هل ينجر حزب الله لحرب جديدة؟

هل ينجر حزب الله لحرب جديدة؟

 أحمد مطر

          مع سقوط قرار وقف إطلاق النار في غزة وتجدد الحرب الإسرائيلية على القطاع، فُتِح الباب واسعاً أمام امكانية سقوطه في لبنان أيضاً، من زاوية استكمال العدو الإسرائيلي ضرب بنية الحزب، بمنطق الحرب المفتوحة، كما في مرحلة ما قبل 27 أكتوبر- تشرين الثاني، وليس كما يَحدث راهناً بمنطق الضربات الموضعية من اغتيالات  واستهدافات جوية لمواقع محددة، التي شكلت سقوطاً مدوياً للاتفاق من يومه الأول.

لا يوازي هذا الوضع خطورة سوى حالة تشديد الخناق على الحدود الجنوبية والشمالية والشرقية، في ظل ارتباك بوصلة التواصل مع الجانب السوري، غير المعني حتى الآن بتحديد آلية التعاون والتنسيق في ملف التوترات على الحدود، والنازحين، والترسيم البري والبحري، والتهريب.

الأحداث الأمنية المتسارعة شرقاً وجنوباً، والإجراءات الأميركية، وما يواكبها من ضغوط وتصعيد إسرائيلي على الداخل اللبناني، تضاعف التحديات التي يواجهها مسار العهد و”الحكومة السلامية”، حيث ما زال عملهما يدور في حلقات الشعارات والتمنيات العامة، ولم يتخذ طريقه إلى التنفيذ العملي.

ويبدو أن التنسيق الأميركي الإسرائيلي قد تجاوز أولوية الإصلاحات المالية والاقتصادية والإدارية، ليضع مكانها عملية إنهاء البنية العسكرية لحزب الله، والتخلص مما تبقى من مصانع أسلحة ومستودعات ذخيرة وأنفاق، حتى يترك الحزب العمل العسكري نهائياً، ويتحول إلى العمل السياسي.

ويبدو واضحاً أن واشنطن أطلقت يد تل أبيب في تنفيذ الأجندة الإسرائيلية ضد حزب الله، مقابل الضغط على الدول المانحة لعدم تقديم أية مساعدة لإعادة الإعمار في لبنان، ريثما يُنهي الجيش اللبناني مهمة السيطرة على سلاح الحزب، وتنفيذ قرار حصر احتكار حمل السلاح بالدولة اللبنانية، كما جاء في خطاب القسم لرئيس الجمهورية، وكما ورد في البيان الوزاري لحكومة نواف سلام.

كثرت التكهنات حول الفترة الزمنية المعطاة للعهد لتنفيذ الوعود والتعهدات الرسمية، ولكن من المؤكد أن الرئيسين عون وسلام، يفضّلان حل مشكلة سلاح الحزب سلمياً، وبأسلوب هادئ، يجنّب البلد خضات أمنيّة مؤلمة، قد تتحول إلى مشروع مصغر لحرب داخلية.

وخيار رئيسيّ الجمهورية والحكومة الهادئ يتطلَّب تفهماً وتجاوباً من الحزب، الذي من المفترض أن تكون بيئته وأنصاره في مقدمة المستفيدين، من المساعدات لإطلاق ورشة الإعمار، والنهوض بالوضع الإقتصادي.

عدم حسم موضوع السلاح في الإطار اللبناني الشرعي، وبشكل علني وواضح، سيعطي العدو الإسرائيلي الذريعة تلو الأخرى، لشن المزيد من الغارات وعمليات الاغتيال بالمسيّرات، واستمرار احتلال التلال الخمس على الحدود الجنوبية، والإفساح بالمجال للتدخلات الأميركية لجرّ لبنان إلى مفاوضات سياسية مع العدو الإسرائيلي.

لقد أعلن أكثر من مسؤول أميركي في الفترة الأخيرة، أن المطلوب من الدولة اللبنانية إنهاء مسألة سلاح حزب الله، قبل الخوض في برنامج الأولويات الأخرى. كما أن العدو الإسرائيلي عمد إلى تدمير المنازل الخشبية الجاهزة في القرى الأمامية، معلناً بوقاحة عدم السماح لعودة الأهالي إلى قراهم، وبدء عمليات الإعمار، قبل إنهاء مسألة سلاح الحزب، وكيف سيواجه لبنان الضغوطات المتزايدة، وكم سيستطيع تحمل تأخير وصول المساعدات وإطلاق ورشة الإعمار.

 ختامًا، هل يستمر الحكم الحالي في سياسة التريث، ويتمكن من إنهاء مسألة السلاح قبل انتهاء الفترة المحددة أميركياً، أم يعود حزب الله إلى سلاحه والانجرار إلى حرب جديدة ، إنها تساؤلات مفصلية، تحدد مسار الغد والمستقبل.

Visited 43 times, 43 visit(s) today
شارك الموضوع

أحمد مطر

صحفي وكاتب لبناني