” نزال” بين ترامب وزيلينسكي فاز فيه بوتين!

عبد العلي جدوبي
كان من المتوقع أن يضع لقاء الرئيس الأمريكي دونال ترامب ونظيره الأوكراني فلوديمير زيلنسكي، بالبيت الأبيض الجمعة الماضي (18 فبراير)، حدا لنهاية التوتر بين الرئيسين، والبحث عن مخرج لإيقاف الحرب بين روسيا وأوكرانيا، لكن يبدو أن المناسبة لم تكن مواتية بعد تداخل العديد من المؤثرات، التي أضفت على هذا اللقاء نوعا من الضبابية، خصوصا بعدما تفاقمت المشاكل العالقة وبلغت ذروتها عندما وصف الرئيس الأمريكي ترامب الرئيس الأوكراني في وقت سابق بـ: “الديكتاتور”، ورد عليه الأخير بأن “ترامب يدور في فلك التضليل الإعلامي الروسي”.
بدأت حدة التوترات خاصة بعد عقد أمريكا محادثات مع روسيا في السعودية، دون حضور أوكرانيا أو ممثلين عن الدول الأوروبية، في وقت بدأ فيه الرئيس ترامب مشروعه لغرض وقف الحرب بين أوكرانيا وروسيا، واستند في رؤيته في الوصول إلى اتفاق يتضمن قبول أوكرانيا التنازل عن شروطها، ونسيان فكرة انضمامها إلى حلف الناتو من الأساس، مع استبعاد قيام قوات أمريكية بأي دور للحفاظ على السلم بين أوكرانيا وروسيا، في الوقت ذاته تم تهميش الدور الأوروبي؛ ومما جاء في وكالة بلومبيرغ الأمريكية، أنه منذ اللحظة الأولى لوصول زيلينسكي إلى البيت الأبيض كانت الإهانات حاضرة من طرف الرئيس الأمريكي، وتوترت الأمور خلال النقاش المحتدم بين زلنسكي وترامب، في مشهد تاريخي لا علاقة له بالبروتوكول ولا بالدبلوماسية ولا بالمصالح المشتركة، ولا حتى بأدب الضيافة، وتحول اللقاء حسب ما جاء في موقع اكسيوس إلى “كمين”، وأن إدارة ترامب بدأت تدرس إنهاء جميع المساعدات العسكرية لأوكرانيا .
اعتبر عدد من الدبلوماسيين الأوروبيين أن ما حدث لا سابق له في تاريخ البيت الأبيض، وكان بمثابة كارثة دبلوماسية أثارت عاصفة من الاستغراب والذهول، خاصة بعد جولة التراشق بالكلمات التي حملت توبيخا مهينا واستصغارا للرئيس الأوكراني، الذي طُلِب منه مغادرة البيت الأبيض، وكأنه شخص غير مرغوب فيه، لينتهى الأمر إلى ما يشبه الطرد، وتم إلغاء باقي برنامج الزيارة التي كان يفترض أن تشمل حفل عشاء!
وحسب “الواشنطن بوست” فإن نسف هذه الزيارة يحمل عدة رسائل عدة، أولها: أن قضية أوكرانيا صارت في عهدة الأوروبيين، ولم يعد لواشنطن علاقه بها، على الأقل فيما يتعلق بالمساعدات العسكرية، وكان ذلك واضحا خلال زيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى واشنطن واجتماعه مع ترامب، وما تخلل ذلك اللقاء من تصريحات للطرفين، ومن تلميح بأن واشنطن قدمت ما يكفي، لأوكرانيا (357 مليار دولار) حسب ترامب. والآن انتهى دور الولايات المتحدة الأمريكية بهذا الشأن .. والرساله الأهم هي أن إدارة ترامب تعد الأرضية لانسحاب غير مستبعد من حلف شمال الأطلسي الناتو، وكان افائز في هذا ” النزال ” بين ترامب وزيلينسكي بالبيت الأبيض هو الرئيس بوتين – حسب جون براين – المدير السابق لوكالة الإستخبارات المركزية الأمريكية.
قال صحافي أمريكي ساخرا : “لو كان الرئيس الأوكراني زيلينسكي في زيارة للكرملين وليس إلى البيت الأبيض، ربما لم يكن ينتهي لقاؤه مع عدوه اللدود بوتين بصورة صادمة درامية، أسوء من التي انتهى بها اجتماعه في البيت الأبيض مع الرئيس الامريكي دونالد ترامب!
وسارعت الطبقة السياسية الأمريكية إلى تسجيل ردود فعل على إثر المشاداة بين ترامب وزينينسكي في البيت الأبيض، بين مؤيد مستنكر، حيث لم يتخذ في هذا اللقاء أي قرار، سوى دعوة ترامب نظيره الأوكراني إلى العوده ثانية إلى البيت الأبيض متى يشاء “عندما يكون مستعدا للسلام”!