كوب 27 في شرم الشيخ: الواقع أكثر من مقلق

كوب 27 في شرم الشيخ: الواقع أكثر من مقلق

سمير سكاف

توقفت عقارب الساعة المناخية عند اتفاق باريس. وتوقفت معها المبادرات الجدية لتحقيق أي إنجاز مناخي جدي. لا بل تراجعت الآمال بشكل كبير يمكن معها إعلان خسارة العالم “الحرب العالمية الأولى في التغيير المناخي.

وفي شرم الشيخ، المعركة خاسرة بالشكل قبل خسارتها في المضمون. ويتبين ذلك من عدم مشاركة رؤساء دول كبرى مثل الصين والهند وروسيا وكندا والولايات المتحدة (من المتوقع أن يزور الرئيس جو بايدن القمة بشكل خاطف)… أما الأوروبيون، فيذهبون بالعاطفة، في حين أن “العقل” والمنطق الاقتصادي  “الطاقوي” يضعهم في سلة إعادة العقارب المناخية الى الوراء.

في المضمون، يمكن التأكيد أن لا شيئاً جدياً يمكن أن يخرج من شرم الشيخ. فالمبادرات المدنية محدودة في ظل عدم وجود أي إلتزام من قبل الحكومات، لا بالحياد الكربوني ولا بالالتزام بالطاقات المتجددة. وتظهر قلة من المبادرات، بينها المبادرة السعودية ببعض التفاؤل على مستوى المنطقة العربية.

وفي الواقع، فقد تراجعت التوقعات في محاربة ظاهرة التغيير المناخي بشكل مخيف منذ بداية الحرب الروسية ــــ الأوكرانية. فلا صندوق المئة مليار دولار سنوياً “الموعود” في باريس قد تحقق. وهو لن يتحقق في ظل معاناة كل الاقتصادات العالمية، والأوروبية تحديداً، ولا أي تخفيض ممكن في إنتاج الكربون قادر على التحقق بظل البحث عن بدائل أكثر تلويثاً للغاز الروسي! فألمانيا مثلاً، وهي “عميدة” الطاقات المتجددة عادت بقوة للاعتماد على الفحم الحجري الفائق الثلويث للهواء بثاني أوكسيد الكربون. وكذلك فعلت بولندا في أوروبا. وهذا من دون الحديث عن تراجع إنتاج الطاقة الكهرمائية بسبب تناقص كميات الأمطار والموجات الحرارية المكثفة في أوروبا هذا الصيف المنتهي مع 4 موجات حرارية كبيرة غير مسبوقة، كما حصل في فرنسا وإسبانيا.

لا تحمل إذن قمة شرم الشيخ أي آمال جدية في الحد من ظاهرة التغيير المناخي. ويمكن القول إن خسارة العالم للحرب العالمية المناخية الأولى قد تحققت. وسيتجسد ذلك بعدم قدرة العالم بمنع حرارة الأرض من الارتفاع درجتين قبل حلول العام 2050 (وقد يصلها في العام 2030!). ولا يبدو أن أي تمويل جدي سيظهر في الأفق! ويبقى أن الأهم هو عدم خسارة “الحرب العالمية المناخية الثانية” بمنع ارتفاع حرارة الكوكب 4 درجات قبل العام 2050 أو حتى قبل نهاية القرن، لأن النتائج المتوقعة في حال الخسارة ستكون كارثية جداً! فهل يتفوق وعي الدول والعالم على المصالح والأطماع؟ التصرفات الحكومية في العالم لا تطمأن. والواقع أكثر من مقلق.

Visited 5 times, 1 visit(s) today
شارك الموضوع

سمير سكاف

صحافي وكاتب لبناني