حرائق الغابات بين “خسارة معركة” تغيير المناخ وصنع البشر!

حرائق الغابات بين “خسارة معركة” تغيير المناخ وصنع البشر!

حجم الحرائق يزداد في السنوات العشر الأخيرة الأكثر ارتفاعاً للحرارة في تاريخ البشرية!

والحرب الروسية – الأوكرانية لم تشفع بارتفاع حرارة الأرض!

سمير سكاف 

كما في كل سنة، يأتي موسم الحرائق بين مطلع شهر تموز- يوليو ومنتصف شهر تشرين الثاني- نوفمبر. ولكنه يأتي هذه السنة، كما سيأتي في السنوات المقبلة، مع موجات حرارية مرتفعة في العالم كله، وفي بلدان حوض المتوسط والعالم العربي تحديداً. وهو يتأثر بشكل كبير بظاهرة تغيير المناخ التي تزداد سوءاً سنة بعد سنة، وتخرج عن سيطرة البشر الذين تسببوا بها!

وإذا كانت الحرائق بمجملها وبنسبة 85 إلى 90% هي نتيجة خطأ بشري مثل رمي أعقاب السجائر من السيارة، ليحرق اليباس على طرف الطرقات القريبة من الغابات، أو بحرق اليباس الناتج عن تنظيف الغابات والحدائق القريبة منها، أو بعدم إطفاء جيد للنيران بعد “باربكيو” عائلي وبين الأصدقاء… فإن الطبيعة تتكفل بنسبة 10 إلى 15% من الحرائق، وبخاصة الصواعق التي يمكنها أن تتسبب بالحرائق أو بحمم البراكين في المناطق البركانية… فإن عنصر تغيير المناخ وارتفاع حرارة الأرض والخسارة المتوقعة أمام عدم القدرة على الحد منها لدرجتين، كما كان الهدف في مؤتمر باريس منذ سنوات، بسبب عدم الانتقال إلى الطاقة المتجددة، وعدم الالتزام بتخفيض الانبعاثات، وعدم إنشاء الصندوق الداعم للدول النامية… كلها أسباب أدت إلى تراجع منسوب التفاؤل في إمكانية مواجهة ظاهرة الاحتباس الحراري! ولم تشفع الحرب الروسية – الأوكرانية بالبيئة! فنتيجة عدم التزود بالغاز الروسي اضطرت العديد من الدول في أوروبا الغربية والعالم التحول إلى الفحم الحجري الأكثر تلويثاً للكوكب بين الطاقات الأحفورية بثاني أوكسيد الكربون، مما يضمن “خسارة المعركة” المناخية على مستوى الدرجتين!

ويبقى أن مبادرات عالمية وإقليمية يمكنها التخفيف من وطأة الكوارث المناخية المنتظرة، مثل الالتزام بمبادرة “الشرق الأوسط الأخضر” السعودية، إذا ما تمّ تفعيلها كما هو موعود! كما بالتحول الى الطاقات المتجددة بالكامل، مع العلم أن العالم غير مجهز للتخلي عن الغاز الروسي قبل 5 إلى 10 سنوات على الأقل! وذلك لتجنيب البشرية خسارة المعركة المناخية على مستوى 4 درجات، التي يمكنها أن تؤدي إلى كوارث هائلة من ذوبان الجليد في القطبين وفي جزيرة غرينلاند، وارتفاع مستوى مياه المحيطات والبحار إلى ظواهر مناخية مخيفة تؤدي إلى تهجير ونزوح لمئات الملايين من سكان المدن الساحلية الكثيرة المهددة بالغرق… سيناريو أسود متوقع، فهل يتمّ العمل جدياً لتجنبه؟! في الحقيقة، الواقع غير مشجع!

إن منع انطلاق الحرائق في الغابات والأحراج أفضل بكثير من العمل على إطفائها. ويكون ذلك بإجراء عمليات توعية مستمرة عبر المدارس والاعلام والبلديات، كما بتنفيذ عدد من الخطوات الضرورية في الوقاية ومنع انطلاقها، أو في محاولة السيطرة عليها في وقت قصير بعد انطلاقها. لأنها متى انطلقت الحرائق بقوة، فمن شبه المستحيل أحياناً السيطرة عليها من دون تدخل السماء والمطر. ويجب من ناحية أخرى جعل أجهزة الدفاع المدني وأفواج الاطفاء قوى مدنية محترفة ومنظمة وفائقة التجهيز، كما في أبرز دول العالم الحضارية. وهو أمر واجب وضروري، وغير متوفر في لبنان وفي عدد من الدول العربية.

* رئيس جمعية غرين غلوب، العضو المراقب في الأمم المتحدة في البيئة

شارك الموضوع

سمير سكاف

صحافي وكاتب لبناني

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *