رواية “الموتشو ” لحسن أوريد: أو سقوط المثقف بساحة فلسطين!

رواية “الموتشو ” لحسن أوريد: أو سقوط المثقف بساحة فلسطين!

محمد امباركي

          تعتبر رواية “الموتشو”  نصا مكثفا انتهى “حسن أوريد ” من كتابته بتاريخ 25 رمضان 1442/ 8 ماي 2021، تقع الرواية في 429 صفحة، تستعرض من خلالها سيرة الصحفي أمين الكوهن الملقب بـ ” الموتشو” أي “موتشاتو” في الإسبانية، ومن خلال المسارات المركبة والمتداخلة لهذه الشخصية المحورية في الرواية، يستعرض حسن أوريد مواقفه وتصوراته لقضايا، أحداث ومنعطفات تخص أحوال المغرب، العالم العربي، والغرب في زمن يمتد بين ما بعد الاستقلال إلى حدود “الربيع العربي”، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية حيث كل شخصيات وأحداث الرواية تتقاطع مساراتها أساسا عند نقطة فلسطين (أمين الكوهن، بنيس، نعيمة بلحاج أو راشيل الكوهن ووالدتها، إيستير، كريستين،.. الخ).

وهكذا يتحدث حسن أوربد عن حالة الصحافة من خلال تجربة “أمين” الصحفي العلماني اللامع الذي طرد من صحفية ذات توجه إسلامي بعد تغيير خطها التحريري، وأضحى تحت سلطة المراقبة من خلال علاقة المقدم بـ”با بوشعيب” بواب العمارة بزنقة ضاية الرومي بمدينة الرباط حيث يقيم أمين…ثم عن حركة 20 فبراير وشباب الحركة، وكيف أصبح جزء من هؤلاء الشباب عنوان حراك اجتماعي صاعد نحو الحظوة والضفة الأخرى.

كما يقف “الموتشو” عند تداعيات الربيع العربي وحرب الخليج “الأولى والثانية والغطرسة الأمريكية، ومحنة المثقف واستقطاب النخب في ظل أنظمة استبدادية… ثم هزيمة النخب والإسلاميون “الذين لا ينتجون فكرا ولم يبرحوا دائرة علم الكلام، والمعتقدات، ثم إخفاق الشيوعية وتحولها إلى رؤية ميكانيكية..

أحوال العالم العربي الذي لا ينتظر منه أي شيء وهو غارق في “العار الاديولوجي” أي التقليد…النور يشرق من الغرب…ولماذا لم تفرز الثقافة العربية حملة أنوار، كما حملها وضع شبيه لوضعهم، من هيمنة الكنيسة واستبداد الملوك وغلبة التقاليد؟ (ص: 410)

وتظل فلسطين في قلب مرويات وشخوص “الموتشو” من حيث تمفصلات القضية الفلسطينية، المسألة اليهودية والتطبيع بين الرفض والزحف العلني والسري، وواقع اليهود المغاربة الممزق بين الموقفين والسجال الناتج عن هذا التمزق، وكيف تتجلى الهوية اليهودية في التسمية واللقب من قبيل “الكوهن، بنيس، بلحاج….” ومعضلة التمييز بين اليهودية والصهيونية…”من كان يتوقع أن يحل أمين بإسرائيل؟ هو نفسه لم يكن يتوقع ذلك ولا يتصوره” (ص 308)…من ضريح “ربي بوحصيرة” بتولال (ميدلت) إلى مركز “موشي دايان ” بتل أبيب، والذي استضافه باعتباره من الوجوه المعبرة عن التغيير الحاصل في العالم العربي الذي يتطور ويبرأ شيئا فشيئا من العدائية وأيديولوجيا الكراهية والظلامية… وألقى “أمين الكوهن” محاضرة تحت عنوان ” العالم العربي بين الحقيقة والأسطورة”.. وأكد فيها أنه ينبغي إيجاد حل للنزاع العربي دون ربطه بالقضية الفلسطينية وفق معادلة السلام مقابل السلام…(ص342)

في سياق رؤية تدعي لنفسها الواقعية والعقلانية في فهم الصراع العربي الإسرائيلي، يستحضر “الكموتشو” حراك الريف وقضايا الهوية الأمازيغية التي من خلال شخصية الصحفي “محند” الريفي باعتبارها ضحية قمع وتهميش، ثم تشابك هذه الهوية مع القابلية للتطبيع مع إسرائيل والدفاع عنها كدولة ديمقراطية حديثة…

العشق نفسه لم ينج من هذه الرؤية المتمزقة، هو العشق غير المتكافئ اجتماعيا وجدلية الولع والأيديولوجيا في سياق منعرجات العلاقة العاطفية التي جمعت بين الموتشو والطبيبة نعيمة بلحاج التي اختارت أن تقطع صلتها بالمغرب والحجاب ومعانقة الهوية الإسرائيلية بعد مغامرات حياتية وعاطفية عديدة ظل فيها الشعور بـ”التمزق” ومعاناة الهوية” هو المهيمن…لقد ضحت بالحب من أجل الأديلوجية.. لأن ليس للحب مكان لمن يؤمن بقضية وجودية، دوام دولة إسرائيل. (ص: 418).

في اعتقادي الشخصي، الفكرة المركزية لأحداث الرواية الشيقة، هي مأساة المثقف أو اللعنة التي تطارده، وبالتالي هزيمة هذا “المثقف ” في جبهات عدة: الصحافة، التحديث، الثورة، مقاومة التطبيع، أداء أجر الكراء، وأيضا في معركة الحب… وبين ثنايا هذه المنعطفات ينبعث “الضمير المستتر” مجسدا في شخصية الراهب، “المثقف النقدي” الذي يمتلك الثقافة الواسعة والتحليل الثاقب والحس النقدي “… لكنه مستتر!؟؟

Visited 101 times, 1 visit(s) today
شارك الموضوع

محمد امباركي