مغرب زكية داوود

مغرب زكية داوود

فجري الهاشمي

وأنا أمر أمام كشك للصحف والمجلات والكتب، وقعت عيناي على كتاب للسيدة الكبيرة زكية داوود، وهو كتاب يتناول تاريخ جبل طارق.

زكية داوود صحفية وكاتبة ومؤرخة مغربية أصيلة (رغم أنها فرنسية الأصل) بثقافتها وكتبها، وبمعاركها. وسأتكلم عنها باختصار.

عاشت زكية داوود أصعب المراحل السياسية في المغرب (أي بداية الستينيات وفي السبعينيات)، وكانت حاضرة في فضاء نقابة الاتحاد المغربي للشغل، مؤسسة ومسؤولة ضمن قيادة الاتحاد التقدمي لنساء المغرب، تحت لواء المركزية النقابية المشار إليها، ورافقت وصادقت نخبة من المثقفين المغاربة، الذين كان لهم رأي آخر فيما يخص التطورات السياسية التي سوف يعرفها المغرب منذ ولاية المرحوم الحسن الثاني.

أسست زكية داوود مجلة اسمها لاملايف lamalif، وكانت منبرا قويا للنخبة المغربية، عوضت تغييب مجلة علم الاجتماع، التي كان يشرف عليها المفكرالمغربي عبد الكبير الخطيبي.

في بداية الثمانينيات كان هناك من  حرض المخزن عليها (وزير الداخلية القوي إدريس البصري) لكتم صوتها، خصوصا وأن مجلة “لا” أو “لاماليف” كانت فضاء للنخبة المغربية، من الفاعلين السياسيين وأبرز أساتذة الجامعة المغربية في الاقتصاد وعلم الاجتماع. وهو أمر سعى من ورائه الذين حرضوا ضدها، أن لا يطلع المخزن على تلك الآراء والأفكار التي كانت تنشرها مجلة زكية داوود.

هكذا تم توقيف مجلة lamalif؛ لكن زكية داوود لم تتوقف، إذ تواصل إنتاجها الفكري، الذي يؤ رخ لمغرب آخر، مغرب زينب (النفزاوية)، روايتها حول يوسف ابن تاشفين، ومغرب الخطابي (كتابها حول الزعيم عبدالكريم الخطابي)، مغرب المهدي (كتابها حول المهدي بن بركة)، مغرب التحول (كتابها حول عبدالله ابراهيم). كما أنها أرخت لتجربة مجلتها الرائدة في كتاب بعنوان “سنوات لاماليف”، حكت فيه عن سيرتها وتجربتها الإعلامية على مدى ثلاثة عقود كاملة (1958-1988)، وهو مؤلف يعد وثيقة هامة لمرحلة سياسية من تاريخ المغرب، من بداية الستينيات إلى مستهل الثمانينيات.

والغريب أن لجم “لاماليف” وتوقيفها سنة 1988، وقع مباشرة إثر حوار أجرته المجلة مع الزعيم الاشتراكي عبدالرحيم بوعبيد، الذي وصف فيه خضوع المغرب لإملاءات صندوق النقد الدولي بمثابة الدخول في النفق le tunnel.

الحديث عن زكية داوود هو حدبث يراد منه القول إن هناك “مغرب متعدد” عاشته زكية داوود وكتبت عنه، لكن هذا التعدد يخيف المتزلفين، لأنه يكشف ويعري ضحالتهم، وبذلك يعملون على فرض الرأي الوحيد (داك الشي اللي باغي المخزن يسمع).

“المغرب المتعدد” هو اسم جمعية حضرت في تأسيسها، وكانت مبادرة لأصدقاء لهم تاريخ، توفيقي بلعيد، ومحمد شرادو، ولحسن صابر… وغيرهم. والخلاصة: زكية داوود مغربية، كما كان بول باسكون، هي داخل هذا التعدد، ومعنى ذلك، قد نختلف في التفكير لكن الأفق واحد.

لقد أحبت زكية المغرب فأصبح قضيتها. كما أحبه ليوطي، وذلك يعني أن للمغرب جاذبيته التي تقتضي منا أن نفتح أعيننا جيدا لنراها.

من مؤلفات زكية داوود:

– زينب ملكة مراكش رواية (2004).

– عبد الكريم الخطابي: ملحمة من ذهب ودم (1999).

– مغاربة من الضفة الأخرى.

– سنوات لام ألف.

ابن بركة: حياة أو موت (بالاشتراك مع المعطي منجب)

عبد الله إبراهيم.. تاريخ الفرص الضائعة.

Visited 8 times, 1 visit(s) today
شارك الموضوع

فجري الهاشمي

ناشط سياسي مغربي