الموت في زمن الحرية
حسين عطايا
صيرورة الحياة تتغير باستمرار، قد تتعثر يوماً، وقد تصل الى حدود الشهادة في أزمنة نفتش فيها دوماً عن قضية وعن بطولة.
عاش لبنان ولا يزال يعيش في ظِلال رقصة الموت على هدير السلاح، منذ خمسة عُقود، بدأت مع دخول جيش النظام الأسدي واغتيال المعلم الشهيد كمال جنبلاط في السادس عشر من آذار – مارس من العام 1976، وكان توقيت خروجه على هدير الدم المُسال في الرابع عشر من شباط من العام 2005، حين اغتالت أيادٍ مجرمةٍ بأدوات القتل والدمار رئيس حكومة لبنان الأسبق الشهيد رفيق الحريري، وقلبت حياة اللبنانيين من الاحتفال بعيد الحُب لندخُلَ ساحات الدم بقدمين عاريتين، إلا من إرادة تحرر وجديةٌ في المواجهة. حينها ونتيجة لمجرى التغيير في اتجاه الرياح الدولية التي بدأت ساعة هبوبها في أيلول- سبتمبر من العام 2004، ساعة إصدار القرار 1559، حيث كانت نتيجته خروج الجيش السوري من لبنان، بعد حصول نوع من الممانعة من قبل نظام بشار الأسد الذي ورث نظام اأيه بعد موته في العام 2000.
حينها، ولوهلة اعتقد البعض منا، وعلى أثر ثورة الأرز التي انطلقت ونزل فيها اللبنانيون إلى الشارع، أن الآتِي من الأيام سيكون مناسبةً لتحقيق استقلالنا الثاني وتحرير الوطن من الاحتلال السوري على مدى أربعين عاما.
حينها، اعتقدنا لوهلة أننا خرجنا من سلطة احتلال لنعيش الحرية، ونتحرر من الوصايات التي رهنت لبنان لعقود وبموافقة دولية، أو نتيجة أن لبنان كان عبارة عن جائزة ترضية للنظام السوري بعد أن شاركهم الحرب على العراق في العام 1990.
لكن رياح الحرية كانت مُكلفة، وثمنها دم لنخبة من أحرار الوطن، وقد ظهر واضحاً أن لبنان مكتوب عليه أن يعيش درب الجُلجُلة ويدفع ثمن الجغرافيا كما يدفع ثمناً للحرية المضرجة بدمٍ ودمار.