الحرب الهجينة.. أو حبكة الزر الأحمر الإسرائيلي!
عبد العلي جدوبي
في إطار الحرب العدوانية الهجينة التي تقوم بها إسرائيل، بعد عملية تفجير أجهزة الاتصال اللاسلكي (بيجر) في لبنان، يكون الكيان الصهيوني قد تجاوز الخطوط الحمراء، وعمل على كسر قواعد الاشتباك، وتغيير المعادلة في الجبهة الشمالية مع حزب الله، وخلق شرخا في السلم العالمي.
الملاحظ أنه بعد عملية التفجير، شرعت عدة دول في مراجعة استيراد الأجهزة والمعدات الإسرائيلية الإلكترونية، أو تلك التي تمتلكها مؤسسات تابعه للكيان الصهيوني، لأنها لم تعد آمنة على أمن وسلامة الدول، وأصبحت بمثابة قنابل موقوتة، وتهديد إرهابي خطير للأمن القومي.
صحيفة “الواشنطن بوست” وصفت ما حدث بـ: (حبكة الزر الأحمر الإسرائيلي)، وهو يعني احتمالية تحقيق اختراق مدمر لخصم يمكن أن يظل طي الكتمان لعدة أشهر، إن لم يكن لسنوات قبل تنشيطه مرة أخرى، وأضافت الصحيفة: ” إن القلق الساري الآن على المستوى العالمي بعد عملية التفجير من احتمال تحويل العديد من الأجهزة الإلكترونية إلى عبوات ناسفة، وقد أعادت هذه الهجمات السيبرانية إحياء العديد من المخاوف بشأن الأمن العام، وتوسيع عمليات التوريد التي تشمل الوسطاء وعدد من الدول في العالم.
وما يمكن التأكيد عليه هو أن توظيف الأجهزةالكترونية من طرف إسرائيل في عمليات التفجير والإغتيالات، وهي أجهزة يستعملها المدنيون، هو عمل إرهابي وليس إنجازا عسكريا يستحق الفخر والتباهي من طرف نتنياهو، الذي يتصرف وفق قرارات مرعبة وفائض من أوهام القوة الزائدة قد يقوداه إلى نفس مصير رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق (إيهود أولمرت) الذي أنهته حرب عام 2006 سياسيا وأدخلته إلى السجن.
يكاد يجمع العديد من المحللين السياسيين أن نتنياهو بشن الحرب على الجبهة الشمالية، إنما يريد القفز فوق خسائره الراهنة في غزة لتوسيع المواجهة في لبنان، بعد سلسلة من الاغتيالات في صفوف القادة العسكريين اللبنانيين، ويرى أن قدرات حزب الله أصبحت ضعيفة بعد الاختراقات البرية الأخيرة، وهو يحاول عبثا إضعاف محور المساندة ليتسنى له مواصلة مخططاته الفاشلة في غزة والضفة؛ فالأهداف التي حققها لحد الساعة – حسب الخبراء العسكريين – هي أهداف تكتيكية وليست استراتيجية.
يقول المحلل السياسي الإسرائيلي (اسحاق بريك) في صحيفه “هاريتس” الإسرائيلية: “لقد فقد نتنياهو إنسانيته واهدافه السياسية ومسؤوليته بشأن الأمن الداخلي الإسرائيلي، ولن ينقد الدولة الإسرائيلية أمام تخبطاته، إلا استبعاده عن السلطة هو ومن معه في أقرب وقت ممكن، حتى لا تنهار الدولة، وأضاف: “لقد دخلت البلاد في دوامة وجودية وقد تصل تقريبا إلى نقطة اللاعودة”.
كما وصف المدير السابق لوكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية (سي أي إي) ليون بانيتا: الهجمات الإسرائيلية بواسطة أجهزة الاتصالات المفخخة في لبنان، بأنها نوع من الإرهاب الدولي، ويجب ردع الإرهابيين اليوم قبل الغد.
الإرهاب الإسرائيلي ينذر بما هو أخطر وأسوء على صعيد السلم العالمي، فبامكان إسرائيل الآن عبر الموساد مهاجمة أية جهة تريد في العالم من مؤسسات وأفراد، من خلال تفخيخ الأجهزة الإلكترونية وتفجيرها عن بعد، وقد تكون حروبها داخل الدولة الواحدة في إطار ما بات يطلق عليه: الحرب الهجينة.
Visited 57 times, 1 visit(s) today