ما بين غيوم غزة وجنوب لبنان يرتفع تصعيد القتل
أحمد مطر
من جنوب غزة إلى جنوب لبنان تقف المنطقة على صفيح ساخن، يترقب كل من حوله لحظة اطلاق حمم النيران على المواقع المحيطة به، واصدقاء لبنان واشقائه يحذرون من تداعيات الكتل النارية المتدحرجة على البشر والحجر.
الحماوة المضطردة للجبهة الجنوبية على الحدود اللبنانية، عبر التصعيد المستمر في نوعية الأسلحة التي تدخل الميدان، والتوغل المتزايد في استهداف مواقع وأهداف في عمق الجانبين، ينذر بأن قواعد الاشتباك على وشك الانهيار، علي إيقاع رفع مستوى التهديدات الاسرائيلية في تل أبيب، التي يسعى نتنياهوعن نصر عسكري ما في الجنوب اللبناني، بعد الحديث عن فشل حربه على غزة في تحقيق أهدافها المعلنة، وخاصة بالنسبة للوصول إلى قادة حماس وتحرير الرهائن، رغم مرور أربعة أشهر على هذه الحرب.
الضغوط الأميركية على حكومة نتانياهو لعدم فتح جبهة الجنوب اللبناني، بدأت تتلاشى مع ظهور الخلافات الى العلن، حول مشروع صفقة باريس لهدنة جديدة وإطلاق الأسرى والمعتقلين، من جهة، ومعارضة واشنطن لنقل المعارك إلى رفح على الحدود المصرية، من جهة أخرى، الأمر الذي يُتيح لنتانياهو فرصة التملّص من تعهداته السابقة تجاه الإدارة الأميركية.
المتابع لتطورات العمليات اليومية الإسرائيلية في الجنوب، يلاحظ أن آلة حرب العدو تقوم بتدمير ممنهج للمنازل والمحلات والساحات في قرى الشريط الحدودي الأمامي، بشكل لا تعود صالحة للترميم والسكن بسرعة، كما كان يحصل سابقاً. كما أن استعمال القنابل الفوسفورية لحرق المزروعات والحقول، يؤدي إلى تسميم الأرض، وجعلها غير صالحة للزراعة الفورية، بل تتطلب استصلاحات ومعالجات قد تستغرق خمسة عشر سنة، حسب خبراء زراعيين.
يُضاف إلى ذلك، أن تكرار العمليات الجوية في شمالي الليطاني، آخرها عمليتي النبطية وجدرا، بغض النظر عن تحقيق أهدافها، تُعتبر رسائل غير مباشرة لمن يعنيهم الأمر، عن مدى الاستعداد الإسرائيلي لنقل المواجهة إلى الداخل، والقيام بعمليات قصف مختارة لضرب أهداف حساسة، مثل جريمة اغتيال القائد في حماس صالح العاروري في الضاحية، ومحاولة اغتيال أحد الكوادر العسكرية لحماس باسل صالح في بلدة جدرا، في إقليم الخروب.
ورغم التصعيد الإسرائيلي المستمر، مازال حزب الله يُحافظ على ضبط النفس، ويشدّ على الجراح التي أصابته بسقوط مئتي شهيد حتى الآن، ويكتفي بالرد على المواقع العسكرية، وأماكن تجمع الجنود الإسرائيليين، لتفويت الفرصة على نتانياهو بجر الحزب إلى حرب بالتوقيت الإسرائيلي.
غير أن الوفود الأجنبية التي تزور لبنان في هذه الفترة، تكاد تحمل رسالة واحدة، تصب في التحذير المتكرر من نوايا إسرائيلية مبيتة تجاه لبنان، مما يرفع منسوب احتمالات تدهور الوضع في جنوب لبنان، أو على الأقل تنفيذ غارات على أهداف نوعية واستراتيجية.
أما الوضع جنوب القطاع، وفي رفح بالذات، على تخوم الحدود المصرية، فيبدو أكثر خطراً وقابلاً للاشتعال بسرعة، بعد التهديدات الإسرائيلية في اجتياح رفح، حيث الاكتظاظ البشري لمليون ونصف المليون نازح من مختلف مدن القطاع، والاستعدادات المصرية العسكرية، لمنع استخدام محور فيلادلفيا في الهجوم المنتظر.
التصعيد الإسرائيلي في رفح، ورفض الموافقة على صفقة باريس، سيؤدي إلى تفاقم التوتر في المنطقة وسقوط المزيد من الضحايا بين المدنيين في غزة، ويكرس استمرار الدولة العبرية في حرب الإبادة ضد الفلسطينيين، رغم قرار محكمة العدل الدولية، وبالتالي سيعرض السلام في المنطقة إلى أخطار جمّة، خاصة مع تكرار الهجمات على القواعد الأميركية في المنطقة، والردود الأميركية العنيفة عليها، واستمرار التعثر في التجارة الدولية نتيجة التوتر السائد في البحر الأحمر.
نتانياهو وحكومة اليمين المتطرف في تل أبيب، تعرض الأمن والاستقرار للخطر، أمام أعين العالم، وعلى مسمع الحلفاء، وخاصة واشنطن، ومع ذلك لم يحصل أي تحرك دولي، بمستوى تلك الأخطار، لوضع حد للهستيريا الإسرائيلية، وما يمكن أن تقوم به من مغامرات عسكرية على النسق الهتلري، والإمعان في ارتكاب الجرائم ضد الشعب الفلسطيني في غزة والضفة، وتوسيع رقعة الحرب بإشعال الجبهة مع الحدود اللبنانية.
وفي ذروة الحملة الإسرائيلية على بايدن وإدارته، يستعد الكونغرس الأميركي لتقديم مساعدة جديدة لإسرائيل تبلغ قيمتها 17 مليار دولار، ليتجاوز حجم المساعدات الاميركية الثلاثين مليار دولار منذ بدء الحرب على غزة، عوض تخفيف المساعدات للجم الاندفاعة العسكرية المتهورة.
فهل يرتكب نتانياهو حماقة جديدة، ويخوض حرب الجنوبَيْن اللبناني والفلسطيني، ويُشعل المنطقة، ويعرض الاستقرار العالمي للخطر.
ختاماً ان الايام المقبلة قابلة لان تختزن الكثير من المفاجآت ، في وقت ينقل فيه الاعلام الاسرائيلي عن نتنياهو قوله ان امام اسرائيل شهراً لإكمال عملياتها العسكرية قبل بدء شهر رمضان في اواسط شهر اذار المقبل.
Visited 15 times, 1 visit(s) today