ماذا في جعبة هوكشتاين؟

ماذا في جعبة هوكشتاين؟

حسين عطايا

من المتوقع أن يصل الوسيط الأميركي في ترسيم الحدود بين لبنان وإسرائيل، آموس هوكشتاين، ما بين يوم غد الأحد مساء أو الاثنين صباحا إلى بيروت، وعلى جدول أعماله لقاءات موعودة مع قيادات سياسية وعسكرية، تبدأ من صباح الثلاثاء المقبل، لمعرفة جواب القيادات اللبنانية، علّها تتوحد على رأي واحد حول خط التفاوض، خصوصاً بعدما تبلغ في زيارته الأخيرة في شباط – فبراير الماضي، بأن خط التفاوض هو الخط 23 ولن يُقدم رئيس الجمهورية على توقيع المرسوم المُعدل الذي يحمل الرقم 6433، الذي يؤكد ان خط التفاوض هو 29 وفقا لخرائط قدمها الجيش اللبناني. وقد تم ربط هذا الأمر في الماضي من قبل للمساومة، وفقا لحاجة جهات وقوى سياسية لبنانية، إذ تردد ان الرئيس عون وضع مرسوم التعديل في قصره للمقايضة عليه مع الوسيط الأميركي لفك العقوبات الأميركية المفروضة على صهره جبران باسيل، الساعي إلى أن يرث كرسي بعبدا، وقد تم في حينه إبلاغ من يعنيهم الأمر، بأن مسار العقوبات وآلياتها تختلف عن مسار الترسيم البحري، حتى ولو اضطر الأمر تنازل العهد وصهره عن كل المناطق البحرية اللبنانية.

لذلك، من الواضح أن زيارة الوسيط هوكشتاين لن تغير شيئا، وهو لن يقدم أي مقترحات جديدة، وأن زيارته تأتي نتيجة تزايد عدد الاتصالات التي انهالت عليه للقدوم إلى لبنان لإستئناف وساطته، وهو أعلن في أكثر من مناسبة بأنه ينتظر إجابات خطية من المسؤولين اللبنانيين، لأن هذا الأمر بصريح العبارة متعلق ومرتبط بعدم مصداقيتهم، وعدم توحدهم خلف قرار أو رأي موحد في هذه القضية . ففي ظل أزمات المنطقة، لاسيما بعد الحرب الروسية ـــ الاوكرانية، تراجع الاهتمام الدولي والإقليمي بلبنان ومشكلاته التي لا تُعد ولا تُحصى، كان على القيادات اللبنانية أن تتوحد خلف قرار في ملف الترسيم، وصياغة توجه واحد لتصل الى مبتغاها.

وهنا يحضر أكثر من سؤال:

هل ستتحول قضية الخط 29 إلى مزارع شبعا بحرية جديدة؟

هذا الأمر يثير ريبة اللبنانيين، وفي اعتقاد مراقبين أن لبنان فعلا أمام قضية نزاع تشبه قضية مزارع شبعا، ولكن بحرية هذه المرة، انطلاقاً من التجارب الماضية وألاعيب حزب الله للإبقاء على سلاحه، أي إتخاذها هذه المسألة ذريعة للحفاظ على المصالح الكُبرى التي تهم إيران، والتي تسعى لجعل لبنان ورقة في يدها وترجمتها في مفاوضات فيينا مع الولايات المتحدة حول سلاحها النووي، وكما استخدم النظام السوري قضية مزارع شبعا، ها هو النظام الإيراني يستخدم الخطة نفسها لوضع يده على لبنان، وهذ المرة يمكن لإيران أن تستعمل الورقة اللبنانية في مفاوضات بغداد مع المملكة العربية السعودية، فهي تريد بقاء لبنان أسير سياساتها، عبر استخدام سلاح حزب الله الذي يُهيمن على الحياة السياسية اللبنانية وقراري الحرب والسلم، كما أسهم في تقوية نفوذه منذ تسوية الدوحة التي قدمت له حق النقض أي على كل القرارات المصيرية والاستحقاقات الدستورية.

والواضح أن الأمور متجهة أكثر نحو مزيد من التصعيد والتعقيد وانعدام الاستقرار في الوضع اللبناني، ومنع لبنان من الاستفادة من ثرواته النفطية والغازية في بحره، بينما إسرائيل أصبحت على مسافة شهرين من استخراج هذا الغاز وضخه عبر الأراضي الفلسطينية المحتلة، ومن ثم إلى مصر ليصار إلى تصديره إلى أوروبا، تعويضاً عن بعض من الغاز الروسي. فيما لبنان وفي أكثر الحالات تفاؤلاً يحتاج إلى حوالي سنتين ليصبح قادرا على استخراج النفط والغاز من بحره، على أقل تعديل، في حال تتوجت زيارة الوسيط الأمركي هوكشتاين بالنجاح في الأسبوع المقبل.

لا شك أن لبنان بأمس الحاجة إلى ترسيم حدوده، وإلى الاستقرار الحدودي والسياسي، لما في ذلك من انعكاسات إيجابية على الأوضاع الاقتصادية الداخلية، لا سيما إنه ينتظر استحقاقات دستورية هامة، من انتخابات رئاسية جديدة في الخريف المقبل، وقبلها تشكيل حكومة جديدة، لمعالجة ظروفه وأوضاعه الاقتصادية والسياسية والقضايا الحياتية لمواطنيه، وإيجاد حلول مناسبة لفك عقد الأزمات، عبر المفاوضات مع صندوق النقد الدولي ورسم خطط التعافي وهيكلة قطاع المصارف، وأزمة الكهرباء والمديونية وغيرها من الأمور الهامة والملحة.

Visited 2 times, 1 visit(s) today
شارك الموضوع

حسين عطايا

ناشط سياسي لبناني