استرجاع أموال اللبنانيين بين “الراعي والديب والغنم”!
سمير سكاف
يغلب على ما يحدث في قضية توقيف حاكم مصرف لبنان السابق رياض سلامة الطابع الشعبي في المبالغة في التفاؤل والتمنيات، بالإضافة الى الطابع الاعلامي المثير لحدث… مثير!
ولكن تغيب في الواقع أي معطيات إيجابية لإدخال أي تحسن أو تطور مالي أو اقتصادي أو اجتماعي الى حياة اللبنانيين، في ظل الوضع السياسي، وتشرذم المؤسسات والفراغ الرئاسي، والحرب القائمة والحرب الشاملة المحتملة، والتوترات الإقليمية..!
واهم من يعتقد أن حجر رياض سلامه، إذا ما وقع، وهو بالأساس لن يقع، سيؤدي الى وقوع أحجار دومينو المال والسياسة والتجار والمتعهدين والفساد والسرقة والإهمال والتهريب… في لبنان!
ومع ذلك، وبالشكل، جيد جداً توقيف رياض سلامة لكل من حارب ويحارب الفساد، ولكل مودع ومناضل لإعادة الأموال المنهوبة!
ولكن النظام المالي – السياسي الذي طيّر كل أموال اللبنانيين سرقةً وفساداً هو أقوى من أي وقت مضى! والقضاء على الرغم من بعض الومضات الايجابية ما يزال يخضع للقرار الأمني – السياسي!
ما يعني أنه من المستحيل نزع الغطاء السياسي عن رياض سلامة! كما أن تبرأته متوافقة مع استحالة التبرأة منه! فسياسات المصرف المركزي في عهده مغطاة بسياسات حكومات ووزارات مالية! وهندساته المالية صبت في جيوب معظم السياسيين، وكل أصدقائهم أو رجالهم المصرفيين!
هل توقيف رياض سلامة، “البسيط” جداً في الشكل الذي تمّ به، يخفي حماية من ملاحقة دولية مثلاً؟! الأمر ممكن. ولكن الأرجح هو إخلاء سبيل سلامة مع السماح له بالسفر، مع استمرار المحاكمات لفترة… طويلة! عندها “إما يموت الراعي، وإما يموت الديب، وإما يموت الغنم”!
نظام “بونزي”، و”بدائية” بيرني مادوف بالمقارنة مع سلامة لم يوفَّقا بصيد يوازي كل أموال اللبنانيين في كل المصارف اللبنانية! ومع ذلك فإن أموال مادوف المسروقة عادت في النهاية الى أصحابها!
في حين أن عودة أموال اللبنانيين “مربوطة” بتغيير مستحيل حالياً لطبقة سياسية “شبه كاملة”! فالأوضاع الإقليمية لا تسمح بهذا التغيير، ولن تسمح به في العشرين سنة المقبلة… على الأقل!
أياً يكن تطور قضية سلامة، التي يمكن أن يصل في لبنان الى الإبراء الكامل أو الى كبش محرقة أو الى التصفية الجسدية، فلا تغيير في حال اللبنانيين، ولا أمل في أي تحرك شعبي في الوقت الحاضر في غياب اللحظة المناسبة ( momentum). كما أنه، بوجود هؤلاء، لا عودة لإموالهم، المرتبطة أيضاً بقصة “الراعي والغنم والذئب”…للأسف الشديد!
Visited 22 times, 1 visit(s) today