رسالة من البروفيسور الروائي المترجم سعيد بوطاجين إلى الكولونيل المغربي الروائي نور الدين وحيد
سعيد بوطاجين
تحت هذا العنوان عمّم الشاعر الجزائري بوزيد حرز الله على صفحته بالفيس بوك تدوينة/رسالة لمواطنه الناقد والمترجم سعيد بوطاجين موجهة إلى الروائي المغربي نور الدين وحيد.
ولعل هذه الرسالة تحول النقاش من موضوع مناوشات بين جزائريين ومغاربة، يتحركون على إيقاع خلفية النزاع بين البلدين الشقيقين والجارين بسبب قضية الصحراء، من طنين ذباب إلكتروني متبادل بين الجهتين، إلى مواقع جدل بين النخبة المثقفة. وينتظر أن تثير هذه الرسالة ردود متباينة بين الطرفين، قد نعود إليها لاحقا.
فيما يلي رسالة الأستاذ سعيد بوطاجين:
” أرجو من المتابعين التعليق باحترام، ودون تجاوزات.
لا أعرف كاتبا مغربيا واحدا، أو جامعيا تخصص في السخرية من الجزائر والجزائريين، مثلما يفعل الروائي نور الدين وحيد الذي وضع نفسه، كضابط سابق، في خدمة المملكة لشن حرب على البلد الجار، وهو حر في تصريحه لأن الوطن ليس وجهة نظر، ولكل منا رؤيته وموقفه، ولا أحد منا يفرط في بلده.
المشكلة أنه أصبح وصيا على النخب الجزائرية، وعلى الجامعيين والمسؤولين الذين يصفهم بأحقر الصفات، وعلى الشعب الذي يتعامل مع نظام مكون من “الكابرانات” و”الكراغلة”، وعلى تاريخ أمة، لكنه يقول دائما، بعد الانتقادات والوصايا والتوجيهات والارشادات، مشكورا على عاطفته ونبله: “نحن شعب واحد”، وهذا صحيح ومؤكد. لكني أقول لك يا سي نور الدين، بعد التحية والعتاب، وبعد مشاعر الحب التي أكنها لأصدقائي في المغرب، بلدي، مثقفين وبسطاء، وهم كثيرون جدا: عليك أن تهتم بنفسك أفضل لك، ولا تحاول إضاءة الشارع وبيتك مظلم. إن الإساءة إلى شعب، أو التحريض على مواجهته عسكريا لا يفيدك ككاتب نير وجامع، بقدر ما يقلل من شأنك ومن شأن النخبة المغاربية التي لا أتمنى لها مصيرا مماثلا. أقول لك أيضا: أنا لست مع ممارسات الأنظمة العربية قاطبة، وأختلف مع الرئيس الجزائري الذي تشتمه باستمرار، لكني مع الشعب الذي صوت عليه في انتخابات ديموقراطية، ويحق لي أن أتخذ موقفا منك لأنك تتدخل في أمور تعنيني وحدي، أنا المخول بانتقاد من يحكمني، ثم أدخل السجن عن قناعة ومبدأ، وفي بلدي كإنسان حر يكتب دون خوف من أحد، ودون أدنى مضايقات. أما أنت فلا ناقة لك ولا جمل في شأن داخلي يخصني.
هل حدث أن قرأت لي، وأنت تعرفني جيدا، منشورا أسخر فيه من الشعب المغربي وأصوله وجيشه ونخبته وحكومته وكتابه وتاريخه؟ مع أني أنتقد باستمرار النظام والنخبة والمثقفين والجامعيين الجزائريين، كواحد من الشعب، من الداخل، وبحرية كبيرة، وأنا أتحمل عواقب كتاباتي ومواقفي المستقلة، فما دخلك أنت إن كنا أمازيغ وكراغلة ويهودا وإيطاليين وفرنسيين؟
طيب: الجزائريون أتراك، وحكامهم عساكر جاهلون يمكن محوهم بسهولة، كما تقول، هل هذا هو شغلك الوحيد كمحسوب على الكتاب والمثقفين المغاربة؟ ثم تشتم باستعلاء وفظاظة كل من يرد عليك وعلى نبوءاتك، أنت ومن يصفق لك من أنصار الحرب والفتن والاستغلال السيء للتاريخ؟
لم أعلق على منشوراتك من شهور لأني رأيت ذلك من السفاسف التي وجب غض الطرف عنها، لكن سريالياتك الأخيرة جعلتني ألاحظ أنك تماديت، وأصبحت فوق الأمة الجزائرية وثقافتها ومكوناتها وهويتها، وهذا لا يشرفني، بل يدفعني إلى أن أكون مع الأنظمة التعيسة، ضد هذا النوع من النخب المنفذة التي لا تتحمل مسؤولياتها في سياقات تستدعي تبصرا وحكمة درء لتمزق مدمر لا يفيد أحدا، والسلام على الشعب المغربي الذي أعتبره من دمي ونسغي، كبيرا بتاريخه وموروثاته وإنجازاته وطيبته، ولا سلام على الكبار والصغار، وعلى المنبطحين لأي كان، مهما كان، في أي سياق كان، وفي أي بلد كان”.