنها كل ما يستره الظاهر.. القصيدة وسيلة للتواصل وسفر نحو الآخر.. لقد سبق للباحث الفرنسي جان فرانسوا كليمان، أن قدم كتابات مرسييه واصفا إياها ب”تغيب القواعد التقليدية للنظم الشعري الفرنسي عند برينو مرسييه”، ويتابع الناقد “يفرض الشاعر على نفسه إكراها آخر: تفكيك الجملة وبترها، أو نوعا من الخروج عن القاعدة يصل حد جعل اللازم متعديا، واعتماد الإضمار وترتيب كلمات وجمل دون ربط.. وتلكم كلها أشكال تكثيف غالبا ما تتضمن مجانسات صوتية”.

والسؤال المركزي وفق كليمان هو لماذا يهرب “سويسري سعيد” عاش “طفولة سعيدة” من خلال التلفاز نحو إيسلندا، وليبيا والعراق وهايتي، ومن خلال السفر نحو كرواتيا ومصر وإيطاليا والمغرب (حيث يزور مدن طنجة وشفشاون والعرائش والبيضاء والجديدة والصويرة، ويخص كل واحدة بقصيدة). والجواب واضح جليّ كما يقول الباحث “لم يعد الشاعر يجد نفسه في جنة بلد طفولته فيقوم راحلا هاربا.. يأتي الجواب كالتالي: الأمل يأتي من أفريقيا”.

احتفت فقرة “شاعر ومترجمه”، بالشعر والترجمة والموسيقى، في دار الشعر والشعراء مراكش، سفر وترحال شعري كوني بميسم إنساني واحتفاء دائم بقيم الشعر المنفتحة على المشترك الإنساني، وخصصت فقرة برنامج “ديوان” للاحتفاء بإصدارات الشاعر “آلام دجلة” و”سر أوكرانيا” و”حدائق مراكش”، هذا اللقاء الذي قام بتأطير فقراته الشاعرة مريم أبجو، ضمن سعي نادي الكتاب التابع لدار الشعر بمراكش الى لقاء وجوه وتجارب شعرية وأدبية للحديث عن القراءة والكتاب والكتابة والشعر.

برامج الدار، والى جانب فقرة “شعراء بيننا” وملتقى المعتمد الدولي للشعر، نوافذ مفتوحة على شعريات كونية، في سفر بين نصوص شعرية وفي تناغم خلاق بين متون الشعر بجميع الألسن. كما تشكل هذه الفقرة لحظة أساسية في برمجة الدار، خصوصا ضمن سعيها الى الانتقال والتجديد في استراتيجيتها ضمن الموسم الثامن، في أفق المزيد من إبداع وتنويع برامج وفقرات الدار وانفتاحها على المنجز الشعري المغربي والعربي والكوني.

Visited 2 times, 2 visit(s) today
شارك الموضوع

السؤال الآن

منصة إلكترونية مستقلة